حوارات ولقاءات

الدرديري محمد أحمد: نيفاشا مفخرة التجربة السياسية في السودان

[JUSTIFY]عتبة أولى
أحد صانعي ومهندسي اتفاقية السلام الشامل مع الجنوب.. يتصف بالحنكة والهدوء والذكاء والدقة، وهي صفات قلما تجدها في شخص عادي، ولكنها تظل سمات أساسية للمفاوض الماهر.. لا يتحدث كثيراً، لكن عندما يعلق تأكد أنك أمام كلمات موزونة وفي مكانها ووقتها المحدد. اختفى الدرديري محمد أحمد عن المشهد السياسي بالبلاد فترة من الزمن اعتبرها استراحة محارب بعد الاتفاقية التي وصفها بأنها مفخرة للتجربة السياسية السودانية.

بعد الغياب التقينا الدرديري وناقشناه في نيفاشا وعن الثغرات التي أثبتها التطبيق العملي للاتفاق. فتحنا معه ملف أبيي واستعصائه على الحل حتى الآن، وتطرقنا معه للوضع السياسي الراهن بالسودان بعد توليه منصب أمين العلاقات الخارجية بالمؤتمر الوطني. قدم شرحا وافيا ومفصلا عن الأحداث الجارية بالبلاد. وببراعة المحامي دافع عن نيفاشا بكل الحجج والبراهين، ولم يقبل حديث من ينتقدونها، وكان اعترافه الوحيد أن أكبر أخطاء الاتفاقية أنها تأخرت لأكثر من خمسين عاما. وفي ما يلي إفاداته لنا.

* الدرديري محمد أحمد وفترة من عدم الظهور، ماذا كنت تفعل؟

– كانت استراحة محارب أعقبت مشوارا طويلا بدأ بالتفاوض حول اتفاقية السلام الشامل، وتواصل لتنفيذ تلك الاتفاقية، لاسيما في ما يتعلق بملف أبيي. عند توقيع اتفاقية أديس أبابا للترتيبات الانتقالية لأبيي في 20 يونيو 2011 التي انتهى بها التفاوض حول أبيي فيما دون المستوى الرئاسي استأذنت الأخ الرئيس في أن أذهب في أجازة قصيرة لإكمال رسالة الدكتوراه في بريطانيا، وعدت في نوفمبر الماضي.

* في هذه الاستراحة بالتأكيد نظرت إلى نيفاشا وأحدثت مراجعات حولها. فبعد مرور الزمن ثبت أن نيفاشا كانت بها أخطاء فهل رأيت أخطاء الاتفاقية بعد التطبيق؟

– أعتقد أن الخطأ الكبير هو أن تلك الاتفاقية تأخرت ربما خمسين عاما، وكان من المفروض أن تأتي منذ وقت مبكر… منذ أن التقى في السودان الحزبان الكبيران في 19 ديسمبر 1955 لتحقيق الاستقلال. فقد اتفقنا حينها مع اخوتنا في جنوب السودان على أن نمنحهم وضعا خاصا بهم.. فيدرالية، ولكننا نقضنا ذلك العهد الغليظ الذي هو ثابت في مضابط جلسة البرلمان الشهيرة ذلك اليوم. ومن ثم توالت أخطاء الحكومات المتعاقبة. نيفاشا محاولة جريئه لتصحيح ذلك الوضع، لكنها محاولة متأخرة جداً جاءت بعد أن تضررت مصداقيتنا مع إخوتنا في الجنوب، وبعد أن أريق دم عزيز، وبعد أن أهدرنا وقتاً وفرصاً، وبعد أن اتسعت دائرة الحرب فشملت الغرب والشرق، وبعد أن تأثر نسيجنا الاجتماعي ووضعنا الاقتصادي بذلك كله.

* “مقاطعة”: هل هذا التأخير يتضمن حق تقرير المصير للجنوب؟

– المطالبة بحق تقرير المصير كانت من إفرازات ذلك التأخير وتداعياته. فالنخب الجنوبية لم تطالب بتقرير المصير إلا في وقتٍ متأخر وعلى استحياء. بل جاءت اتفاقية أديس أبابا 1972 خاليةً من أي إشارةٍ لتقرير المصير. فهم اضطروا إلى ذلك اضطرارا بسبب فشل الدولة السودانية في إدارة التنوع ما بين الشمال والجنوب، ونيفاشا أقرت بهذا التنوع وبحق جنوب السودان في إدارة نفسه. غير أنه بسبب مجيئها متأخرة بعد أن اتسع الفتق على الراتق كان أن طرح تقرير المصير رغم أنه لم تكن هناك فرصة مطلقة لتحقيق الوحدة الجاذبة. فلو جاءت نيفاشا قبل توقيعها بخمسين عاما كنت أتصور أنها ستفضي لتحقيق الوحدة الوطنية بين شمال السودان وجنوبه.

