إلى مدني
[JUSTIFY]
الخطو المتسارع والانفاس اللاهثة.. الأبواب والمخارج الشنط والزحمة والناس تموج في صالة الميناء البري.. لم يكن ببال(نهى) الا ذلك الوصول الآمن الى(مدني) حيث اعتادت على تفاصيلها القديمة التي لا تعرف هل هي باقية على ما هي عليه.. فندق يوغسلافيا.. كافتيريا البرعي.. والشاطئ الجميل.. ثم تطبيق البرنامج الذي من أجله تحملت كل الطريق والسفر.. ليعيدها صاحب التذاكر الى أرضية تلك الصالة وهي تتهرب من محاصرة الباعة المتجولين (مدني..مدني) ثم تجد نفسها في البص وثير الكراسي وتنعم برحلة هادئة.. لم تخل من السكينة والهدوء الا بازعاج ذلك الرجل المتصابي الذي يجاورها المقعد(الأخت ماشه مدني؟) ومن الطبيعي أن يكون الرد(آي) «من ناس مدني ولا الظروف هي المودياك؟» (بس الأخيرة دي) الأخت حتأخذ فترة طويلة؟) (لا).. (ممكن أعرف إنتي شغالة وين؟) لترد نهى بآخر نفس« في منظمة..(بالله أنا ذاتي قلت كدا).. (ليه؟).. (يعني ناس المنظمات ديل دائماً مسافرين لكن مالك مسافرة بالبصات العامة؟).. ممكن تعفيني من السؤال دا؟ «معليش يا ستي أنا ذاتي بقول أحسن حاجة تكون في سفرك مع العامة» تمط أطراف شفتيها ببعض امتعاض لكن المتصابي يمارس (الرشاقة).. (تصدقي بالله لحدي هسه ما عرفت اسمك لو مافي فيها حرج نحنا رفقاء طريق.. أنا اسمي حسين وانتي؟).. (أنا نهى.. نهى صبري)..(شكلك يا أستاذة ما غريب عليَّ انتي بتجي في التلفزيون ولا الجرائد ولا أي وسائل اعلام؟).. أنا ناشطة حقوقية في مجال المرأة.. آي.. آي اتذكرت انتو الأيام دي لافين عشان برنامج الوعي النسوي( عليك نور) يعني الشغل وصلنا في الجزيرة يا أستاذة).. والله ما عارفة أقولي ليك شنو لكن عشان ما تمشي بعيد وتتلبسك نظرية المؤامرة أنا ماشة مدني لواجب عزاء).. (المات منو؟)..(أبو صاحبتي)..وين؟ (في شاطوط).. كأنها تريد أن تنهي هذا الثرثار عن التمادي حتى لايدخل في تفاصيل ومعرفة الزيارة لمدني ولكنه عصي على الزحف ووقفة ومواصلاً في سؤاله(يا أستاذة ممكن أدعوك تزورينا في بيتنا في مدني؟ نحن ناس بنحب الناشطين.. ولأنها اعتادت على مواقف مشابهة ثم لا خبث ينطوي في ثنايا هذه الدعوة (خير.. خير يا أستاذ حسين ما أظن ظروفي تسمح لأنو بالكثير ما حأكون قاعدة أكثر من يوم أو يومين وهي تهمس لنفسها(يا ربي دا حدو وين؟) يمر الكمساري ويوزع الوجبة والماء فيخرج حسين من شنطة يده بعض الحلويات والشيكولاتات ويدعوها للمشاركة فتمارس بعض التمنع عاملة «رجيم».. غريبة مع إنو شكلك كدا ما محتاجة لنقصان وزن.. يعني طولك مناسب مع حجمك ما شاء الله يا أستاذة عيني باردة عليك. فتعرف أن ثرثرة حسين «واقعة واقعة» فتحاول أن تغير مجرى الحديث استاذ حسين أنا طولت من مدني ليَّ كم سنة منها كدي وريني الجديد فيها شنو.. والقديم الحاصل ليهو شنو؟ فيخف عن نهى حرج الأسئلة الموجهة من قبل حسين ويدخل في سرد تفاصيل ما طلبت ولم يمر أكثر من ربع ساعة حتى عاد حسين لذات ونسته الأولى مضيفاً بعض الجرأة والتجاسر (يا أستاذة نهى ممكن أسألك سؤال؟).. تفضل.. (ما شايفك يعني متحننة ولا عاملة أي حاجة تدل على أنك متزوجة أو في الأصل ممكن أسألك إنتي متزوجة؟).. (يا سيدي أنا متزوجة وأم لطفلين).. هبطت ونسة حسين الى أدنى حدودها وصار يحاول ان(يلوك) الكلام ويجتره( أها يا أستاذة ودعناك الله وصلنا الموقف لتضحك نهى في سرها على هذا الذي رسم صورة في ذهنه لم تكن حقيقية ولو أنه كان يتابع لعرف الهدف من زيارتها وعرف من تكون!! وعرف سيرتها في الجانب الذي حاول أن يطرق سياجه لكنها تمقت في الرجل الشرقي نظرته لخروج المرأة كأنها للبحث عنه.
آخر الكلام:
نفذت«نهى» أهداف زيارتها كما خطط لها في جدول عمل المنظمة ونيف.. مكثت في مدني عشرة أيام ولم تمر حتى على محطة «شاطوط» وما زال حسين يرابط في الموقف ليعرف حقيقة نهى التي لم تكن إلا ناشطة حقوقية كما قالت..
[LEFT]مع محبتي للجميع..[/LEFT]
[/JUSTIFY]
سياج – آخر لحظة
[email]fadwamusa8@hotmail.com[/email]