جعفر عباس

الامتحانات تهدم اللذات

الامتحانات تهدم اللذات
[JUSTIFY] أخوض كثيرا في شؤون التعليم والتربية، لأنني أب ولأنني دخلت الحياة العملية من بوابة التدريس، وبالتالي أفهم بعض الأمور في شؤون ترغيب العيال في الدراسة، وضمان نجاحهم في الامتحانات، وفي أمور التربية والتعليم بصفة عامة، دون أن «أقرِف عيشتهم»، وأكرر هنا مقولة رددتها كثيرا في مقالاتي، وهي أنني أعتقد أن الامتحانات من أسخف الاختراعات التي عرفتها البشرية، وكانت ثقيلة على قلبي وأنا طالب ثم وأنا مدرس ثم وأنا أب، واليوم وقد يسر الله أمري وأديت الأمانة وأكمل عيالي الأربعة تعليمهم الجامعي، ما زلت أكره الامتحانات لأن قلبي على ملايين الصغار والأمهات والآباء، وعيالهم يدخلون مفرمة الامتحانات التي قد تخرج منها متماسكا صلبا مثل السجك/النقانق، أو مفتفتا وملبكا ومخربطا ومشربكا مثل لحم ظل خارج الثلاجة لأسبوع كامل في منتصف يوليو، وكم من طالب نجيب ومجتهد تجعله «رهبة» الامتحانات في مرتبة واحدة – عند صدور النتائج – مع الطالب المستهتر بدروسه. (شخصيا رغم كرهي للامتحانات بسبب الأجواء الكئيبة التي تتسبب فيها إلا أنني لم أكن أرهبها قط، وأدخل قاعة الامتحانات، وكأنني آينشتاين زماني، وكانت فلسفتي في ذلك، هو أنني أستعد لكل امتحان بقدر ما يستوعبه دماغي وأن الخوف والرعشة لن تفيدني في شيء، لأنني سأحصد بقدر ما زرعت خلال موسم المذاكرة.. ولكنني اعترف في ذات الوقت بأنني كنت أجلس للامتحانات، مرغما كأنما شخص ما أرغمني على مشاهدة فيلم لفاروق الفيشاوي لأبدي رأيي فيه.. أي بعقلية «شدة مؤقتة وتزول»)
وأم المعارك في كل البيوت هي امتحانات الشهادة الثانوية التي يصفها البعض بأنها هادمة اللذات ومفرقة الجماعات الصغرى، فالاستعداد لها يعني الحرمان من متع الحياة البسيطة، وظهور النتائج يعني تفرق الأصدقاء بين الجامعات والمولات، ومع بداية البنت أو الولد العام الدراسي الأخير في المرحلة الثانوية تسمع كلاما من شاكلة: السنة دي مفيش سفر عشان الولد ممتحن… بس العام الدراسي بدأ توه.. يا دوب.. لا، الولد محتاج تقوية في الرياضيات والجمباز والتاريخ والنحو والانجليزية وكتابة الإنشاء ولازم نشوف له مدرسين خصوصيين (طيب ولماذا أضاع كل هذه السنوات في المدرسة، طالما أنكم كنتم تخططون لإرجاء عملية تعليمه حتى يبلغ سن الزواج وتريدون تحويل البيت إلى مدرسة؟ بالمناسبة عندكم ملعب باسكت في البيت؟).. أو كلاما من نوع: البنت رافضة تدرس طب وتقول إنها ضعيفة في الكيمياء والأحياء ولازم «نقويها» في المادتين كي تدخل كلية الطب.. بس هي ما تبي.. ما تبغي.. مش عايزة طب!! مو بكيفها ومش على كيفها.. بنت عمها السنكوحة الغبية درست طب وتستعرض بالروب الأبيض كأنه فستان زفافها، وبنتي مو/ أقل منها، ولازم تدرس طب في هارفارد أو هراري.
قلت أعلاه إن عيالي الأربعة أكملوا تعليمهم الجامعي، ولكن والله لو قرر أحدهم فور إكمال المرحلة الثانوية، أنه يريد تعلم صنعة/ مهنة، ولمست لديه استعدادا حقيقيا لذلك، لما ترددت في إلحاقه بمعهد للتدريب المهني، ولهذا كنت وما زلت أقول إن كلية نورث أتلانتيك (شمال الاطلنطي) في الدوحة تعتبر من أهم الإنجازات التعليمية في تاريخ قطر الحديث: تمضي فيها عامين وتصبح مؤهلا لوظيفة محددة وتجد جهة محددة ترحب بك لأنها تعرف أنك تلقيت التدريب العملي والنظري الكافي.. وأكملت العامين ووجدت نفسك راغبا في الاستمرار في الدراسة.. يا مرحبا فهناك جامعات مستعدة لطلب يدك واستضافتك لعامين تنال بعدهما البكالريوس.
وغدا بإذن الله نتفاهم حول موضوع أن الشهادة الجامعية ليست بالضرورة مفتاح النجاح في الحياة.
[/JUSTIFY]

جعفر عباس
[email]jafabbas19@gmail.com[/email]

تعليق واحد

  1. [SIZE=7]ياجماعة جعفر عباس دا اخير منو سراج النعيم لايتكلم الا عن نفسه[/SIZE]