* لكن وثيقة نيفاشا نفسها كانت بها ثغرات؟

– هذه الوثيقة مثلت عصارة جهد كبير جدا، وبالتأكيد فيما عدا القرآن والكتب السماوية يمكن أن يقال رأي في أي وثيقة مهما كانت. لكن في تقديري ما يذهب إليه بعض الذين ينتقدون اتفاقية السلام الشامل بعيد كل البعد عن الحقيقة. فهناك انشغالٌ بتفاصيل تلك الوثيقة وإغفالٌ لمراميها الكلية، فهي باختصار شديد قالت: لجنوب السودان الحق في أن يحكم نفسه 6 سنوات كفترة انتقالية، يتم تقاسم السلطة والثروات أثناءها بصورة محددة، ويتم حسم علاقة الدين والدولة بصورة محددة، بعدها يستفتى الجنوبيون على استدامة هذا الوضع بالوحدة أو إنهائه بالانفصال. هذه هي اتفاقية نيفاشا… هذه الثوابت الرئيسة لم تتعرض لنقد حقيقي، ولا توجد أي مآخذ عليها. هذه محاولة تصحيح المسيرة التي جاءت متأخرة.

* هناك أبيي والتي لم تر طريقة للحل إلى الآن، فهل كنتم موفقين في كتابة نص بروتوكول أبيي؟

– أبيي ملف عالق منذ اتفاقية أديس أبابا 1972 التي أقرت بأن يجرى استفتاء في أبيي. والأسباب التي حالت دون إجراء استفتاء 1972، هي ذات الأسباب التي تمنع إجراءه حالياً. ذلك يثبت أن المشكلة ليست في النصوص وإنما في التعامل مع الواقع. فاستفتاء عام 1972 لم يجر لأنه كان قاصراً على من هم جزء من النسيج الاجتماعي الجنوبي فاعترض عليه المسيرية. واستفتاء بروتوكول أبيي لم يجر لأنه شمل كل السودانيين المقيمين بالمنطقة فتملصت عنه الحركة الشعبية وأجرت استفتاءً أحادياً للدينكا نقوك. فإذا ما كانت هنالك شهادة في ذلك فهي أن النص الوارد في برتوكول أبيي عبر عن المصالح التي يرعاها المفاوض السوداني وليس العكس. مهما يكن فالعبرة التي علينا أن نتملاها من ذلك هي أن ينطلق الحل من قراءة مجتمعية للواقع تمنح وقتاً للتبلور وليس من نصوص أياً كانت المكاسب التي حققتها.

* في أوقات معينة تكون أبيي شرارة قوية لحرب بين الشمال والجنوب وفي أحيان أخرى لا توجد هذه الشرارة. هل نستطيع أن نقول إن أبيي مشكلة مصنوعة؟

– هي ليست مشكلة مصنوعة، هي مشكلة حقيقية وتحتاج إلى معالجة حقيقية.

* بعد رجوعك من الغياب دعنا نتحدث عن الأحداث الراهنة ونبدأها بخطاب الرئيس الأخير الذي يراه البعض نقلة على طريق الإصلاح ويراه بعض آخر مجرد تكتيك لكسب الوقت. ما تعليقك؟

