زهير السراج
بين القانون والأخلاق
* غير أنني فيما يبدو قد اخطأت في اختيار عنوان الموضوع.. وهو (تهمة الشروع) قاصداً بذلك استنكار التجسس على الناس في بيوتهم، والقبض عليهم (بالنوايا)، والتشهير بهم بتقديمهم للمحاكمة، والحكم عليهم، بدون ان يرتكبوا ما يبرر ذلك.. وهو ما حدث بالضبط (للشابين) من واقع الملابسات والحيثيات التي أوردها موقع النيلين الالكتروني نقلاً عن صحيفة (الدار) المتخصصة في الجريمة والحوادث..
* إلا ان البعض، ومن بينهم الأستاذ صديق، فهموا ولهم الحق في ذلك بسبب العنوان غير المناسب أنني استنكر ضبط الشابين ومحاكمتهما (بالشروع في الفعل) فانبروا عبر المكالمات الهاتفية والرسائل البريدية واللقاءات الشخصية.. لتوضيح وجهات نظرهم القانونية أو الأخلاقية المتعارضة مع وجهة نظري، ومن بينها ما جاء في حديث الأستاذ يحى عن وجود تهمة (الشروع في الفعل) في القانون الجنائي السوداني!!.
* واتفق مع الأستاذ يحى بوجود هذه التهمة في القانون السوداني، وأهميتها القصوى لاعتبارات كثيرة منها منع وقوع الجريمة، وتنص المادة (19) من القانون الجنائي السوداني لعام 1991م، بان (الشروع هو إتيان فعل يدل دلالة ظاهرة على قصد ارتكاب جريمة اذا لم تتم الجريمة بسبب خارج عن ارادة الفاعل)، كما تنص المادة (20) على عقوبة الشروع بما لا يجاوز نصف الحد الأقصى للعقوبة المقررة لها!
* من التعريف ومن العقوبة المنصوص عليها قانوناً، يتضح ان الشابين لم يفعلا شيئاً يعاقب عليه القانون، فهما لم يشرعا عند الضبط عليهما في ارتكاب الجريمة، بمعنى انهما لم يرتكبا جرماً ولم يشرعا في ارتكابه (الزنا أو الأعمال الفاضحة أو أية جريمة أخرى مشابهة).. خاصة أنهما كانا في منزل أسرة الشاب، وليس في مكان عام أو مشبوه، فلماذا يقبض عليهما ويحاكمان وتشوه سمعتهما، ويعاقب أحدهما بالجلد ثمانين جلدة (أكثر من العقوبة التي حددها القانون لتهمة الشروع ان وجدت).. وهو ما دعاني لاختيار عنوان (تهمة الشروع في الشروع)، استنكاراً لمحاكمة الناس بالنوايا، مما يؤسس لسابقة قانونية تفتح الباب أمام جر الناس الى المحاكم ومعاقبتهم بما تستبطنه نفوسهم، الأمر الذي يجر الى الفوضى والاضطراب في المجتمع، بالاضافة الى انتشار ظاهرة التجسس على الناس التي نهى عنها الدين والقانون لخطورتها الفادحة!!.
* وبرغم انه لم يثبت بأي شكل من الاشكال، حسب نص الخبر المنقول من صحيفة الدار على موقع النيلين الالكتروني، بأن الشابين ضبطا في وضع مناف للآداب ما عدا الوجود في غرفة بمنزل الأسرة(؟)، الا انني اتفق مع البعض ان المسألة تحمل جانباً أخلاقياً جدير بالمعالجة.. ولكن ليس باللجوء الى مراقبة الناس والتشهير بهم.. وجرهم الى المحاكم بدون جرم، أو شروع في جرم، أو (شروع في الشروع في الشروع في جرم)!.
drzoheirali@yahoo.com
مناظير – صحيفة السوداني – العدد رقم: 1137 2009-01-12
ركوب الخيل لا يناسب الجميع؟ أيهما أصعب تربية الأولاد أم البنات؟ جسر الأسنان
هل تعقيم اليدين مفيد؟ الكركم والالتهابات أفضل زيوت ترطيب البشرة
اتفق معك تماما يا دكتور وربنا يوفقك فى انصاف المظلومين