رأي ومقالات

خالد حسن كسلا : مسرحية «المفاصلة» هل انتفت دواعيها ؟!

[JUSTIFY]كان هناك جدل بالفعل حول حقيقة المفاصلة التي وقعت بين الرئيس البشير ومجموعة الترابي أو الترابي وحده، إذ كانت جماعته تكونت باستقلال عن الحزب الحاكم بعد ذلك. لكن بالعودة إلى جذور المشكلة نجد أن البشير هو الذي أصدر قراراته بحل المجلس الوطني الذي كان يترأسه حسن الترابي في الثاني عشر من أغسطس عام 1999م، وكانت قد سميت قرارات الرابع من رمضان، لأنها في رمضان ذاك العام صادفت مثل ذاك اليوم. وحل المجلس لم يكن يعني أن تستمر البلاد بدون برلمان، لكن المقصود كان هو مرحلة لترتيب الأمور التشريعية بصورة تجعلها تقف عند حدود السلطة التنفيذية. وكان يمكن أن يستمر الترابي أميناً عاماً للمؤتمر الوطني، لكن صدمة حل البرلمان الذي كان يترأسه جعلته يفكر في تأسيس حزب معارض سماه أول الأمر «المؤتمر الوطني الشعبي» ظناً منه أنه سيكون أداة ضغط قوية لصالح إعادة الأمور إلى ما كانت عليه.

وحينما لم يتحقق له هذا، قامت مجموعة من حزبه بقيادة خليل إبراهيم وأسست حركة العدل والمساواة لتكون إضافة لتمرد دارفور بقيادة عبد الواحد محمد نور وأركو مناوي. والترابي نفسه كان يطلق تصريحات اعتبرتها السلطات أعواد ثقاب للفتنة وكان بسببها يزج في السجن. مثلاً كان يقول :«أشكروا لإخوانكم في دارفور فإن الحريات لا تأتي لا بحلم السلاح».

ومثل هذه التصريحات تفهم السلطات وغيرها أنها تقود إلى تأليب بعض المواطنين مما يتسبب في نسف الأمن والاستقرار. وإذا كانت «المفاصلة» مسرحية، فإن نتائجها إذن عكسية وسيئة جداً. وكذلك إذا كانت فعلاً مسرحية، فإنها بالفعل مطلوبة لمعالجة مشكلات السياسة الخارجية للسودان. وإذا عاد الترابي إلى إخوانه بعد انتهاء المسرحية ذات الفترة الطويلة، فإن الحكومة ستحتاج إلى أخرى، لذلك أفضل لها أن تستمر هذه المسرحية إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. فالبلاد كذلك مع الحكومة دائماً في حاجة إليها.. غير إنها تسببت في ما تسببت فيه.. ولا ننسى قتل الطالبة في مرحلة الثانوي بالفاشر «رشا عبد الله» التي سقطت ضحية تظاهرة أشعلها المؤتمر الشعبي، ولا ننسى إطلاق النار على الشرطة من تظاهرة خرجت من جامعة السودان بعد ندوة تحدّث فيها القياديان بحزب المؤتمر الشعبي إبراهيم السنوسي و «وقتها» بدر الدين طه، والأخير طبعاً خرج من حزب الترابي ضمن موجة الخروج التي انتظمت الحزب.

والسؤال هنا هل الذين خرجوا من حزب الترابي وهم في قامات محمد الحسن الأمين وبدر الدين طه والحاج آدم يوسف، هل كان خروجهم تعديلاً في سيناريو المسرحية؟! وهل مثل كمال عمر بطل من أبطالها أم كومبارس أم «موظف نافع» وإن شئت قل «م. ن»؟!

ثم يأتي خبر تشكيل لجان حزب الترابي للتفاوض مع المؤتمر الوطني، وهو يتضمن خلاف شعار إسقاط النظام الذي طالما ردده الأوّل من خلال أمينه السياسي كمال عمر. ويقول نائب أمين عام الحزب عبد الله حسن أحمد إن حزبه عكف على تشكيل لجان لدراسة ووضع مبادرة للدخول في مفاوضات مباشرة مع الحزب الحاكم. والسؤال هنا هل هذه المفاوضات تأتي إسدالاً لستار المسرحية أم اليأس من إسقاط النظام جاء إلى بقية عضوية الحزب متأخراً بعد أن أصاب المجموعة المهمة التي خرجت فرادى؟!

إن واشنطن في بداية الأمر كانت تود أن يحكم السودان المتمردون، لكن حينما رأت أن آفاقهم السياسية ضيقة جداً وانهم سينهزمون من الجماهير، تركت السودان وشأنه من ناحية الحكم، وأبقت على العقوبات وتمويل المتمردين لزعزعة الاستقرار، وفهمت أن ذهاب عمر البشير وعلي عثمان يعني مجيء الصادق المهدي والميرغني، وهي تنظر إليهم من زاوية ما يمكن أن يدل عليه المثل السوداني القائل «كله عند العرب صابون». والحركة الإسلامية وحزب الأمة والاتحادي الديمقراطي كل هذه الكيانات في نظر أمريكا مهيأة لخدمة الإسلام على حساب العلمانية والعولمة والصليبية العالمية والصهيونية.

