حزب حركة حكومة
عندما تكثر وتتوالى الحادثات خيراً أو شراً تتجلى ضرورة إحداث وقفة وخط تأمل كمبدأ للمراجعة والتقويم، انتظمت الكثير من الجهات في محاولات الوقوف هذه لعلها تقوم بعض الإعوجاج أو تعدل بعض الخلل بالحذف أو الإضافة، وعندما تكون الوقفة لكيانات كبيرة يصبح الأمر بأهمية عالية، خاصة وإن تداخلت وتقاطعت معها تفاصيل مجموعة كبيرة من المعنيين ومصالحهم وتوجهات حياتهم، انشغل السودانيون في الأيام الفائتة بمتابعة مردود الانعقاد الثامن لمؤتمر الحركة الإسلامية بدرجات متفاوتة.. فالأمر يعنيهم بصورة مباشرة وغير مباشرة، فنظرة واحدة تجاه وجوه أعضاء الحركة الإسلامية تكشف بجلاء أنها ذات الوجوه التشريعية والتنفيذية الممسكة بملف النظام في البلاد، حيث لا تنفك الارتباطات ما بين الحركة والحزب والحكومة، كما يدرك الكل حتى ولو حاول البعض التقليل من هذه النظرة المتعمقة، فلنقل من باب التسليم لا غضاضة أن ترادفت المرجعيات مع آليات الأخرى.. لكن تبقى العلة كون أن الخط الذي أوتيت البلاد من خلفه حينما ذهبت أرض مسلمة أو هي أقرب للإسلام الى خارج الخريطة والجغرافيا، فأخلت المناخ القطري من السافنا الغنية والاستوائية الممطرة، هو ذات الخط الذي يبدو أن المرجعيات ستتواصل فيه وليس ببعيد أن تكون معظم الأطراف في البلاد في حالة أقرب للشد والجذب.. الأمر الذي يعني أن الباب لا يزال مفتوحاً أمام مآلات كثيرة بعد أن أصبحت البلاد مستباحة للآلة العسكرية الاسرائيلية، حتى أن العاصمة (محل الرئيس ينوم والطيارة تقوم) أضحت ليست بالهدف العصي على تلك الآلة ودائماً حق الرد محفوظ لحين..
نعم أن تكون هناك حراكات للشورى في أمر الحركة الإسلامية دلائل عافية، فالأمر محمدة حتى وإن لم يكن كل الشعب السوداني ينتمي للحركة، أو كما يقول الحال الغالبية مسلمة، ولكن كثيرين لا يقفون تحت لواء الإسلاميين، خاصة وأن هناك رؤى حاضرة على المستوى العالمي تصف الإسلام الى مسميات روجت لنشر مصطلح الإسلام السياسي حتى أنه- أي المصطلح- بات خصماً على جوهر الإسلام الذي هو قيم حياة متكاملة ودستور ومنهاج لها، عول الكثيرون على أن يكون أعلى طاولة المؤتمر الثامن (الموطن البسيط محمد أحمد)، الذي تهزمه معافرة الحياة الاقتصادية غير الجاذبة بالبلاد، حتى صار صديقاً لحراس بوابات السفارات حتى ولو كانت لدول لم تستقر أو تهدأ الأوضاع فيها، نعم نحن بحاجة الى تنظير وأدبيات ولكن الشواهد والدلائل تقول إن الصورة الزاهية المرسومة للحركة الإسلامية بالخارج أنضر وأكثر اشراقاً على قلب المواطن الذي بات لايفرق ما بين الحركة والحزب والحكومة، وليس بغريب أن يختلط ذات الأمر على رئيس المؤتمر ذات نفسه.. ازدانت ردهات وقاعات قاعة الصداقة ببياض الجلاليب السودانية والثياب البيضاء، ونحن نعرف أن السودانيين عندما يعمدون للبسة التقليدية فإنهم يكونون في وضع الاعتزاز بقوميتهم وبسودانيتهم فهل اطرت الحركة الإسلامية في أطروحاتها التعزيزات القومية التي نحسها في الواقع الفعلي لا على خيال الشعارات والبشريات والأمنيات.
نعم لم يكن المؤتمر إلا حراكاً في ظروف عصيبة واستثنائية لبلاد تحاول الخروج من أزمات اقتصادية واختلافات داخلية، حدت بالبعض على حمل السلاح في وجه النظام حتى بات بعض الأخوة في جبال النوبة مثالاً شتاتاً ما بين التمرد وولاء السلطة.. نعم السودان ليس بمعزل عن دول العالم حتى ينكفئ على حشاشاته، ولكن هناك أولويات داخلية تمليها عليه الظروف الأمنية والاقتصادية والاجتماعية، أن تكون أولى أجندته الحاضرة ومن ثم الانطلاق الى المحيط من حوله.
آخر الكلام: ليس تعصباً لعنصر المرأة، ولكني أحيي الأستاذة سناء حمد التي أدارت جزئيتها باتقان، ولا نتجاوز التنظيم الذي أدار أيام المؤتمر بشيء من دقة الشباب، حتى وإن لم تتجدد الوجوه المألوفة فربما قال الزمن كلمته حبذا لو كانت المشاركة للكيانات الداخلية أكبر من الخارجية لعلها كانت مؤشراً للانفراج..
[LEFT]مع محبتي للجميع..[/LEFT] [/JUSTIFY]سياج – آخر لحظة
[email]fadwamusa8@hotmail.com[/email]