جعفر عباس

الجلافة لا تسترها القيافة

[JUSTIFY]
الجلافة لا تسترها القيافة

أتذكر كيف قّلّب رئيس تحرير صحيفة عكاظ السعودية الأسبق، الأستاذ عبدالعزيز النهاري عليّ المواجع، عندما كتب عن تجاربه في أربعة مواقع: متجر كبير لبيع الملبوسات لم يكلف أي من العاملين فيه تكليف نفسه عناء مساعدته في تحديد مكان السلعة التي كان يرغب في شرائها، ومصرف لم يكلف حتى رئيس أحد الأقسام فيه الاستماع إلى نوع الخدمة التي يريد، وبائع في معرض سيارات كان مشغولا بمكالمة هاتفية شخصية عن الالتفات إليه، ثم الكاشير الذي تركه ملطوعا أمامه وانصرف بحجة ان موعد صلاة الظهر قد دخل رغم ان تحصيل قيمة المشتريات لم يكن ليستغرق منه أكثر من دقائق معدودة جدا.. وكان بدهيا ان يصرف الأستاذ النهاري النظر تماما عن التعامل مع تلك الجهات وان يستنتج ان الباعة والموظفين في منافذ تجارية كثيرة لا يعنيهم أمر الزبون والعميل، طالما ان رواتبهم ستدخل جيوبهم بنهاية كل شهر، وطالما ان الرقابة معدومة في معظم مجالات العمل عندنا، وطالما اننا نظن ان العمل في مجالي التسويق والمبيعات لا يتطلب أي مؤهلات معينة،.. وهكذا سنظل نتعرض للبهدلة والتجاهل بـ«فلوسنا»
كتبت من قبل عن تجربة مشابهة تعرضت لها خلال زيارتي لمحل ضخم لبيع النظارات في الرياض.. دخلنا المحل انا وزوجتي وكل منا يرغب في شراء نظارة طبية، وكان بالمحل أربعة من الموظفين آخر قيافة وكرافتات، وكانت لكبيرهم كرش عليها القيمة ترتاح عليها الكرافتة في وضع أفقي.. ولأن المحل ضخم فقد سألناهم عن موقع النظارات النسائية، فقال أحدهم من دون أن ينظر الينا: هناك.. لم يكلف نفسه حتى مشقة ان يشير بيده ليحدد لنا أين «هناك» هذه.. وذهبنا إلى أكثر من «هناك»، وعثرنا على نظارة اعتقدنا انها تناسب زوجتي واستنجدنا بأحدهم كي يفتح الخزانة لنتفحصها وتقصي مدى «ملاءمتها» لها فقال: كمان شويه.. قلت له: وليه كمان شويه وانت واقف لا شغل ولا مشغلة؟ هنا تدخل كبيرهم أبو كرش وقال: طول بالك يا سيد.. دقيقة ويكون معاك واحد من الشباب.. وقبل أن يكمل كلامه دخل المحل شاب حسن الهندام بشماغ كوبرا وسأل عن النظارات الشمسية فتوجه نحوه اثنان من التنابلة الذين كانوا بلا شغل ولا مشغلة وفتحوا أمامه خزانات النظارات الشمسية والقمرية والنجومية.. وفرشوا على الطاولة نحو 40 نظارة.. استفزني ذلك وتوجهت نحوهم وقلت لهما بعد ان استأذنت من الزبون الـ«في آي بي»: يا…. أنا وزوجتي نقف هنا منذ عشرين دقيقة ولم يلتفت إلينا أحد منكم.. والآن جاء هذا الشاب السعودي وفجأة تحولتم إلى شعلة من النشاط؟ هل سيدفع سعرا أعلى أم أنه سيعطيكم بقشيشا؟ أم تحسبون أنه سيعطيكم جوازات سفر سعودية؟ كانت المفاجأة أن الشاب التفت نحوي: هل أنت أبو الجعافر؟ يا لمحاسن الصدف.. أنا أقرأ لك وسعيد بلقائك.. وخرجنا من المحل، فواصل تعريف نفسه: أنا من اليمن وأدرس في جامعة الملك عبد العزيز.. قاطعته بإشارة من يدي ودخلت المحل حيث وجدت التنابلة الأربعة يتهامسون وقلت لهم: شوفتو المقلب؟ الراجل طلع أبو يمن.. مش سعودي.. جاءني كبيرهم ماداً يده: معليش يا استاذ جعفر.. اللي ما يعرفك ما يقدرك.. وأنا شخصيا معجب بمقالاتك.. تفضل المحل تحت تصرفك.. منعني بقية من أدب من أن أبصق على وجهه لأنه يصنف كل زبون إلى «نكرة ومعرفة»، وبالطبع لم يشتر ثلاثتنا نظارات من ذلك المحل.

[/JUSTIFY]

جعفر عباس
[email]jafabbas19@gmail.com[/email]

تعليق واحد

  1. الاستاذ المحترم جعفر عباس
    بمناسبة الجلافة يحضرني موقفا مع احد السعوديين حين قال لي انتم السودانيين احسن شعب علي مستوي الامانة والصدق ولكن يعيبكم الكسل
    طبعا تلقائيا الضغط بتاعي ارتفع وعلقت فورا علي ذلك بقولي له(والله الكسل له علاج ولكن الجلافة اعيت الاطباء) ماذا تقول في هذا الرد يا استاذنا الكبير جعفر؟