ما عندنا أكل للحرامية
** وبالتأكيد تعجبك مروءة أهل السودان حين تلامس آذانهم تلك الصرخة وتلك الصفة، فالكل يصبح شرطياً أو صاحب المال المسروق..وكالعهد بهم دائماً في مواقف النجدة، كان شباب الحي ورجاله والمارة عند حسن ظن تلك الزوجة..تسابقوا من كل بيت وشارع إلى مصدر صوتها، وأحاطوا بمنزل أحمد كاحاطة الجيش الحر بمعاقل بشار الأسد، وكانت الزوجة أمام دراها، واللص بالداخل يرتجف ويبحث عن مخرج..فالدخول إلى اللص مغامرة غير مأمونة النتائج، قد يكون مسلحاً، وكذلك في تركه يهرب هوان في ثقافة أحفاد المهدي والتعايشي، فما الحل ..؟؟
** لم يدم تفكيرهم طويلاً، لقد غامر اللص وقفز بأحد أسوار المنزل، وأطلق ساقيه للريح حاملاً – بقوة عين غريبة – كل ماهو غال وخفيف..وعينك ما تشوف إلا الغبار..سباق ضاحية، شارك فيه كل الحي ونصف الحي المجاور، واللص يتقدمهم بمسافة تظهر كل ملامح الوجه حين يلتفت إليهم..وتقزمت المسافة، ثم تقزمت، حتى (قبضوه).. وهنا،عينك ماتشوف إلا النور..كل أنواع الركل وبعض فنون التاكندو، تلقاها اللص مصحوباً بالشتائم والأسئلة المستفزة التي من شاكلة (تاني تجي المولد؟)..وأجلسوه بينهم، وبما سرقه (مالاً وذهباً)، وإتصلوا بأحمد ..!!
** جاء أحمد وشكرهم على مروءتهم، وإقتاد معهم اللص إلى (كشك بسط الأمن الشامل)، وهذا حولهم إلى قسم الشرطة بالكلاكلة القلعة، وهناك دونوا بلاغهم بالرقم (1747)، تحت المادة (174)، وأودعوا اللص في حراسة القسم والمال والذهب – كمعروضات – في خزينة القسم، وغادروا القسم لحين موعد المحاكمة بمحكمة الكلاكلة ..ومن هنا يبدأ التشويق والإثارة، يا سادة العدل والداخلية والشرطة.. بعد أسبوع، إتصلوا بأحمد ليستلم أمواله وذهب زوجته، بحجة (ماعندنا ليها خزنة)، فاستلمها حائراً.. فالعدل يقتضي بأن تلك المقتنيات هي معروضات المحاكمة..وهذا ليس مهماً، تابع – أدناه – ما يدهش كل قوانين الأرض ..!!
** أخطروه بموعد المحكمة (3 يناير 2013)، فذهب في الموعد، ووجد القاضي والحاجب والمتحري والشهود ولم يجد اللص..(فكيناه بالضمانة، ماعندنا أكل للحرامية)، هكذا كان الرد حين سأل القاضي والشاكي عن المتهم .. حسناً، فأين الضامن؟، هكذا سأل مولانا وأحمد؟..(فتشنا عليه وما لقيناه، عايزين جلسة تانية)، هكذا كان الرد..وقد كان لهم ما أرادوا، رفعت المحكمة تلك الجلسة، ثم أعلنت عن جلسة أخرى، كان موعدها (10 يناير 2013)، وكذلك حضر الشاكي أحمد ليجد الكل حضوراً ما عدا (المتهم والضامن).. فسلموه ورقة تكليف بتبليغ وإحضار اللص والضامن – أو أحدهما- يوم (17 يناير 2013)، حيث موعد ( الجلسة الثالثة) ..!!
** أي – فجأة كدة – تم تحويل الشاكي أحمد إلى رجل مباحث مناط به مهمة البحث عن المتهم الهارب تحت ستار (ماعندنا أكل للحرامية)..أوعليه البحث عن ضامن مجهول العنوان..سادتي : وزير العدل، وزير الداخلية، مدير عام الشرطة، بعد التحية والإحترام، أفيدكم بأن الشاكي أحمد لم يعد يبحث عن المتهم الهارب، ولم يعد يسأل عن ضامن مجهول العنوان، بل يسأل نفسه والناس والحياة سؤالاً مخيفاً فحواه : إن كان هكذا حال القانون في عاصمة بلادنا، وهكذا حال أجهزة الدولة المناط بها مهام حماية وتطبيق القانون في عاصمة بلادنا، فما الذي يمنع الناس – في قلب البلد وأطرافها – عن الإحتكام إلى قانون الغابة ..؟؟
إليكم – السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]
آااااااااااااااااااااااااااااااااااااااخخخخخخخخخخ يا بلد