– في تقديري أن الرسالة الرئيسة لهذا الخطاب هي أنه ينبغي إطلاق حوار واسع لا يستثني أحدا، وأن يكون هدفه هو استقرار السودان وتطوير البدائل اللازمة لتحقيق ذلك. وقد كان واضحا في خطاب الرئيس التركيز على أن هذا الحوار مستحق منذ انفصال جنوب السودان، لكن إطلاق هذا الحوار تأجل بسبب صعوبات عملية. ومن ثم هو حوار بطبيعته جاء بعد انفصال الجنوب لأنه حدثت متغيرات رئيسة بسبب ذلك الانفصال: الأول منها هو أنه آن للسودان أن يبحث في قضية الهوية بشكل نظري وعملي، وأن يحسم الجدل حول هذه القضية. الآن ليس هناك من سبب يمنع السودان من إدارة التنوع القائم. فالتنوع في السودان بشكله الجديد بعد الانفصال ليس تنوع أضداد رغم أنه لا يزال كبيراً. إذا كان الفشل في إدارة التنوع الذي كان مع وجود الجنوب سببا لحد الحريات في الماضي والحروب الأهلية، فيجب علينا عدم تكرار تلك التجربة. الثاني، ذهب انفصال جنوب السودان بجزء كبير من البترول لكنه كشف عن موارد كثيرة ينطوي عليها السودان. ولذلك وجب على المنشغلين بالساحة السياسية أن يعملوا لتوظيف هذه الموارد لخدمة البلاد، وهذا يحتاج للتواصل مع العالم الخارجي والشركاء، ومن ثم يحتاج إلى جهد وطني. فما أطلقه الرئيس البشير كان نداء لأهل السودان بأننا نمر الآن بمرحلة استراتيجية مهمة، وينبغي أن نواجه فيها جميعا هذا التحدي الكبير، وأن نتناسى الخلافات، وأن نقبل بصدر مفتوح وعقل مفتوح لنصوغ هويتنا ونستثمر خيرات بلادنا.. وأن نوجد الحوار الذي يؤدي في النهاية إلى التوصل إلى دستور متفق عليه، وللتوصل إلى وضع متراضىً عليه في الانتخابات القادمة.

* ولكن الناس لم تستوعب ما تقوله وكان هناك رد فعل سلبي على الخطاب؟ هل تعتقد أن الرسالة التي جاءت بالخطاب التقطها الشارع بالفعل؟

– أعتقد أن ما حدث هو العكس تماما. تلقى الشارع الرسالة بقوة، وحضور الاخوة رؤساء الأحزاب المختلفة كشهود لخطاب الرئيس، وردود الفعل التي انعكست في الصحافة السودانية بعد اللقاء مباشرة، وانعكست أيضا في الصحافة الأجنبية، كلها مؤشرات إيجابية تؤكد أن الرسالة الرئيسة لهذا الخطاب قد وصلت تماما، وأدرك الجميع أنها رسالة مسؤولة، وغير مسبوقة، ولها ما بعدها.

* حضور شخصيات بحجم الترابي والمهدي وغازي للخطاب كيف تم إقناعهم هل كان هناك حوار معهم قبل الخطاب لإقناعهم بالحضور؟

– كان هناك بالتأكيد تمهيد للخطاب مع بعض القوى السياسية المهمة في الساحة السودانية، لكن في تقديري أن الحوار في شكله الكلي والكبير ينطلق الآن بعد ما جرى في يوم الخطاب.

* هل ترى أن الحراك والتواصل الذي حدث بعد الخطاب يمثل خطوة على الطريق؟

– نعم بالتأكيد الآن هناك حراك واسع على الساحة السياسية، بدءا باللقاءات الحزبية الكثيرة التي ليس المؤتمر الوطني طرفا فيها كلها بالضرورة. وكذلك اللقاءات التي تتم على مستوى المثقفين والنخب. فهناك حراك الآن لم نشهد مثله إلا في عام 2005، عندما حضرت الحركة الشعبية إلى الخرطوم. هناك إحساس كبير بأن هناك تحولا جديدا، وأن هناك رغبة في إيجاد وضع جديد يتم فيه حوار واسع، ويؤدي إلى محصلة أكبر.

* هناك محاور أخرى وفق وثيقة الإصلاح بالمؤتمر الوطني غير الحوار منها السلام. ما هي رؤية الحزب لهذه القضية؟

– السلام محور ظل الحديث يتردد فيه منذ فترة طويلة. ما قدمه الرئيس من مؤشرات في الخطاب كان دعوة لبلورة كل هذه الرؤى ضمن نسق يجمع عليه. ومن ذلك أننا على استعداد للجلوس مع الحركات التي تحمل السلاح في حوار تحت مظلة الحوار الوطني، بمجرد إقبالها على فكرة الحوار.

