فدوى موسى

اليوم أكان جمعة

[SIZE=5][JUSTIFY] [CENTER][B] اليوم أكان جمعة [/B][/CENTER]

تتبعثر الأشياء أمامي.. تتداخل الأوقات مع تراتيب الواجب والمفروض.. لا جدولة ثابتة.. ظروف مائعة التداعي.. أنظر لحالي بلا مبالاة أو اكتراث.. أجدني قد مارست نوعاً من التمايل كسلاً.. كل شيء من حولي يدعوني للنهوض والقيام بالمهمة.. هي مهام ليست خارقة وأدواتها هي المكنسة، الماسحة، الصابون والماء لكن هاتفاً داخلي يدعوني لممارسة «الركلسة» معلناً مبدأ.. بعد شوية.. الطائر شنو.. مضت الساعات الأولى من صباح اليوم مثقلة بالكثير من الهبوط الاضطراري للنشاط.. بدت لي كل التفاصيل سالفها وقادمها معتادة ومملة جداً ذات الطريقة التي تدور بها الإيقاعات.. ذات الجمود الذي يكاد يخنقني.. مجرد إشباع لادعاء أن كل شيء «أوكي».. بعد كل ذلك لا أجد إلا أن أمارس البله في اعتياديته وأنهض مدفوعة بنبض التخلص من ذات التكرار بالتجاوب مع التكرار.. وقد كان اليوم جمعة.. بعد كل الانتفاضة تموت الثورة تحت هدأة الواقع البارد المتبله.. وأركن لمواصلة اليوم بمثلما مرت الأيام الشبيهة.. لا طعم لفرحة ولو مخبوءة في دس السم في الدسم.. أكثر ما تفتقد في لحظات العبوس والبؤس أن تكتشف أنك لا تستطيع التعاطي مع الدنيا بنفس هادئ.. فكل شيء واقع تحت تأثير «عدي من وشك».. مارس البصل عليَّ التمنع وقاوم «أن يموت» فدلقت عليه اللحمة التي قاومت هي الأخرى وماثلت البلاستيك في مطاطيته ومرونته.. صببت الصلصة.. لكنها خرجت بعد كل ذلك طبخة «ظابطة» رغم عن أنف المقاومة والتمنع، فحياتنا تستعصم أحياناً في جزئياتها عن المسايرة لكنها في نهاية الأمر «الأمور ماشة.. على وين الله أعلم».

تلومني صديقتي من الجانب الآخر من الهاتف على الجفوة والعزلة التي أصبحت طابعاً في علائقي معهم.. لا شيء يدعوني للتفاؤل والانفتاح وقد ملأت السوداوية دروب أيامي بلا خاطر مبني كلما هممت بالهمة أقعدتني الظروف للانطواء والبعد وملازمة أن لا ضرر ولا ضرار.. بعيداً يمكنك أن تمارس الانفتاح مع ذاتك وأن كانت ذاتاً تعيسة.. فلا جدوى للصداقات والإخوانيات ودواخلك ترغب في النأي والبعد عن كل شيء.. والأنكأ أن ذات الدواخل بدأت تستخدم مع نفسها سلاح الذات والتجريح.. وكأن الواقع منقوص التنكيد والتبويخ.. ثم ذلك الملعون الذي يجري مجرى الدم يهاتف لحظة من لحظة أن تخطي الإشارة وجاوز كل الحدود ما دامت قد انكسر في نفسيتك حدود التعامل مع الأبيض والأسود.. ومن بين كل تلك الإحباطات تخرج زفرة حرى تنبه إلى النظر للقواسي والمحن التي تلتف حول البعض ولا تفتر أفواهها إلا حمداً وشكراً.. لتعلو الإيمانيات ويخمد ذلك الإبليس في لحظة تجلي كاشفاً عن انهزام ولو وقتي.. وما بين كل النوازع تبقى الأقدار القائد الأعظم والأوحد فتحدث الوثبة والبحث عن أدوات الكنس.. المسح.. الطبخ والعودة لمجاري مياه الاعتياد وكأنما الشيوع أن لا أبقى إلا صوت الواقع إن لم تنتفض عليه.. واليوم جمعة هناك ارتباطات لابد من التعاطي معها باعتبار أن البقاء في حالة التماهي لا تنتهي إلى شيء سوى ذات الملل البغيض.

آخر الكلام:

عندما تكون مثخناً بالأحمال في البال لا تحس إن كان يومك جمعة أو سبت.. تحاول دوماً أن تكون مواكباً ولو من باب «أها أنا معاكم».. وإن كنت غير ذلك.. وعندما تتشابك علينا التفاصيل نبحث عن منفذ نبث فيه الزفرات والمرارات وقول الآهات.. «اها آه آه»!

[LEFT][B]مع محبتي للجميع..[/B][/LEFT]

سياج – آخر لحظة
[email]fadwamusa8@hotmail.com[/email][/JUSTIFY][/SIZE]