واشنطن تبحث فى أديس أبابا ما لم تجده فى الخرطوم !
قد يقول قائل إن الرجل ما ذهب الى أديس إلا لكي يشرف على عرقلة المفاوضات، ولكن هذا الزعم لن يصمد طويلاً إذا عرفنا أن أهم خطوة إستراتيجية كانت واشنطن تركز وتراهن عليها في هذه المحادثات هو الحصول على وجه السرعة على إتفاق إنساني يقضي بفتح الممرات الآمنة لإيصال المساعدات الإنسانية الى مناطق تعتبرها واشنطن -وفق تقديراتها- مناطقاً هامة.
ولم تكن واشنطن بطبيعة الحال تنظر الى تحقيق اختراق فى القضايا السياسية والأمنية بقدر ما كان هدفها فقط هو هذا الهدف التكتيكي الكبير والذي فشل تماماً رئيس وفد القطاع ياسر عرمان رغم كل ما استطاع أن يستخدمه من أساليب ومهارات أن يضعه على الطاولة دعك من أن يفاوض عليه.
من المؤكد أن المبعوث الأمريكي الخاص كان وجوده هناك وجوداً داعماً لهذا التكتيك الأمريكي والذي عن طريقه سوف يتمكن فى وقت لاحق من الحصول على تأشيرة دخول الى الخرطوم باعتباره هذه المرة مشرفاً على فتح الممرات الإنسانية وإيصال المساعدات الى مناطق النزاع في جنوب كردفان والنيل الأزرق.
كما كان من الممكن أيضاً -إذا سارت الأمور كما ينبغي- أن ينجح فى أن يصبح -أي المبعوث الخاص- محوراً للمفاوضات بين الجانبين على غرار سلفه الأسبق روبرت زوليك إبان مفاوضات نيفاشا بين الحكومة والحركة الشعبية فى العام 2005م.
ولعل من الملفت للانتباه هنا أن المنهج الأمريكي الذي جرى إتباعه فى نيفاشا التى أفضت بدورها فى خاتمة المطاف الى قيام دولة جنوبية، يبدو هو ذات المنهج الذي تترسم واشنطن خطواته فى طريقة تعاملها مع قضية المنطقتين، كما أن كل هذا الأمر مخطط له وجرى الإعداد له مبكراً فى الإستراتيجية الإسرائيلية الشهيرة الهادفة الى تقسيم السودان الى 5 دويلات.
إذن نحن أمام مسيرة شاقة مطولة من الأحابيل والألاعيب الأمريكية المدخل إليها هذه المرة قضية المنطقتين وقطاع الشمال، ولهذا فإن الحكومة السودانية التى لا يخفي عليها هذا الوضع المثير للقلق فى حاجة ماسة لاستحداث طريق قصير مختصر يوصلها الى أهل المصلحة الحقيقيين فى المنطقتين بأسرع وسيلة ممكنة ليس فقط لتلافي الخطط الأجنبية الخطيرة المعدة بعناية فحسب ولكن أيضاً لتفادي تكرار سطور التاريخ بهذه السرعة وبكل هذا القدر العجيب من التطابق المذهل.
سودان سفاري
ع.ش
وستجده بسياسة النفس الطويل مع الحكومة المنبطحة المنبرشة التى عرفت من أين تأتيها ؟