الطاهر ساتي

الخطاب الصادم ..!!


/

الخطاب الصادم ..!!
** يوم الخميس الموافق 25 مارس 2010، عرضت الشركة الصينية العالمية للبناء والتشييد على وزارة المالية التصميم الهندسي لمشروع مياه بورتسودان بطول (470 كلم)، وبتكلفة (386 مليون دولار)، على أن يتم التنفيذ خلال ( 18 شهراً)..إطلعت وزارة المالية على تفاصيل التصميم، ولكنها – على لسان وزيرها الدكتور عوض الجاز – تحفظت على فترة التنفيذ، وطالبت الشركة بالإسراع بحيث يكتمل المشروع خلال عام وليس (18 شهراً)..ولتأكيد أن العام يكفي لتنفيذ هذا المشروع، قال الجاز مخاطباً الشركة بالنص : ( نفذت الصين مشروع أنابيب البترول – بطول 1200 كلم – في فترة زمنية لم تتجاوز (11 شهراً)، فليس هناك ما يمنع تنفيذ مشروع مياه – بطول 470 كلم – خلال عام )..ثم رفعوا إجتماعهم بعد أن إلتزمت وزارة المالية بتسهيل كل عقبات المشروع الذي يمد تسع مدن بالبحر الأحمر بمياه النيل ..هذا ما حدث يوم الخميس 25 مارس 2010، وكل وقائع الإجتماع موثقة في أرشيف المالية والإذاعة والتلفزيون والصحف ..!!

** مضى عام الموعد الوزاري المقترح ، ولم يتم تنفيذ المشروع .. وكذلك مضى العام والنصف، موعد الشركة الموثق في العقد، ولم يتم تنفيذ المشروع .. إلتزمت الشركة بنص العقد، ولكن وزارة المالية وبنك السودان لم يلتزما بإصدار خطاب ضمان يحفظ للشركة حقوقها..فالمشروع قرض، ودفعت المالية مكونها المحلي ( 47 مليون دولار)، ثم رفضت إصدار خطاب الضمان .. منذ عام الإحتفاء بالتصميم الهندسي، الشركة تطالب المالية وبنك السودان بخطاب الضمان، ولا تجد غير التجاهل .. مضى العام الآخر والثالث أيضاً، وإرتفعت تكلفة المشروع إلى (570 مليون دولار)، وتمادت المالية وبنك السودان في رفض إصدار خطاب الضمان ..ومع ذلك، شرعت الشركة في تنفيذ ما عليها، إذ هيأت معسكر عمالها، وكذلك إستجلبت عدتها وعتادها، بل إشترت من المواطن محمد بلة عمارة – بقرية الهديبة جنوب عطبرة – الأرض بجروفها بحيث تكون موقعاً لضخ مياه النيل .. ولكن، المالية بالتنسيق مع البنك المركزي تمادت في رفض إصدار (خطاب الضمان) ..!!

** وتمضي الأعوام، وتغادر الشركة .. ويتحول المشروع – المحتفى بتصميمه الهندسي ضحى الخميس 25 مارس 2010 – إلى أزمة غير معلنة بين وزارة المالية وحكومة البحر الأحمر.. من – ولماذا – يُعرقل هذا المشروع الإستراتيجي ؟.. ظل سؤالاً بلا إجابة طوال السنوات الفائتة .. فالمكون المحلي مدفوع من مال الشعب، وبالقرض فترة سماح مدتها سبع سنوات، فقط الشركة بحاجة إلى خطاب ضمان يضمن تسديد القرض لتنفذ المشروع خلال (18 شهراً)، ما الذي يمنع إصدار هذا الخطاب ؟..فالكل كان حائراً أمام هذه ( اللكلكة واللولوة)..ولكن، خطاب الوزير أسامة عبد الله، وزير الكهرباء والسدود والموارد المائية بالبرلمان يكشف ما ( تحت السواهي) ..(المشروع لم يقم في الأصل على دراسة علمية، وإنما لظروف سياسية وأمنية بالمنطقة، ويجب صرف النظر عنه، والتفكير في مد بورتسودان بالمياه من خزان ستيت)، هكذا الموفق الحكومي الأخير..!!

** تأمل أيها الأكرم .. وصل المشروع إلى مرحلة ( التصميم الهندسي)، ثم مرحلة التنفيذ بدفع مقدم القرض وشراء الساقية وشاطئ النيل ثم بناء المباني الإدارية ومعسكر عمال المشروع ، كل هذا قبل مرحلة ( الدراسة علمية)، كيف ؟.. الله أعلم، ثم العقل التخطيطي للحكومة..هذا تضليل لأهل الشرق، لقد تمت عملية دراسة المشروع بتكلفة مقدارها (خمسين ألف دولار)، وأثبتت الدراسة جدوى المشروع، وهي في دهاليز وزارتي المالية والري .. ثم، بالخطاب ما يستفز الأهل بالبحر الأحمر، (فالمشروع لم يكن علمياً، إنما لظروف سياسية وأمنية بالمنطقة)..لو تأني الوزير قليلاً وفكر ملياً، لعلم أن محتوى خطابه أخطر – على أمن المنطقة – من عدم تنفيذ المشروع.. المهم، نأمل أن يرفض البرلمان هذا (الخطاب الصادم) ، وأن تتدخل رئاسة الجمهورية ومجلس الوزراء بحيث تشرع الشركة الصينية في تنفيذ المشروع.. لقد وعد الرئيس أهل الشرق بهذا المشروع كثيراً، وعندما يصرح وزير الري بأن المشروع لم تقم على دراسة وإنما لظروف سياسية وأمنية، فهذا يعني أن كل وعود الرئيس كانت ( للتخدير فقط لاغير) ..وما هكذا العلاقة السوية بين (الراعي والرعية )..!!

إليكم – السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]


تعليق واحد

  1. من فترة التسعينات كنا نسمع أوامر رئاسية ولكن لا يتم تنفيذهاوأخيراً وفي الفترة البسيط الماضية قرأنا أن وزير الزراعة يُعين مسؤول رغماً أن أوامر رئاسية صدرت بعدم التعيين، وأخيراً اليوم نقرأ عن رفض وزير الكهرباء تنفيذ مشروع مياه بورسودان!!!! إذن لماذا تُصدر أوامر رئاسية بينما لا يتم تنفيذها وممن ؟ من وزراء في الحكومة التي رئيسها يُصدر أوامر ولا ينفذها الوزراء !!! فهمونا بالله كيف تستقيم الأمور في هذا البلد العجيب؟ وهناك في وفد المفاوضات مع حكومة الجنوب ( أيامها) يتبرع المفاوضون بإهداء الجنوبيين هدية العمر( الحريات الأربعة) طيّب هم ليه عملوا الاستفتاء ؟ سبحان الله هل يا رب هذا سبب تأخر السودان في تضارب الأوامر بين المسؤولين ؟ يمكن!! الله يكون في عونك يا شعب يا مسكين