[JUSTIFY]البرلمان الذي تجاوز لوائحه وذبحها بـ (قزازة ميتة) في غمرة الاندفاع نحو الهجوم على الصادق المهدي، لم يكن موفقًا لا هو ولا رئيسه الفاتح عز الدين حيث ترك بعض نواب الإشارة الموضوع الرئيس المخصص للجلسة وهو مناقشة خطاب الرئيس و(انبهلوا) هجومًا على المهدي، هذه الخطوة التي تنم عن شيء في نفوس المهاجمين الأشراس تعزز اتهامات الصادق المهدي بوجود تيار داخل المؤتمر الوطني يسعى ــ من خلال شكوى جهاز الأمن واتهامه له ــ لعرقلة الحوار الوطني… بعيدًا عن اتهام المهدي لـ (صقور الوطني) بمحاولات عرقلة الحوار الوطني، دعونا أولاً نقول إن شكوى جهاز الأمن للصادق المهدي حتى لو كانت تنطوي على ظلال سياسية ولو أن وراءها صقور جوارح تسعى لتمزيق أرضية الحوار الوطني بـ (مخالب ومناقير) ظاهرة للعيان فهي خطوة أفضل مما كان يفعله الجهاز مع خصوم الإنقاذ السياسيين، وهي قطعًا أفضل من إلصاق التُهم بالأبرياء والزج بهم في الزنازين والمعتقلات نتيجة لخصومات سياسية.. إذن هذه ليست القضية، فتمضي الأمور إلى نهاياتها في سوح القضاء والصادق المهدي هو الأقدر على الدفاع عن نفسه، ولكن ما يهمنا في هذه القضية هو الشق الثاني منها وهو البعد السياسي الذي برز بوجهه القبيح داخل البرلمان وتجاوُز اللوائح والتعبئة السياسية السالبة وأسلوب الحشود والاستنفار المطبوخ، وهذه الخطوة هي التي تُكسب اتهامات المهدي لقادة (تيار رفض الحوار) بالتآمر لنسف قاعدة الحوار صدقية على نحو يبدو معه الاتهام أدعى للتصديق… نحنا ما صدقنا إنو برلمان مولانا أحمد إبراهيم انتهى، وانتهى معه عهد الاستنفار والطبخ فإذا بـ (الفاتح) يفتح الطريق لـ (كسر) اللوائح غصبًا عن عين أبو اللوائح، ومش كدي وبس بل اتهام الرجل (الوطني) بالخيانة العظمى.. يمكن أن نتهم الصادق المهدي بـ (كثرة الكلام) و(التردد) وممارسة الدكتاتورية بـ (اللفة) والمراوغة والمناورات السياسية، لكن بالخيانة لا لا لا…!!!دا كلام ما بتبلع خالص، لن يستطيع أحد أن يشك في وطنية المهدي وذمته المالية إطلاقًا، عندما سمعت بقصة اتهام الرجل بالخيانة العظمى داخل قبة البرلمان تذكرت ذات الاتهام الذي أطلقته عليه الإنقاذ عقب سقوط الكرمك في أواخر العام 97 بعد عام من خروج المهدي من البلاد في عملية (تهتدون) الشهيرة والذي كان قد سوقه إعلاميًا وقانونيًا (شوربة) الإنقاذ عبد الباسط سبدرات، وبعد عامين، ــ أي في نوفمبر 1999 ــ وقَّعت الحكومة مع (الخائن) نفسه اتفاق نداء الوطن الذي عاد بموجبه إلى البلاد واستقبلته استقبال الفاتحين، واستمرت الأمور بين شد وجذب حتى سمعنا في يوم من الأيام الدكتور نافع علي نافع يمتدح الصادق ويشيد بـ (وطنيته)، بالمناسبة (الوطنية والخيانة) في عهد الإنقاذ أصبحتا مثل (الأنواط والنياشين) تؤتيهما مَن من تشاء وتنزعهما ممن تشاء… وبعيدًا عن (الشكوى) التي محلها القضاء فاتهام المهدي لتيار الرفض يتسق مع كثير من المعطيات الموضوعية إذ أن هناك تيارًا داخل الحزب الحاكم يرى في الحوار الذي يجري الآن وحرية الصحافة التي انطلقت من عقالها معاول هدم لتفكيك الإنقاذ وشركًا يوشك أن يقع في مصيدته حيتان القرش والتماسيح العشارية ويهدد مصالح مراكز النفوذ التي طغت وتجبَّرت.
صحيفة الصيحة
ت.إ
[/JUSTIFY]