الشعرُ الضاحكُ المُتَكلِّمُ المَاشِي: يجعلك تضحك ثم تقهقه
وقد قيل أن العرب قديماً كانوا يحسون ويتصوّرون المعاني الكامنة أو المختبئة خلف كل كلمة أو جملة من لغتهم الجميلة. فمثلاً حينما يستمع أحدهم لسورة الزلزلة من القرآن الكريم يشعر بالقلق والخوف والإضطراب ولربما كان ذلك بسبب معرفتهم لمعاني الكلمات الواردة في السورة.
لقد رفع الأديب المصري عباس محمود العقّاد من شأن الشعر حين قال:
الشعر من نفس الرّحمن مقتبس *** والشاعر الفذُّ بين الناس رحمن.
وظلَّ الشعر يتأرجح في إنبثاقه من الذكاء العقلي المتكيء علي المنطق الذهني والذي يعتبر عند البعض صناعة وووتدفقه من ذكاء القلب المتكيء علي الإندماج في التجربة والذي يعتبر عند البعض واقعياً ومعبّرا عن حياة النّاس.
الشاعر العبّاسي صالح عبدالقدوس – ورد إلينا من حكمه الرائعة ما يلي:
وزن الكلام إذا نطقــــت فإنمــــا *** يبدي عيوب ذوي العقول المنطقُ
لو يرزقون الناس حسب عقولهم *** ألفيــت أكثر من تـرى يتصــــدّقُ
وإذا امرؤ لســعته أفعــى مــــرّةً *** تركتــه حين يجــرُّ حبـــلٌ يفــرقُ
بقي الذيـن إذا يقـولــوا يـكذبـــوا *** ومضى الذين إذا يقولـوا يصدقُوا
ومن جيّد أقواله في إعتزال النّاس وعدم الإنشغال بأمور الحياة:
أنست بوحدتي ولزمت بيتي *** فتمّ العزّ لي وصفا السرورُ
وأدّبنــي الزمان فليــت أنّـي *** هجرتُ فلا أُزَارُ ولا أزُورُ
ولستُ بقائـلٍ ما دمــت حيّـا *** أقـامَ الجُـندُ أم نـزل الأميــرُ
ومن الشعر الضاحك المتكلم الماشي الذي يجعلك تضحك دونما تشعر ويجعلك تتلفّت يمنة ويسرة لتتأكد من أن لم يرك أحد لتستأنف الضحك مرة اخري ثم تُقَهْقِه ما جاء في شعر الإخوانيات وأظنه من شعر (الشاعر العِوَضِي) بمصر حسبما سمعتُ عبر المذياع من الشاعر محي الدين فارس وربما كانت الابيات لشاعر آخر.
عصر الملوك قد انتهي *** فاجعل صفـاتك في المهــا
وامــرح بقلبٍ ضاحــكٍ *** هَهْ هَهْ هَهـَاَ – هَه هَهْ هَهَـا
أنظر إلي عجز البيت الأخير والتعبير الناطق بالقهقهة.
وقد ورد في الشعر باللغة العاميّة السودانية من نظم الصوفية ما يلي:
قال زورهم واسعى لهم خبب اهل الضريح أهل القبب
اليكره القوم غير سبب تف على وجهه ودقه بب.
أنظر إلي صوت وحركة الهجاء في عجز البيت الثاني بغض النظر عن رأي القاريء في موضوع زيارة القباب والأضرحة.
أعدّه المهندس/ إبراهيم عيسي البيقاوي
[SIZE=5] باشمهندس السلام والتحية
أراك يا باشمهندس طرقت موضوعا شائقا وهو الشعر
الشعر كان سلاحا ماضيا منذ العصر الجاهلي ولربما إلى الآن بصورة ما
يحكى أن شاعرا مغمورا عرض قصيدة له على الفرزدق …وأعجب الفرزدق ببيت فيها فطلب من الشاعر أن يتنازل له عنه وإلا سيهجوه هجاء يبقى مسبة له …فطبعا المسكين تنازل مرغما خوفا من ذلك اللسان الجارح …لسان صقل بالمهاجاة والمفاخرة مع عملاق العصر الأموي جرير[/SIZE]