صديق البادي : مشروع الجزيرة وتضليل العدالة بشهادة زور
وبعد سنوات طويلة نافت على العقدين من الزمان من بدء الدورة الخماسية تقدم أحد المواطنين بشكوي إلي إدارة المشروع بدعوى أنه إشتري قبل عدة سنوات عدداً من الأفدنة وأدرك كما ذكر أنها داخل الحواشات.وشكلت إدارة المشروع لجنة برئاسة السيد عبد الله كريبة وعضوية مساح المشروع ورئيس الإدارة الزراعية بقسم وادي شعير ورئيس رابطة المزارعين وآخرين وسجلت اللجنة زيارة ميدانية وتأكدت تماماً أن المزارعين يزرعون في الحواشات التي حولتهم لها الإدارة في عام 1991م ولم يزيدوا عليها مليمتراً واحداً، وأوصت اللجنة بحل تلك المسألة حلاً إدارياً بتعويض المدعي ومن معه،
وإحالته للجنة التعويضات أو الوصول معه لأي تسوية تحفظ للطرفين حقوقهما، ويبدو أن الشاكي والإدارة لم يصلا لإتفاق لإصرار الشاكي على نزع تلك الأفدنة وإعادتها إليه مع رفضه لأي بديل غيرها وأراد اللجوء للقضاء والشيء الطبيعي في هذه الحالة أن يتقدم بشكوى ضد إدارة مشروع الجزيرة، ولكنه آثر الطعن في ظل الفيل وليس في الفيل، وتقدم بشكوى ضد ثلاثة من المزارعين واستند في شكواه على ورقة غير مطبوعة كتبها له مساح مشروع الجزيرة بخط يده أشار له فيها بالنص إلي ( إن الأرض التي زرع فيها الزارعون غير مدرجة في سجلات المشروع)…وضع عدة خطوط تحت كلمة «الزارعون» ولم يكتب مزارعين ليوحي بأنهم معتدون! ولم يذكر أن الأرض التي أشار إليها هي حواشات تتبع لإدارة مشروع الجزيرة وليست أرضاً سائبة (هاملة) ليعتدي عليها الزارعون!! وزُج بالثلاثة مزارعين في السجن وأُفرج عنهم بضمانات لحين تقديمهم للمحاكمة والغريب العجيب أن المساح كتب في ورقته المشار إليها أسماء ثلاثة مزارعين ومن ضمنهم كتب إسم مصعب صديق زروق وهو شاب خلوق يعمل في إحدى الشركات بالخرطوم بعد تخرجه في جامعة الخرطوم وظن من أملى على المساح الأسماء أن الحواشة كتبت بإسم مصعب بعد وفاة والده، ولكنها في حقيقة الأمر غير مكتوبة بإسمه أي أنه سجن بلا جريرة جناها. وبعد الإفراج عن المزارعين الثلاثة ذهبوا «لبركات» لمقابلة مدير الإرشاد الزراعي ووظيفته تعادل بالمسميات السابقة وظيفة المدير الزراعي للمشروع ولم يجدوه، وحاولوا التحدث معه عبر هاتفه الجوال بعد أن عرفوا رقمه ولكنه رد عليهم بقسوة وغلظة وعندما قابلوه كان فظاً معهم ولم يضع أي إعتبار لتوقير الصغير وإحترام الكبير، وتعامل معهم بكل غطرسة وعنجهية.وكان يصر على مضي الشاكي في شكواه ضد المزارعين، وفي هذا تهرب من المسؤولية مع السعي لإلقائها على عاتق المزارعين على طريقة رمتني بدائها وإنسلت.
وإستدعت محكمة الموضوع المساح الذي أقسم على المصحف الشريف وأجاب عن سؤال المحكمة بأن الأرض المشار إليها حواشات وتتبع لإدارة مشروع الجزيرة وإنصرف بسرعة بعد ذلك، وشطبت الدعوى الجنائية وكان بإمكان المزارعين الثلاثة أن يتقدموا بشكوى ضد مقدم الشكوى الذي إتهمهم زوراً وبهتاناً بأنهم إعتدوا على أرضه ليتم حبسه في السجن كما حبسوا هم من قبل ولكنهم لأسباب أهلية وعرفية وتقديراً لعلاقات الآباء الأفاضل الراحلين، وما كان بينهم من صداقة حميمة إمتنعوا عن تقديم هذه الشكوى، أما مصعب فقد عفا عن المساح وبتهذيبه وأدبه الجم رفض أن يتقدم بشكوى ضد إنسان عمره أكبر من عمر والده الراحل، والجدير بالذكر أن هذا المساح كان يعمل بمحلية الحصاحيصا وحول للتقاعد الإجباري قبل سنوات ويعمل في مشروع الجزيرة بعقد بتزكية من قريبه مدير الإرشاد المشار إليه.
