عبد اللطيف البوني

هيثرو وعقبال الأقطان

[JUSTIFY]
هيثرو وعقبال الأقطان

أخيراً، وبعد ضغطٍ إعلاميٍّ هائل، قالت لجنة التحقيق حول خط هيثرو، والتي شكلها وزير النقل السابق، أنها رفعت تقريرها للمدعي العام، وأنها قد وجدت أن هناك قضية، وبالتالي هناك من سيخضع للمساءلة وأخشى ما أخشاه أن تكون قضية خط هيثرو ملهاة أو كوميديا صِيغَت بإتقان شديد، لأن القضية الأساسية هي الأداء في سودانير من زمن بعيد، ثم في خصخصتها ومجيء شركة عارف (ذات نفسيها) وهل كانت الشركة المناسبة لخصخصة سودانير لها أم أنها خيار أم خير لا هي أخير ولا الموت أخير؟ ثم ثانياً، إذا كانت القضية ليست بذلك التشعب ومنحصرة في خط هيثروا، لماذا لم يذهب بها للقضاء مباشرة؟ ما الداعي لتكوين لجنة تحقيق تصرف ما يقارب المليار جنيه (قديم) في شكل حوافز وسفريات ومأكولات شهية وحاجات تانية حامياني، على حسب ما جاء في عمود استفهامات لصاحبه الأستاذ أحمد المصطفى إبراهيم؟.
عوامل كثيرة مضافة لأيدٍ خفية جعلت من خط هيثرو قضية رأي عام، ولعل في هذا خير وبركة وفرصة لجعل كل القضايا المتعلقة بالحق العام قضايا رأي عام لما للرأي العام من سطوة وقدرة ذاتية للتحَرُّك، خاصةً مع السماوات المفتوحة والأسافير السابحة؛ فالآن قيل أن القضية قد استوت، وفي ذات الوقت تَحَدَّى الشريف بدر رئيس مجلس إدارة سودانير السابق، وعلى الملأ، أن يكون هو، أو مجلس إدارته، مسؤلاً عن بيع الخط، وتوارى وزير النقل عن الأنظار! وكذا فعل رئيس لجنة النقل بالبرلمان، وكان يمكن القول أنهما قد وَضَعا القضية في المكان الصاح، وليس لهما كلمة بعد الآن. ولكن الشاهد أن وزير النقل هو الذي فَجَّر القضية إعلامياً بعد مقابلته لرئيس الجمهورية، وأن رئيس لجنة النقل هو الذي نفى للإعلام ما قاله الوزير بأن التحقيق اكتمل، فهذا الخلاف ثم رفع القضية وتحدِّي الشريف المغلظ يشي أن وراء الأكمة ما ورائها، وأن القضية فيها ما فيها من السواهي والدواهي، أو ربما تكون حركة في شكل وردة! فإن كان ذلك كذلك فأحسن الناس تشوف ليها شغلانة تانية.
ومع كل الذي تقدم فإن خط هيثرو محظوظ لأنه وَجَد الصيت الإعلامي الذي وضعه على السطح، ولكن هناك قضايا قيمتها المادية أكبر من هيثرو، وكفوتها أبشع من هيثرو، مثل قضية شركة الأقطان التي تَسَبَّبت في إغلاق صحيفة التيار، والتي قُدِّرَت قيمتها بما يفوق الخمسمائة مليون يورو، وانتهى التحقيق فيها ورفعت للجهات العدلية، ومازال القطن، عفواً الشعب، ينتظر رؤية كيف تم ذلك التلاعب؟ ولمصلحة من؟ وكم كَلَّفت للبلاد والعباد؟ وهناك قضية الحج والعمرة التي هاج وماج فيها البرلمان، ودخل البعض فيها السجن، ومع ذلك كادت تتوارى عن الأسماع.
في الحلقة الأولى التي قَدَّمتها الشروق تحت عنوان (سودانير من قص الجناح) وكان الأوفق أن تكون (سودانير، من خطف الطيارة؟) سأل طلال مدثر الشريف بدر: هل هناك ناس في الحكومة ضدك؟ أجاب بالإيجاب، فإذن يا جماعة الخير الشغلانة كلها صراع داخلي وتصفية حسابات داخل النخبة الحاكمة، ومن المؤكد أن هذا انسحب على القضايا التي طَفَحَت على السطح؛ مثل الأقطان والحج والعمرة، فالسؤال هنا: ماذا عن بقية القضايا التي لم يقيض الله لها خلافات داخلية؟ هل تموت كمداً؟ انتظروا الري.

[/JUSTIFY]

حاطب ليل- السوداني
[email] aalbony@yahoo.com[/email]

تعليق واحد

  1. دكتور البوني كن شجاع واعمل ليك كسرة لقطن الجزيرة مثل جبرة وخليك وراء شركة الاقطان حتى تصل إلى نقطة الصفر