* هل الوثيقة مازال بها محاور لم يعلن عنها؟

– هي وثيقة شاملة وتحوي كثيرا من القضايا التي ربما تكون موضوعا للحوار، باعتبار أنها وثيقة لإصلاح الحزب والدولة. لكن في تقديرنا ما قدمناه الآن يمثل المسائل التي يمكن أن يجمع السودانيون على أهميتها من حيث أن لها أولوية خاصة. ليس هناك ما يمنع من إضافة أجندات أخرى سواء بواسطة المؤتمر الوطني أو غيره من القوى السياسية في أي وقت من الأوقات.

* هناك من يرى أن المؤتمر الوطني لو كان جادا في الحوار الوطني ما كان أخرج غازي صلاح الدين بهذه الطريقة. ماذا تقول؟

– دار حوار كبير وانعقدت لجان حول ذلك متعددة، ودار حوار على مستوى قيادي داخل الحزب سبق خروج د. غازي وإخوانه وأعقبه. مهما يكن في تقديري شحذ خروج د. غازي صلاح الدين من الحزب العزيمة في المضي في الإصلاح.

* توليت منصب أمين العلاقات الخارجية في المؤتمر الوطني ونريد أن نعرف منك مغزى زيارة وزير الدفاع إلى القاهرة في هذا التوقيت؟ هل هو اعتراف ضمني بما حدث في مصر؟

– ظلت العلاقة بين السودان ومصر باستمرار قائمة على ما يجمع بين شعبي وادي النيل، وعلى مصالح هذين الشعبين وليس على العلاقة بين الحكومات. تأكد ذلك في عهود مختلفة. لم يكن أبدا السودان على وفاق مع نظام مبارك، لكن ظللنا متفقين معه في فتره حكمه على هذه المصالح. هذه المسائل ظلت بطبيعتها تسمو على الحكومات، وترتبط ارتباطا وثيقا بالعلاقة الأزلية بين شعبي وادي النيل. يمكن أن تقولي ظلت العلاقة كما هي الآن منذ الثالث من يوليو الماضي بعد عزل الرئيس مرسي. حينها أعلنت الحكومة السودانية فورا أنها تعتبر ما يحدث في مصر شأنا داخليا، وأنها ترجو أن تستقر مصر في أسرع فرصة. وكانت زيارة وزير الخارجية المصرية الأولى للخرطوم. فهناك تنسيق جار حول المسائل الرئيسة مثل سد النهضة، ولا يزال. مصر كانت مشغولة بوضعها الداخلي، الآن صارت تنحو إلى الاستقرار، ومن ثم كان تقدير القيادة السياسية بالخرطوم أنه آن الأوان لأن يزور مصر وزير الدفاع وتعقب تلك الزيارة زيارات أخرى.

* ولكن هناك اتهامات بأن الخرطوم كانت تدعم نظام مرسي ولذلك لن تطور علاقتها بالقاهرة؟

– هذه الاتهامات ظلت تتردد منذ فترات في أجهزة الإعلام لكنه لم يقدم دليلا واحدا يسندها. كانوا يتحدثون عن أن مرشد الإخوان المسلمين لجأ للسودان، وظهر بعدها أنه كان في القاهرة. وثبت بعدها بالبرهان أنه لم يحضر أي من قيادات الإخوان للسودان.

* وبالنسبة للعلاقات مع جنوب السودان، البعض أخذ على الخرطوم الانحياز إلى طرف على حساب طرف في الصراع الدائر بالجنوب الآن؟

– لا تكون العلاقة بين الجيران سليمة إذا كان أحدهما يتدخل في شؤون الآخر. يريد السودان أن يبني علاقته بجنوب السودان على هذا الأساس الثابت .وقد تكون هناك بحكم الاعتبارات والعلاقات التاريخية الطويلة بجنوب السودان بعض الرؤى والملاحظات للخرطوم على ما يحدث بجوبا والعكس، لكن ينبغي ألا ننسى أن جنوب السودان الآن صار دولة مستقلة ذات سيادة، وينبغي علينا أن نتعامل مع من يحكم هذه الدولة، وفقا للأعراف الدولية التي تحكمنا. في تقديري زيارة الرئيس البشير إلى جوبا أعطت هذه الرسالة بقوة، وأكدت أن السودان يقف مع جوبا، وأن موقفنا معها لا يعني تدخلا في شؤونها الداخلية. أما في ما يتعلق بتسوية النزاع فإن السودان يقف موقف الوسيط بالمشاركة في اللجنة الثلاثية للإيقاد التي تقود الوساطة.

