جعفر عباس

الموت تكتيكيا ليس إكلينيكيا


[JUSTIFY]
الموت تكتيكيا ليس إكلينيكيا

(أخوكم/عمكم/ صاحبكم (كل شيء إلا جدّكم) على سفر طويل، لظرف طارئ جدا، ومن ثم سامحوه لأنه سيعيد هنا نشر مقالات قديمة بعد تنقيحها، إلى أن يفرجها صاحب الفرج قريبا بإذنه).
تخيل – لا قدر الله – أنك طالب على أعتاب المرحلة الجامعية، ولك شقيق في المدرسة الثانوية، وتعرفان أن والدكما غارق في الديون ثم تستدعيكما أمكما وتقول لكما ان والدكما الغارق في الديون، غرق في البحر وتم العثور على القارب الذي كان يستقله ولكن لم يتم العثور على جثته.. صحيح تعددت الأسباب والموت واحد، ولكن المكلومين بفقد شخص عزيز تكون معاناتهم وأحزانهم مضاعفة عندما لا يتسنى لهم دفن ذلك العزيز بعد وفاته.. هذا ما حدث للشابين البريطانيين مارك وأنتوني داروين.. بكيا فقدان الأب بحرقة، ولكنهما سرعان ما قررا التماسك والصبر كي لا تنهار أمهما التي ظلت تنتحب وتولول لعدة أيام متتالية.. وبعد انقضاء عدة أشهر على وفاة جون داروين غرقا، وبعد ان فشلت عمليات البحث بحرا وجوا في العثور على جثمانه، خاطب الولدان أمهما: يا مامي الحي أولى من الميت.. ووالدي يملك عدة عقارات.. صحيح انه فشل في السنوات الأخيرة في سداد قروض الرهن ولكنك تستطيعين بيعها وسداد الديون وعندك بوليصة التأمين على حياة والدنا الراحل.. وهذه مع تلك ستجعل وضعك المالي متوازنا، مما يوفر لك حياة طيبة، وكلانا بحمد الله لديه وظيفة محترمة وسنقف معك في السراء والضراء.
عملت الأم آن داروين بنصيحة ولديها البارين، وباعت ما ورثته من عقارات واجتمع لديها نحو 900 ألف دولار، وأبلغت ولديها انها قررت الهجرة الى بنما لتبتعد عن البيت الذي يذكرها بالزوج العزيز الراحل، فوافقها الولدان على ذلك، وسافرت بالسلامة حيث اشترت بيتا هناك ثم عادت الى بيت العائلة في بريطانيا بعد نحو ست سنوات، للاطمئنان على ولديها، وتلقاها الولدان بالأحضان، وقبل ان «يشبعا» منها اقتحمت الشرطة البيت واقتادت الأم فاحتج الولدان: أمنا لم تخالف القانون طوال حياتها، فالتفت نحوهما شرطي قائلا: بالمناسبة أبوكم حي وفي ضيافتنا وأظن أنه سيبقى هناك طويلا.. وأغلب الظن أن مامتكم ستنعم بصحبته في السجن.. أصيب مارك وأنتوني بالذهول.. لم يعرفا ما إذا كان ينبغي لهما ان يفرحا لأن أباهما حيّ، أم يبكيا لأن الشرطي قال ان الأم والأب متهمان بجريمة ما.. جلس الولد الكبير، مارك، الى كمبيوتر أمه وقام بعملية تنقيب، وفوجئ بصورة لأمه وأبيه أمام عدد من البيوت في بنما وشيئا فشيئا تكشفت ملامح وعناصر الفيلم الهندي من تأليف آن داروين وإخراج زوجها جون: لا فكاك من الديون واحتمال إشهار الإفلاس سوى بفبركة حادث غرق لجون.. وتمثل آن دور الأرملة المنكوبة وتحصل على قيمة التأمين على حياته، وتلحق به في بنما.. الأب والأم الآن يمثلان أمام القضاء البريطاني.. وشاهدا الاتهام ضدهما هما ولداهما مارك وانتوني.. شخصيا لا اعتبر ذلك عقوقا، فالأب والأم فبركا حكاية سببت للولدين حزنا شديدا لقرابة ست سنوات هي مدة اختفاء الأب.. وكانت خطتهما تقضي بالعيش في بنما.. بلا عيال بلا دوشة.. بمنطق الأب جون: نبعد عن بريطانيا نهائيا.. «خلاص الولدين اقتنعوا أني مت».. وانت تقيمين معي في بنما ولا لزوم لعودتك الى بريطانيا مرة أخرى.. بس هذه المرة روحي بيعي الأثاث والسيارة وباي باي لندن،.. وأقول للزوجين التعيسين: باي باي حرية فقد خسرتموها وخسرتم معها حب ابنيكما لكما.

[/JUSTIFY]

جعفر عباس
[email]jafabbas19@gmail.com[/email]


تعليق واحد

  1. الظروف والاعزار هي الدواعي الحقيقه لعمل تلك الامور هي التي تجبر او تفرض عليك نفسهاوتدعو لذلك ليس من اجل الفرد بل الكل؟ولا اظن المزاجيه وحب الحرمان من الحياة الاسريه التي فيها كلمه بابااو ماما اغلي شئ في الوجود لايباع او يشتري؟و في النهايه انها الديون يا ود أباس قبح الله وجهها وازالها ونزل الغني بدل عنها:confused: آميييين