فدوى موسى

الاستعلاء العرقي


[JUSTIFY]
الاستعلاء العرقي

دائماً ما يكون الأمر المتعلق بالأعراق والأجناس في بلادي ميالاً للتسطير في كتب (المسكوت عنه) أو الممنوع من التصريح به من باب أن الأمر ينطوي في حشاشاته على كثير مرارات ومفاهيم لها دلالاتها على الواقع الاجتماعي بشكل مباشر.. بدءا استوقفني مجهود صحفي عالٍ بذل في القاء الضوء على هذه الجزئية من جانب علمي، أشكر عليه (مجلة الرأي الدولية) التي طرقت الموضوع من جانب يعزز ويؤهب لعودة الإحساس بالقومية السودانية، فقد أفادتنا المادة المنشورة بعددها الأول أن عالمين يعملان في معهد الأمراض المستوطنة توصلاً الى فرضية لحسم جدلية العرق السودانية التي توصد الباب في وجه الكثير من التفاصيل الحياتية بتعميقها لهوة المواطنة الحقيقية تقول نتائج الدراسة إن الهوية السودانية سواء كانت عربية أو افريقية تقود للنوع البشري الموجود الآن القادم من منطقة بأفريقيا تحديداً ما بين السودان وأثيوبيا، بناء على اكتشاف مومياء، إذن هذه الدراسة لمنتصر وهشام تريد أن تقول إن هناك تشابهاً كبيراً بين الجينات الوراثية للقبائل السودانية، مما يعضد أن الوحدة جاذبة من جانب علمي ففي ذلك الأمر تأكيد على مقاربة العلاقة ما بين النوبة مع أعراق غرب السودان كذلك جنوبه، من ناحية دينية فهذه الدراسة تذهب لهزيمة أسطورة النقاء العرقي الحامي ما بين البيض والسود، كما تزعم أن انتساب السودانيين لعنصر وراثي واحد ليس صحيحاً من ناحية علمية، ولكن ربما لأسباب ثقافية أو سياسية استناداً على نتائج استخلاص الحمض النووي لعينات عرقية أثبتت خلالها أن الشجرة الوراثية متنوعة العلاقات الجينية بين العائلات اللغوية الآفروآسيوية أوالنيلية الصحراوية أو النيجركردفانية وتقول الدراسة إن هذه الحصيلة جاءت نتيجة دراستها لفترة امتدت من العام 2003 -2008 كمحاولة لأرشفة علمية لقراءة التاريخ من خلال استخلاص الحمض النووي الـ(دي.. ان.. ايه) وأهم خلاصة انه لايوجد نقاء عرقي وإنما تراكم لآلاف الجينات..

بالتأكيد أن هذه الدراسة أثارت وتثير لغطاً وجدلاً كبيراً في داخل وخارج البلاد، باعتبارها أول دراسة تتم بواسطة باحثين سودانيين داخل البلاد، خاصة في ما يتعلق بمصطلح (عربي) الذي يراه البعض معياراً للنقاء العرقي حيث ترى الدراسة أنه مصطلح يطلقه البشر على أنفسهم مثل أوربيين وأفارقة يهود لا يحمل أي دلالة بيولوجية بقدر ما يحمل من مدلولات تاريخية ارتبطت بالعرب الى عاربة ومستعربة وعرب بائدة كدلالة شفاهية.

عزيزي القارئ بالتأكيد هذه الدراسة تثير وستثير الكثير من الجدل واللغط لاعتبارات تتعلق بتراكمات ثقافية تشبعت بها المجموعات السكانية أين كان مسماها، فقد فصلت تفاصيل حياتية كثيرة ترتبط بالعرق والجنس في بلادنا حتى صارت أقرب الى المسلمات أو الحقائق التي تتقبل الجدال والنقاش، وكان نتاجها بعضاً من الإحن والظلم الإنساني والاستعلاء العرقي الذي جعل هناك درجات متفاوتة ما بين التنافر والتجاذب الإنساني بين المجموعات المختلفة الذي قد يكون مرده الى ظواهر شكلية أو طبائعها تخص المجموعات أو رد التنافر الى اختلافات جوهرية في التعاطي مع الحياة.. المهم في هذه الدراسة أنها تفتح الباب أمام العلم ليقول قولة مستندة على براهين ودلائل لا تقبل أسانيدها إلا القبول بأن الهوية السودانية موعودة بالتعضيد والتمتين إذا ما قبلت تفاصيل التعايش فيها التسليم بهذه النتائج التي تمثل للكثير من المجموعات خطاً أحمر، لا يعبرون بعده ولا يسمحون للآخر أن يتخطاه اليهم.. ثم أنها فرصة كما قالت الدراسة للتوصل لوحدة قومية جاذبة على أساس العلم والحمض النووي الذي أصبح بصمة إنسانية تثبت بها الأنساب والأعراق.

آخر الكلام: بعد هذه الدراسة ينفتح الباب أمام العلم ليقول كلمة غلبت وأعيت جميع السودانيين في التوصل لتعايش سلمي دون استعلاء أو نفور.. شكراً (مجلة الرأي الدولية) على طرق هذا المسكوت عنه وشكراً الأستاذ (محمد الفاتح) ومزيداً من الجهد والفكر لأجل سودان جديد (موحد جينياً)..

[LEFT]مع محبتي للجميع..[/LEFT] [/JUSTIFY]

سياج – آخر لحظة
[email]fadwamusa8@hotmail.com[/email]