رأي ومقالات
عبد الباقي الظافر: من سيربح المائة مليار..!!
الجمتتي الدهشة وانا بعيد عن الوطن حين طالعت خبرا يفيد بان شركة مدكوت كسبت تحكيما يجعل شركة الأقطان تدفع لها مبلغ مائة مليار جنيه (بالقديم)..الدهشة لم تكن في الحكم ذاته لان ابطال شركة الأقطان تحسبوا منذ الوهلة الاولى لكل شيء..كل العمليات المالية المريبة والتي ملات مستنداتها عربة نصف نقل تمت هندستها بشكل قانوني..دهشتي كانت تكبر وانا أطالع اسماء اعضاء لجنة التحكيم ..مولانا عبدالدائم زمراوي وكيل سابق بوزارة العدل .. عبد الباسط سبدرات وزير العدل الأسبق ..المسئولان السابقان اختارا مولانا عبدالله احمد عبدالله رئيس المحكمة الدستورية ليرأس هيئة التحكيم.
بالطبع من حق كل من وزير العدل ووكيلها السابقين ان يمارسا العمل في سوق الله اكبر..لكنني استغربت ان يترأس رئيس المحكمة الدستورية لجنة التحكيم هذه..وقبل ان أفيض في شرح منطقي دعوني اقلب معكم بعض اختصاصات المحكمة الدستورية ..تعتبر هذه المحكمة السلطة القضائية الاعلى حيث ينعقد لك الفصل في منازعات الدستورية التي تنشا بين السلطات المختلفة او بين اي منها وأفراد المجتمع ..ومن فرط اهمية هذه المحكمة ترك لها اختصاص محاكمة رئيس الجمهورية ونائبه الاول..وضع الدستور عدد من الشروط في شاغلي مقاعدها التسع..إقالة اي منهم يحتاج الى مسببات وقرار تأييد من اغلبية البرلمان.
اذا كان رئيس المحكمة الدستورية بهذه المهام والاختصاصات كيف يجد زمنا ليتابع خلاف بين شركتين..ماذا سيحدث اذا تضررت واحدة من الشركتين وقررت تصعيد الامر من ناحية قانونية الى درجات تقاضي اعلى..هذا السيناريو الان قابل للتحقق بعد ان أنكرت إدارة شركة الأقطان ان مولانا زمراوي يمثلها وأكدت الشركة انها سحبت تفويضها للرجل ورفعت دعوى امام المحكمة الجزئية ..ماذا سيفعل مولانا عبدالله احمد عبدالله لو ان انتهت هذه القضية باي شكل من الأشكال امام منضدته كرئيس للمحكمة الدستورية .
الان تدخل البرلمان في القضية واعلن على لسان الهادي محمد علي رئيس لجنة العمل والمظالم رفضه للتسوية التي طرفها رئيس المحكمة الدستورية ..ماذا عن الاتعاب المالية الضخمة التي بلغت ثلاثة مليار جنيه ودفعها طرف واحد وهو شركة ملكوت الخاصة.. وهل لرئيس المحكمة ان يتقاضى اتعابا مثل غيره من العاملين في حسم القضية..مثل هذه الأسئلة ستجري على لسان المواطن العادي وتحتاج لاجابات صريحة.
المحكمة الدستورية العليا في كل مكان تعتبر حصن العدالة وركنها الاخير ..في باكستان تمكن افتخار شودري ومن منصبه ككبير قضاة من نزع الحكم من الجنرال القوي برويز مشرف..في امريكا يعتبر من يشغل منصب قاضي بالمحكمة العليا المنصب الوحيد الدائم والذي لا يحتاج الى تجديد ولا ينتهي اجله الا بالموت او الاستقالة الطوعية .
بصراحة هذه القضية تحتاج الى توضيحات عاجلة من المحكمة الدستورية ومن كبار القانونيين حتى لا نفتي وهم بالمدينة .. لا يكفي إغلاق الملف باستقالة رئيس المحكمة الدستورية ..من يحاكم رئيس المحكمة الدستورية ان لم يود مهامه بالصورة المطلوبة.
عبد الباقي الظافر- الصيحة