الطاهر ساتي

الوقت..للعمل أم للإزعاج ..؟؟


/

الوقت..للعمل أم للإزعاج ..؟؟
** للشتاء في قريتنا ذكريات، ومنها معاناتنا وطرائفناعند (حمام الصباح)..فالخروج إلى الشارع بعد الإستحمام بالماء الساخن، حسب منطق جدتي عليها رحمة الله، يصيبنا بالأنفلونزا ومشتقاتها ..ولذلك، كنا من المُرغمين على الإستحمام بالماء البارد قبيل شروق الشمس لنلحق طابور الصباح في موعده .. ذات صباح، فكرت في الإكتفاء فقط بغسل الرأس واليدين، فالبرد لايُطاق .. وخاطبت الجدة بالفكرة : ( حبوية انا الليلة بس بغسل راسي وكرعيني ويديني)، فانتهرتني بنوبية رصينة معناها باقي الجسم ما حقك؟، مؤجرو من زول ؟).. وإلى يومنا هذا، عندما يقترح أطفالنا (الشطيف)، بحيث يكون بديلاً للحمام، نواجههم بسؤال جدتنا : (باقي الجسم ماحقكم؟، مؤجرنو من زول؟) ..!!

** وتقريباً، ما حدث – ويحدث – بشمال كردفان قد يُعيد ذاك التساؤل المشروع .. منذ غزو أم روابة و أبوكرشولا، صارت الأبيض مزاراً للولاة و السواد الأعظم من الساسة وقيادات المنظمات والجمعيات الطلابية والشبابية ..على سبيل المثال، تأبط والي الجزيرة كل وزراء حكومته، وذهب بهم إلى ما أسماها بخطوط القتال الأمامية ..وهكذا فعل والي القضارف أيضاً.. و..الأمثلة كثيرة، والقاسم المشترك في كل وفود التنطع هو (الإعلام)..نعم، يحبون الإعلام حباً جماً، إذ يجب على المذياع بث هتافهم من (الخطوط الأمامية)..وكذلك على التلفاز أن يظهرهم – بالكاكي والبوت والعصاية – من (الخطوط الأمامية)..أما الصحف، فالصفحات التسجيلية ومساحات الأخبار يجب أن تضج بتصريحاتهم الصادرة من (الخطوط الأمامية)..وهكذا، صار الحدث برنامجاً لمن لابرنامج له ..!!

** فالتمرد على النظام في السودان ليس بمساحة أبوكرشولا، بل يمتد هذا التمرد من النيل الأزرق مروراً بدارفور ثم أخيراً جنوب وشمال كردفان .. وكثيرة هي المناطق التي غزتها قوات التمرد ، وكذلك كثيرة هي المناطق التي تحت سيطرتها بدارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان..وما أكثر أوجاع النزوح بدارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان ..وعليه، يبقى السؤال : أين كان ضجيج هؤلاء عندما إستولت الحركات على تلك المناطق؟.. بالبلدي كده : ما الذي منع بأن تكون منطقة وادي هور بدارفور مزاراً لهؤلاء عندما إستولت عليها الحركات ؟..ولماذا لم يذهبوا – بإعلامهم – إلى ضواحي أم هاجرية وأم قونجة وجبل مرة ولبدو وغيرها من المنسيات، بحيث يعكس التلفاز قوافلهم والمذياع هتافهم والصحف صورهم؟..أي، ما هي المعايير التي بها صارت ضواحى أبوكرشولا خطوطاً أمامية جاذبة للولاة و(الوفد المطبل لهم)؟.. فلندع دارفور والنيل الأزرق.. بل، حتى بكردفان، الإستيلاء على كاودا سبق الإستيلاء على أبوكرشولا بعام ونيف، ومع ذلك لم تخرج وفود التنطع – والإعلام المطبل لها – بقوافلها وصخبها في سبيل كاودا ، أو كما الحال اليوم ..!!

