جعفر عباس

أجرة الرحم 3 دولارات يوميا


[JUSTIFY]
أجرة الرحم 3 دولارات يوميا
كتبت من قبل عن الشابة التي أتى بها زوجها إلى قطر ثم عاد إلى بلده تاركا إياها وطفلهما بعد أن أغرقهما في الديون مع الفنادق وشركات تأجير السيارات (دون علمهما طبعا) بضمان جوازي سفرهما.. وكتبت أيضا عن الطفل المصري إسلام عمرو الذي انهال عليه مدرس الرياضيات ضربا حتى مات.. ولكن الحكاية التي لا تفارق ذاكرتي، ومازلت احتفظ بتفاصيلها كانت وقائعها في ولاية وهران في الجزائر وأوردتها صحيفة «الخبر» (أمامي قصاصة منها بلا تاريخ) عن امرأة باعت طفلها بما يعادل 800 دولار.. انس حكاية ان الطفل ابن آدم.. وانس أيضا كل ما تعرفه عن عواطف الأمومة.. وانظر إلى الموضوع من نفس الزاوية التجارية التي تعاملت بها هذه المرأة مع وليدها.. حملته في بطنها تسعة أشهر وبتسعيرة البيع فإن كلفة الحمل في الشهر كانت 88 دولارا أي أقل من 3 دولارات في اليوم… تعاملت مع القضية حسابيا وبلغة الأرقام لإثبات ان تلك المرأة التافهة لا تعرف حتى قيمة المال.. دعك من قيمة المولود وقيم الأمومة (كتبت من قبل عن عصابة لبنانية تتكفل فيها امرأة بالحمل ويتولى طبيبها تسويق كل بيبي).
لأزيدكم نكدا على نكد أقول لكم إنها حملت بالطفل سفاحا.. ولكن ذلك لا يجعل من الطفل سلعة في أي ملة او دولة.. مثل هذا الطفل ضحية ولا يجوز حتى للمجتمع معاقبته او «معايرته».. هو لم يخطئ في شيء بل أخطأ في حقه رجل وامرأة يفترض ان يحملا لقبي أب وأم!! تعال معي إلى مزيد من القرف، فقد نسبت صحيفة الخبر إلى تلك المرأة قولها إنها باعت الولد لأنها كانت ترغب في اقتناء تلفون موبايل يهبل.. ابن آدم بموبايل.. ليس «أي» ابن آدم، بل قطعة من لحمها ودمها تمت مقايضتها بموبايل.. كفاك أم أزيدك؟ سأزيدك على كل حال: قالت تلك المخلوقة: لو احتجت إلى نقود سأفعلها ثانية.. سأحبل بطفل ثم أبيعه لأسرة محرومة من الذرية، كي أشتري بقيمته شيئا ينقصني.. ما لا تعرفه هذه المسكينة هو ان الأشياء التي تنقصها لن تستطيع توفير ثمنها حتى لو باعت سبعة أطفال ووالديها وإخوتها وجيرانها: العاطفة الإنسانية والأخلاق والشرف والكرامة لا تُشترى بتريليونات الدولارات. وتضيف الصحيفة ان تجارة الأطفال المولودين خارج إطار المؤسسة الزوجية صارت رائجة.. والمشترون هم بعض المحرومين من الإنجاب، بل إن هناك من الرجال من يحضر ولادة مثل ذلك الطفل في مستشفى ويخرج أوراقه الثبوتية لتسجيل الطفل باسمه (تماما وكأنه سيارة مهربة او مسروقة) وعندما يعود إلى الأم المزعومة تقول له: هات الفلوس وخذ البيبي.. وقد ترفع التسعيرة عن المعدل المتفق عليه لأن الابتزاز سهل في مثل هذه المواقف أخذاً في الاعتبار ان الأم لا تعرف الشرف وبالتالي لن يفرق معها ان تفضح أمر الصفقة (على الأقل استنكر الجزائريون فعلة تلك المرأة، بينما صار مثل تلك الصفقات أمرا تجاريا مألوفا في العديد من الدول الغنية والفقيرة على حد سواء) وأعرف ان الفقر سبب الكثير من الأمراض الاجتماعية ولكنني أعرف أيضا أن 80% من أبناء وبنات جيلي عاشوا طفولتهم تحت خطر الفقر، ولكن مجتمعاتنا لم تكن تعرف السرقة او العلاقات المحرمة او أي ممارسة غير شريفة للحصول على المال.. أتعرف لماذا؟ لأننا كنا متكافلين ونتقاسم «لنبقة» (ثمرة شجر السدر) كما نقول في السودان (ونخليها مستورة لأن هذه الصفحة يدخلها «أغراب»، ولن أتكلم عن عصابات الاتجار بالبشر في شرق السودان لبيع كلاويهم وأكبادهم وقلوبهم لمستشفيات في دول الجوار يديرها أطباء بلا قلوب).

[/SIZE][/JUSTIFY]

جعفر عباس
[email]jafabbas19@gmail.com[/email]


تعليق واحد