تحقيقات وتقارير

المهدي.. نعى مبارك سياسياً

[JUSTIFY]في جو ساخن كان الجميع يتصبب عرقاً بما فيهم رئيس حزب الأمة الصادق المهدي يوم أمس بدار الحزب بأم درمان، جاءت كلمات الإمام بذات سخونة الجو، وقد طوّف في كثير من القضايا إلا أن أهمها على الإطلاق كان حديثه عن السياسي المثير للجدل ابن عمه «مبارك الفاضل» هو الأبرز، وقد نال المهدي من مبارك بشكل قاسٍ وقلل كثيراً منه وهي خطوة استباقية لأي تقدم محتمل من مبارك، وقد قال الصادق إن السيد مبارك خرج من حزب الأمة أكثر من مرة وهذة المرة خرج ولم يعد ولن يعود إلا إذا اقتنع بآراء الجماعة والتزم الدستور، وذاد «مفيش عودة زوابع ».

كان حديث الإمام متوقعاً رغم أن مبارك أرسل رسائل تطمين للجميع وعلى رأسهم الحكومة وحزب الأمة القومي بإعلانه الاستعداد للجلوس والحوار.. كان مؤتمر الإمام بمثابة الإعلان صراحة عن عدم رغبته في وجود ابن عمه بحزب الأمة، خاصة وأن انصار مبارك يرون فيه قائداً للتغيير.. وكان بعد إطلاق دعوة الحوار الوطني بنحو أسبوعين وقبول المؤتمر الشعبي للمسألة، أبلغني أحد قيادات المؤتمر الشعبي البارزه تلقيهم اتصالاً هاتفياً من السياسي المثير للجدل مبارك الفاضل أعلن لهم نيته في العودة وقيادة التغيير في حزب الأمة، وهو أمر ليس بجديد فيما يلي مبارك الذي وجه عدداً من الرسائل وهو بالخارج لشباب وطلاب الأمة داعياً إلى قيادة التغيير.

أخرج المهدي هواءً ساخناً من صدره كما طقس يوم أمس واجتر مرارات سابقة عندما شق مبارك صف الحزب وأضعفه وخرجت بمعيته قيادات نافذة. وأذكر أن من بين الذين خرجوا الوزير السابق الزهاوي إبراهبم مالك الذي أشار في حوار أجريته معه نشر أمس أن المهدي كان السبب في خروجهم بوقوفه ضد رغبة التغيير.

رد الصادق أمس على مبارك وآخرين وعاد بالأذهان لذلك الخروج الشهير للفاضل قبل أكثر من عقد من الزمان وقال موجهاً حديثه لمبارك: كوّن منبراً سياسياً من أسماء الأمة، فكل أسماء الأمة خرجت من حضن انشقاقك، فبقت في أمة أيه وأمة أيه، وأنت تعال أضف ليها أمه فاء وأمة جيم وإنتو أحرار»، كانت سخرية المهدي لا تحدها حدود،أضحكت الحضور، وإن كانت تلك السخرية المعهودة في الإمام والتي تجعل حديثه مشوقاً ومحبباً للإعلام ما يدفعه للإحتفاء بها، اعتبرها البعض تخفي وراءها تخوفاً من بروز نجم مبارك وتمدده في حزب الأمة أو تقاربه مرة أخرى مع الحكومة، وهو السياسي المحنك الذي أوصل الأمة القومي إلى التقارب مع الحكومة في ماعرف باتفاق جيبوتي واستفاد منه هو شخصياً ودخل القصر مساعداً للرئيس. لكن المهدي يبدو أنه يتحدث بثقة ومن موقع قوة، فعندما سئل عن إمكانية قيام تحالف بين مبارك مع مجموعة الأمين العام المعزول د. إبراهيم الأمين وتأثير ذلك التحالف عليه بإحداث إنشقاق آخر داخل حزب الأمة.. خبرة الصادق السياسية الطويلة تؤكد توقعه لهكذا سؤال ولذلك فضح الرجل سياسياً، عندما قال: اقترحت أن لا تكون هناك مساجلات مع إبراهيم الأمين وأن يترك وحده مثل دون كيشوت يحارب طواحين الهواء». وروى المهدي أن إبراهيم جاء إليه بمبادرة منه وقال له – أي ابراهيم للمهدي -: إنت أستاذي وشيخي وإمامي وأنا مستعد أن أموت أمامك فداءً لك في رصة تزكيات ما شهدتها من أي أمين سابق».. كانت هذه رسالة لمبارك بأن انظر هذا هو حليفك المحتمل.

زرع الإمام أشواك الشك في نفوس قواعد الحزب والأنصار وسعى بذكاء شديد من خلال مؤتمرة بالأمس إلى المباعدة بينهم ومبارك، مستبقاً أي خطوة قادمة للرجل، وقد سخر المهدي من الأقوال التي رجحت بأن مبارك جاء للبلاد «لحلحلة» مشاكل الحزب، مؤكداً بأن الفاضل جاء «لخلخلة» الحزب، وهو السيناريو الذي تتخوف منه قواعد الحزب من تكرار مؤتمر سوبا الشهير.

لم يكن الصادق وحده من نصب المشانق لمبارك وصرخ في وجهه «لا لعودتك لحزب الأمة»، وقد مضت الأمين العام سارة نقد الله في ذات طريق الإمام، بل ربما تكون أكثر قسوة منه ودشنت نشاطها عقب تسلمها مهامها مؤخراً، وقالت: مبارك كتر خيره اليمشي يعمل حزبو ويخلي حزب الأمة في حاله».. كان حديث سارة متوافقاً مع المهدي ما يعني صعوبة اختراق مبارك للأمانة العامة.

صحيفة آخر لحظة
فاطمة أحمدون
ت.إ[/JUSTIFY]