الطاهر ساتي

كيف ينام الظالم مُطمئناً ..؟؟


/

كيف ينام الظالم مُطمئناً ..؟؟
** علي محمد علي، من أبناء الجزيرة آبا الذين طاب بهم المقام بأمدرمان..وكما السواد الأعظم من أبناء الشعب، نشأ عصامياً وحريصاً على الكسب الحلال..ما بين دول الخليج وبلاده إحترف التجارة، وجمع ما يكفي أن يكون مشروعاً يبقيه ببلاده بدلا عن التجوال، وخاصة أن الأبناء على أعتاب المراهقة التي تستدعي الرعاية والرقابة..إشترى لأسرته منزلاً فخيماً بأمدرمان، ثم إستأجر مصنعاً للطحنية بودمدني حيث يكون الإستثمار المرتجى..طابت حياته بالرزق الوفير سريعاً، ونجح المصنع وأنتج لحد تضاعف العمالة عاماً تلو الآخر..اليوم، لم يفقد علي مصنعه المنتج ومنزله العريق فحسب، بل فقد أيضاً المستقبل الزاهي الذي ظل يرسمه لأولاده وبناته.. نعم،عجز عن تحمل تكاليف دراستهم، فأقعدهم بمنزل أصهاره .. تخرج الذين إمتحنوا مع إبنه الأكبر الشهادة السودانية في جامعاتهم، بيد أن الإبن قاب قوسين أو أدنى من الدخول إلى عالم الفاقد التعليمي، لعجز الوالد عن توفير رسوم الدراسة..ولهذا بكى علي، وكذلك أبكى الذين كانوا بمكتبي عصر الأثنين الفائت..وصدقاً دموع المظلوم خناجر تدمي قلوب الآخرين ..!!

** بتاريخ أغسطس 2007، وكان اللواء شرطة صلاح الشيخ مديرها العام، وجهت الإدارة العامة للجمارك إدارة جمارك ود مدني بمداهمة مخازن مصنع الطحنية الذي يستأجره علي ومصادرة السكر ، وكذلك وجهتها بإصدار أمر صارم بإيقاف المصنع.. وتم ذلك بتهمة ( السكر مُهرب)..للجمارك سلطة مصادرة السلع المهربة وحجزها لحين التقاضي وإصدار الأمر القضائي حول تهمة التهريب، ولكنها لاتملك سلطة إغلاق المصانع، ومع ذلك أغلقته..تم فتح البلاغ، وبعد جلسات الإستماع لكل أطراف القضية والإطلاع على كل الوثائق والمستندات وفواتير الرسوم وغيرها، أصدرت المحكمة حكماً ببراءة علي ومصنعه وسكره من تهمة التهريب.. وأستأنفت الجمارك الحكم، وهذا حق مشروع، ولكن لم ترفع الحظر غير القانوني عن المصنع، وحكمت محكمة الإستئناف أيضاً ببراءة علي ومصنعه وسكرة من تلك التهمة ..ورفعت الجمارك القضية إلى المحكمة العليا، وهذا أيضا حق مشروع، ولكن لم ترفع الحظر غير المشروع عن المصنع..وحكمت المحكمة العليا أيضاً ببراءة علي ومصنعه وسكره من تلك التهمة..وكذلك المراجعة..كل الأحكام القضائية برأت علي ومصنعه وسكره من تلك التهم، وأبدت ملاحظة قانونية مفادها ( إيقاف المصانع ليس من سلطات الجمارك)..!!

** طوال سنوات التقاضي في كل المراحل القضائية الدنيا والعليا، ومقدارها خمس سنوات، ظل المصنع موقوفاً بأمر الإدارة العامة للجمارك، وكذلك تم إيقاف كل حصص السكر المخصصة للمصنع بأمر تلك الإدارة ذاتها.. بجانب رسوم التقاضي وفواتير المرافعة، تكبد علي خسائر تلف مواد المصنع، وفقد أرباح تلك السنوات، وكذلك تحمل فواتير الإيجار وحقوق العمال وديون المصارف وغيرها من الحقوق الواجب سدادها.. عندما إنتهت قضيته لصالحه، بعد خمس سنوات، لم يخرج علي من سوق العمل فقط، بل خرج من منزله أيضا بعد أن باعه لسداد بعض فواتير تلك الحقوق..كل هذا الفقد لم يهزه، فقط الذي يبكيه هو عجزه عن إعاشة أسرته وتعليم الأبناء .. سألته : ( لماذا لاتقاضي إدارة الجمارك على سنوات الإيقاف غير المشروع، وكذلك على تكاليف رحلة التقاضي وفواتيرها؟)، فأجاب بالنص : أبقيت أبنائي بمنزل جدهم لعجزي عن رسومهم الدراسية، فمن أين لي رسوم مقاضاة جهة حكومية كالجمارك؟،.. و..!!

** أكمل علي الإجابة بالدموع..وعليه، فلتكن رسالتنا الأولى للفريق صلاح الشيخ، مدير الإدارة التي حظرت المصنع عن العمل بغير حق ثم إتهم صاحبه بغير حق أيضاً، وقد تقاعد الفريق صلاح الشيخ وصار كاتباً صحفياً، فليكتب للناس والحياة مقالاً بعنوان ( كيف ينام الظالم مطمئناً؟)، وفلتكن قصة علي نموذجاً.. لماذا دمرت حياته وشردت أسرته بهذه القسوة؟، ولماذا ضربت بالقانون عرض الحائط وإستغليت نفوذك ودمرت مصنعه بأمر التعطيل غير المشروع؟، فليجبنا الفريق صلاح وليكن العنوان : كيف ينام الظالم مطمئناً؟..أما الرسالة الأخرى، لأصدقاء الزاوية داخل وخارج الوطن، محامياً كان أو مساهما في رفع الظلم عنه بفضيلة الدعاء : هذا علي، وهو منكم، وقد جاءكم مظلوماً ودامعاً ومتوجساً على مستقبل أنجاله ..!!

إليكم – السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]


تعليق واحد

  1. لا حول ولاقوة الا بالله
    نسأل الله العلى القدير بان يعوضه كل ماخسر وان ينتقم من الظلمة
    وفعلا( كيف ينام الظالم مُطمئنــــــــــــــــــاً)

  2. يا استاذنا الناس ديل شغالين بفقه (يا فيها يا نفسيها) يعني لو ما معانا ما لازمنا وهم ما عاوزين زول ينجح غيرهم والتجارة والشطارة تكون حقتهم
    غايتو نقول للاخ علي الجاتك في مالك سامحتك وانتا كان تفهما من بدري كان وفرتا على نفسك الجرجرة والخسارات دي كلهاوغيرك كتير انكووا بنفس النار
    لكن لكل ظالم نهاية والقبر والحساب راجيهم وما بعيد عنهم