إن من حق الشاكي بكل تأكيد أن يطالب بحقه وحسب الجميع أنه قد أدرك أن قضيته مع إدارة مشروع الجزيرة وليست مع هؤلاء المزارعين الذين أثبتت محكمة الموضوع أنهم أبرياء من أية تهمة جنائية ولكنه سعى لفتح قضية مدنية وللمرة الثانية لم يقدم شكواه ضد إدارة مشروع الجزيرة ولكنه قدمها ضد المزارعين الثلاثة المشار إليهم ، ولعل المساح حسب أن التعامل معه بلطف وأدب تقديراً لسنه فيه غفلة وللمرة الثانية أعاد فعلته وكتب ورقة أبان فيها أن الأرض موضوع النزاع غير مسجلة، ولكنه لم يذكر أنها حواشات تابعة لمشروع الجزيرة منذ عام 1967م وأخطأت الإدارة بعدم إكمال تسجيلها، وهذا خطأ لا يتحمله المزارعون وحملت ذات الورقة تعليقاً وتأكيداً على ما ورد فيها من أحد القانونيين العاملين بمكتب المستشار القانوني للمشروع، ومررت الورقة لمكتب المدير حيث تم الختم عليها وقدمها الشاكي مستنداً رسمياً ورغم التكتم الشديد عليها إلا أن مولانا محامي الدفاع وهو قانوني ضليع متمرس قد إطلع على الورقة، والدليل على أنها كتبت من وراء ظهر السيد المدير العام للمشروع أن أحد المزراعين المتهمين الثلاثة وهو من حملة شهادة الدكتوراه قد قابل المهندس عثمان سمساعة المدير العام بمكتبه ببركات وطلب منه أن يكتب لهم شهادة تؤكد أنهم يزرعون في حواشاتهم التي تتبع لإدارة مشروع الجزيرة وبتهذيبه وتعامله الراقي الذي عرف عنه طلب السيد سمساعة من الإدارة المختصة أن تستخرج هذه الشهادة بعد الرجوع للوثائق، وكُتِّبت الشهادة، وطُبِّعت وخُتِّمت ووقع عليها السيد المدير العام سمساعة بإسمه وحملها المزارع وسلمت عبر مولانا محامي الدفاع للمحكمة الموقرة.
وأقسم السيد المشرف الزراعي لقسم وادي شعير على المصحف الشريف وذكر أن الأرض المشار إليها هي حواشات تتبع لإدارة مشروع الجزيرة، وأن هؤلاء المزارعين لم يعتدوا على حق أحد، وكذلك أقسم السيد رئيس رابطة المزارعين بالإمتداد وأدلى بذات الشهادة ، وأصدر مولانا قاضي محكمة الموضوع وفق شهادة الشاكي التي بين يديه حكمه الذي قضى فيه بإرجاع الأرض للشاكي.. وتقدم المزارعون بإستئناف لمحكمة الولاية وبعدها لمحكمة الولايات الوسطى والقضارف التي أيدت ذات الحكم الذي بني على شهادة الزور المشار إليها.
وإن السيد المستشار القانوني لمشروع الجزيرة بما عرف عنه من ورع أعلن على رؤوس الأشهاد بأنه بوصفه المسؤول القانوني الأول في المشروع لم يكتب حرفاً واحداً لأية جهة ولم يطلع على ماكتبه مرؤوسه وأراد أن يبرئ ذمته أمام الله سبحانه وتعالي أن الأرض المشار إليها هي حواشات تابعة لمشروع الجزيرة، وكذلك فإن مساعده الورع بالحصاحيصا أبرأ ذمته وشهد بأن الأرض المشار إليها هي حواشات تابعة لمشروع الجزيرة.
وأعلن مولانا قاضي محكمة الموضوع أن تنفيذ القرار بنزع الأرض وتسليمها للشاكي سيكون يوم 12 أبريل الجاري. والآن هناك طرفاً يمثله المدير العام والمستشار القانوني الورع ومساعده الهمام ويؤكدون أن الأرض المشار إليها حواشات والطرف الثاني يمثله المساح ومساعد المستشار الآخر اللذان تصرفا من وراء ظهر رؤسائهما وقدما شهادة ضللا بها العدالة.
وإن المزارعين الثلاثة قد سجنوا ومنعوا من زراعة جزءاً من حواشاتهم في هذا الموسم وصدر قرار بتغريمهم وسينتزع جزءاً من حواشاتهم، وبعد ذلك فإن الشاكي أعلن أنه سيبدأ مرحلة جديدة من التقاضي بفتح بلاغات ضد هؤلاء المزراعين لتغريمهم أموالاً طائلة لقاء زراعتهم لتلك الأفدنة لسنوات خلت.
وإننا نسأل هل بلغت الفوضى حداً يجد المزارعون أن هناك من دخل في حواشاتهم في غيابهم وبلا إذن من إدارة مشروع الجزيرة وأخذ يمسح ويضع العلامات والفواصل ومن ثم إستخراج شهادات البحث وهل بلغت الفوضى حداً تستخرج فيه شهادات الزور المضللة بإسم المدير العام وبدون علمه ودون رجوع للوثائق التي تثبت أن هذه الحواشات مسجلة بإسم مالكيها منذ عام 1967م أي قبل حوالي 47 عاماً ؟ وإن هؤلاء المزارعين يحترمون الأجهزة العدلية الموقرة ويمتثلون لما تصدره من أحكام وقد بقي لهم الإستئناف للمحكمة العليا، وهم يتعلقون بعدالة السماء والأمر من قبل ومن بعد بيد الله سبحانه وتعالى وعند الحق عز وجل تجتمع الخصوم.
صحيفة آخر لحظة
ت.إ[/JUSTIFY]