* أنت من الشخصيات الأكثر خبرة بالجنوب فهل لك أن تقرأ لنا مستقبل هذا الصراع وتوصيفه؟

– هو صراع سياسي لكنه بعد فترة وجيزة من انفجاره اتخذ منحى إثنيا أو عرقيا. بالتأكيد تتحكم في الجنوب أجندات القبيلة، وهذه مشكلة سوف تؤرق جنوب السودان، وسوف تكون حاضرة باستمرار في أي صراع سياسي. لكن الحديث الآن بأن هناك حربا أهلية بين الدينكا والنوير كقبيلتين، أتصور أنه مبالغ فيه. صحيح حدثت بعض التفلتات، لكن في تقديري يدرك الطرفان خطورة هذا المنحى، ويحرصان على تجنيب بلادهما شر الحرب القبلية التي يكونون أولى ضحاياها إذا ما اشتعلت.

* وما هي توقعاتك لهذا الصراع؟

– أتصور أنه يمكن أن تحتوى الأزمة في شكلها القبلي المتطرف، ولكن ستظل في شكلها السياسي كصراع بين غرماء تحتاج إلى بعض الوقت لتهدأ.

* وما قراءتك للتدخل الأوغندي في الصراع؟

– هذه المسألة تدعو لقلق شديد. فالتدخل الأوغندي في الجنوب خطير، ونأمل ألا يصل بالأزمة إلى مرحلة تجعلها صراعاً دولياً إقليمياً مثل ما حدث في الكنغو الديمقراطية.

* الأزمة في الجنوب خلفت أعدادا كبيرة من اللاجئين إلى السودان، كيف ستواجهون ذلك مع إمكانية أن يأتي اللاجئ بمشاكله؟

– أكدت التجربة أنه بمجرد أن يهاجر الإنسان الجنوبي إلى السودان، تتماهى شخصيته تماما، ويتم التعامل معه باعتباره جنوبيا بقطع النظر عن قبيلته. دعوة البشير للجنوبيين إلى دخول السودان، والعودة إلى مواطنهم القديمة وليس الاقتصار فقط على معسكرات اللاجئين في الحدود، وجدت قبولا كبيرا من الجنوبين. فهذا العامل الجنوبي الذي يعمل معي كان يعمل معنا قبل الانفصال، وذهب إلى الجنوب بعد الانفصال، وعاد مرة أخرى ووجد وظيفته شاغرة، وعاد إلى وظيفته، وعادت معه أسرته. وهذا ينطبق على كثيرين من الجنوبيين، فهم في الخرطوم لا يعاملون على أنهم من قبيلة محددة. وفي تقديري للسودان ميزة كبيرة تساعده في تهيئة الأوضاع لإدارة ما يجري في الجنوب بشكل يؤدي إلى إنهاء هذا الصراع. نحن حريصون غاية الحرص على هذه المسألة، فإذا كنا في السابق بسبب ظروف الصراع حريصين على بترول الجنوب، فنحن الآن حريصون أكثر على أبناء الجنوب وحريصون على عدم إراقة الدم بالجنوب. حريصون على دولة جنوب السودان ونسعى بكل ما بوسعنا حتى لا تنهار.

* ولكن أزمة اللاجئين ستخلق مشكلة لوجستية فالسودان ليست لديه إمكانات لاستقبال هذا العدد الضخم؟

– بالتأكيد هناك مشاكل كثيرة، والسودان ليس لديه ما يعينه اقتصاديا، لكن هذا هو قدرنا، فالسودان ظل باستمرار هو منطقة الضغط المنخفض التي تجذب اللاجئين. لدينا الآن لاجئون بالخرطوم من إثيوبيا وأفريقيا الوسطى ومن تشاد، فضلا عن الإخوة العرب الذين وصلوا حديثا بعد موجات الربيع العربي، وظل السودان مضيافا بطبيعته.

* هناك جولة من التفاوض مع قطاع الشمال في الأيام القليلة القادمة هل هناك تفاصيل أكثر حول هذه الجولة؟

– هي جولة نؤكد فيها على ثوابت أساسية: أنه بالرغم من التقدم العسكري الذي يحرز على الأرض فنحن ملتزمون بالتوصل إلى تسوية شاملة للنزاع، وباحترام منبر الاتحاد الأفريقي، والعمل من خلاله، ومستعدون للدخول في حوار مباشر، يمكنهم من الالتحاق بالحوار الوطني.