** المهم..ما يحدث منذ غزو أم روابة وأبوكرشولا يطرح في الأذهان ذاك السؤال المشروع، أي (باقي المناطق ما حقتكم؟، مؤجرنها مثلا؟)، وأعنى المناطق التي سبقت أبوكرشولا بأعوام وأشهر في مثل هذا الحدث ..ليست من الحكمة السياسية أن يتظاهر البعض لحد إظهار أن سلطة الحكومة أو الأرض السودانية تبدأ ب (أبوكرشولا)، وتنتهي عندها، ولذلك يسمونها بالخطوط الأمامية التي تستحق (الخزعبلات السياسية)..وللأسف، حتى التلفزيون الذي كان غارقاً في بحور الأغاني والمسلسلات، تحول – فجأة كدة – بعد غزو أم روابة وأبوكرشولا إلى (شئ آخر)، وكأن غزو مناطق دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان لايستدعي ذاك (الشئ الآخر)..تأملوا الصخب التلفزيوني المسمى بإستنفار القوافل، بحيث تطاحن أبناء البلد في أقاصي دارفور لايُفسد على الخارطة البرامجية (أغاني وأغاني)، ولكن تطاحنهم في كردفان يُبعث في تلك الخارطة ( في ساحات الفداء).. إنهم لايعدلون حتى ( في التنطع) ..!!

** المهم..أبوكرشولا رقعة جغرافية في أرض البلد، وحالها الراهن لايختلف عن أحوال كاودا ومناطق جبل مرة ووادي هور وغيرها من الأمكنة التي تتواجد فيها قوات الجبهة الثورية منذ سنوات وأشهر.. وآجلاً أوعاجلا ستزول الغمة وتعود الحياة في أبوكرشولا إلى طبيعتها، فليس هناك من داع لهذا (الكوراك)..وكما يقاتل الجيش بهدوء، فعلى الساسة أن يعملوا بهدوء أيضاً..فليعملوا من أجل السلام والحرية والعدالة، ليرتاح الجيش والناس والبلد..نعم، إخراج قوات التمرد من أبوكرشولا لايعنى نهاية الحرب، فأوجدوا للحرب (نهاية عادلة)، بدلا عن التمادي في (إشعال أسبابها) ..أما الذين يتوافدون إلى ضواحى أبوكرشولا بغير رغبة في القتال، أى بغرض (شوفوني أنا في الخطوط الأمامية)، فليسخروا أوقاتهم وطاقاتهم في عمل شئ ينفع أهل السودان، بدلا عن ( إزعاجهم )..!!

إليكم – السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]


تعليق واحد

  1. حدث ذات مرة ان احد الرؤساء الامريكان عندما تم ارسال الاسطول الامريكي الي المحيط ان اعلن بعبارة مؤجزة -الان نعلن الحرب وبعد انتهاء العمليات قال نفس العبارة الان نعلن انتهاء الحرب -مشكلتنا اننا لانقرا التاريخ -لدينا مليون مصرح ومعلن والنتيجة لاشئ-ونحن علي علم ان ملايين البشر في بلادي بما فيهم مسؤولين لم يكونوا يعرفوا ابكرشولا الا بعد احتلالها -اما الان فهي في شهرة الخرطوم -مسؤولين الهنا رجاءا لا تزعجوا القوات المسلحة دعوها تعمل فهي ليست في حاجة لكم بل في حاجة لسكاتكم ولا تشغلوها بحمايتكم بدلا من حماية الوطن العزيز

  2. شكرا استاذنا الطاهر ساتي الف تحية ليك ولقد اشر تلموضوع مهم ظل يتردد بخاطري دوما وفقك الله والعجيب في الامر بالامس شاهد تصريح لوالي النيل الابيض يوسف الشنبلي وهو يخاطب المجاهدين ويقول با ناخوانكم بالخوط الامامية بام روابه وتندلتي اذا كام تندلتي تبعد عن عاصم ةالنيل الابيض كوستي 40 كلم تقريبا انا م عارف دا جهل ولا عدم مسئولية من المسئولين الحكومين ارحمونا يا ناس يرحمكم الله نحن المواطنين نعرف الاحداث جيد وليس لدينا حوجة في تصريحا تالمسؤلين ؟