لذلك لا داعي ليكون مصير حكومة البشير مثل مصير حكومة صدام التي هددت وجود إسرائيل وبثت التفاؤل في نفوس المسلمين بسحق إسرائيل حقيقة لا شعارات نفاقية، وقد وصلت صواريخ صدام إلى عمق الكيان الإسرائيلي. لكن ألا يعني إنهاء مسرحية المفاصلة استعداء الغرب بصورة أسوأ؟!. أي هل انتفت دواعي المسرحية؟!

صحيفة الإنتباهة
ع.ش[/SIZE][/JUSTIFY]

‫2 تعليقات

  1. وهل السودان الحالي هو ما كان يحلم به المؤتمرون الشعبيون و الوطنيون حتى يسدل الستار على المسرحية البايخة؟؟؟؟؟؟ إن كانت الإجابة بنعم فتلك مصيبة وإن كانت الإجابة بلا فالمصيبة أعظم، ونسأل الله أن يلطف بالسودان و أهله

  2. (المرفعين بعرف محل يعضي اخوه .. مثل دارفوري)
    (البتغلبو العبو .. مثل مصري
    فهكذا الكيزان في صراعاتهم، يتفنون في ايذاء بعضهم البعض بلا رحمة ولا وازع من دين او خلق لدرجة التخوين والافتراء، ولكن ما يحمد لهم انهم لا يستخدمون اية مرجعات دينية بل يتناسونها تماما، ويدخرونها للاخرين من قبيل زندقة الصادق وتكفير نقد. وهو ما يؤكد بان كل صراعات الكيزان ليست لله وانما للسلطة والجاه، شأنهم شأن كل الاحزاب العقائدية من شيوعية او بعثية وبذات الآليات العلمانية من تخوين وقمع واقصاء. فالقارئ للمقال يرى انه لا يختلف عن اي مقال لبعثي او شيوعي يكايد الفصيل المنشق من ذات الحزب.
    لكن الاسوأ والاكثر خطورة يتمثل في عدم اكتراثهم بالتبعات الكارثية لصراعاتهم على السودان الوطن، فهو في آخر اهتماماتهم. فالدور الكارثي للترابي في تأجيج وتسعير الحريق في دارفور، لا يخلو من بعض الوجاهة وعلى ذلك قس. فالسياسات والاستراتيجيات التي انتهجتها الانقاذ من يومها الاول لم تكن تستهدف خير البلد بقدر ما كانت تكرس لسلطة الكيزان وبأي ثمن واكرر باي ثمن. ومن هنا شهدنا الخراب المدمر باسم الصالح العام والتمكين للفشلة والعاطلين من الكيزان مما دمر الاقتصاد والتعليم والعلاقات الخارجية والبطش والقمع بوأد الحريات وقفل قنوات التعبير من نقابات واتحادات واحزاب ومن ثم انتعشت الجهويات والقبليات والعنصريات كقنوات بديلة لضرب هذه بتلك مما فكك عرى الوحدة الوطنية واستعر الغبن ليعبر عن نفسه في تمرد وثورات التخوم. ويكفي دليلا على اولويات الكيزان ما قال به اخيرا الزبير بتاع الحركة الاسلامية من انهم لن يوافقوا على حكومة قومية لكي لا يفعل بهم ما فعل برصفائهم في مصر. مع العلم بان كل الشعب السوداني يتطلع لتوافق شامل عبر حوار شفيف بين مكونات الوطن، مما لا يستبعد معه اتفاق الجميع على حكومة انتقالية. فما الذي يمنع الكيزان من الموافقة على ذلك فرضا؟ انها المصلحة الحزبية الضيقة، فهم كما كل العقائديون لا يفهمون كيف يعملون كفصيل من فصائل المجتمع، خاصة بعد ان ذاقوا حلاوة السلطة وأدمنوا الرضاعة من ثدي الحكومة .. حتى لو هرب كل اطباء السودان، فهم لا يتعالجون الا في لندن والاردن واوروبا وبتذاكر الدولة.
    الوحدة الوطنية واستعر الغبن ليعبر عن نفسه في تمرد وثورات التخوم. ويكفي دليلا على اولويات الكيزان ما قال به اخيرا الزبير بتاع الحركة الاسلامية من انهم لن يوافقوا على حكومة قومية لكي لا يفعل بهم ما فعل برصفاءهم في مصر. مع العلم بان الساحة تبشر بحوار شفيف بين مكونات الوطن، مما لا يستبعد معه اتفاق الجميع على حكومة انتقالية. فما الذي يمنع الكيزان من الموافقة على ذلك فرضا؟ انها المصلحة الحزبية الضيقة فهم لا يتعالجون الا في لندن والاردن واوروبا وبتذاكر الدولة.