* ما هي أجندة هذا اللقاء؟

– مسائل التفاوض الثلاث كلها مطروحة، ولا تزال المشاورات جارية مع الأطراف المختلفة لتحديد أجندة هذه الجولة.

* ما جرى في شمال كردفان. ما هي دلالة ذلك في تقديرك؟

– بدأت هذه المجموعات كميليشيا، لكننا مطالبون بإدماج كافة الميليشيات في القوات المسلحة. هذه الميلشيات أدمجت في القوات المسلحة، وفقا لبرنامج إعادة الدمج ودربت وتم تأهيلها لكي تؤدي مهامها بعيدا عن المواجهة القبلية، ومن ثم شاركت في مواقع أخرى من القتال بجنوب كردفان على وجه الخصوص.

* وما رأيك في الحسم الذي فعلته ولاية شمال كردفان تجاه هذه المجموعات؟

– حدثت تفلتات وهي متوقعة من قوم خلفيتهم العسكرية هي ما ذكرت. لكن بالتأكيد الدولة قادرة على إعادة لكل ذي حق حقه وقادرة أيضا على ضبطهم بما يمنع هذه التفلتات.

* سؤال أخير: هل ندمت على نيفاشا؟

– أؤكد أنني مقتنع بهذه الاتفاقية وأعتبرها مفخرة التجربة السياسية السودانية، وأنها صححت أخطاء النخب السياسية منذ الاستقلال حتى اليوم، وأنه ليس بالإمكان أبدع مما كان

صباح موسى: صحيفة اليوم التالي [/JUSTIFY]

‫3 تعليقات

  1. سؤال للسيد الدرديرى هل اوقفت نيفاشا الحرب…هل حفظت نيفاشا لباقى اقاليم السودان حقهافى نتاج الاستثمار فى البترول بالجنوب…هل حسمت قضية الحدود حين اقرت للجنوب بان ينفصل…نيفاشاسقطه كبرى فى تاريخكم ولعنة لازالت تداعياتها تجر البلاد من مأزق لآخر… احسب انكم كنتم تسعون لامجاد شخصية ولم تضعوا نصب اعينكم ان ماوافقتم عليه سيكون وبالا على اجيال متصله….اعطيتم الجنوب حق تقرير المصير بعد فترة انتقاليه خمس سنوات وماذا تساوى خمس سنوات فى عمر الشعوب والامم….ذهب الجنوب باهم مشروع اقتصادى كان هو المعوق الاساسى له ولكثير من المشاريع التى كانت ستكون خيرا على كل السودان ….والكثير الذى يمكن ان يقال عن هذه الاتفاقيه غير المنصفة ….

  2. يا راجل يا تعبان قول كلام غير ده ” هل تفتكر الشعب السودان أهبل ولا يفهم في السياسة ” إذن أنت جاهل ولا تعرف عن السياسة شئ ” نيفاشا كل سوداني يعرفها بأنها إتفاقية الذل والهوان ” أسأل الطيب مصطفي ” إتفاقية جلبت لنا الذل والهوان ولم تحقق أي شئ للسودان بل على العكس تم فصل الجنوب بموجبها ” فقدنا ثلث مساحة السودان ” ولم توقف حرب بل الحروب تفاقمت وضاعت هيبة الدولة ولم يتم رفع إسم السودان من الدول الراعية للإرهاب ولم يتم إعفاء ديون السودان ولم يتم الوفاء من قبل المانحين الضامنين للإتفاقية الشؤوم ” وأتت بالمتمردين في قلب الخرطوم بعد أن كانوا في الحدود مع كينيناويوغندا وخارج كل المدن والقري في الجنوب ” من المفترض أن تخجل كونك كنت أحد مهندسي ييفاشا وتعتذر للشعب السوداني “إنت وعلي عثمان” من ضيعتم حقوق السودان في نيفاشا ولم تمسكتم بأي طلب لكانت أمريكا والغرب “تبوس جزمكم ” لتحقيقه لكم ” مثل إعفاء الديون وترسيم الحدود والتعويض عن فقدان البترول بنسبة ثابية لمدة كبيرة من الزمن ، رفع إسم السودان من الدول الراعية للإرهاب ” تقديم منح وإعانات وعمل مشاريع تنموية بالشمال ،” وكان يمكن أن يتحقق كل ذلك ولكن للأسف الشديد ” خرجنا من المولد بدون حمص ولا حتى خفي حنين لم نعد بهم من نيفاشا ..