اقتصاد وأعمال

​ورشة تجربة الزكاة في السودان

تعرف الزَّكاة بأنها البركة والنماء وأيضاً الطهارة وتعرف بالصلاح وتعرف عند البعض بصفوة الشيء وشرعاً تعرف بأنها حصة من المال ونحوه يوجب الشرع بذلها للفقراءِ ونحوهم بشروط خاصة ، وهي الآن الزكاة في السودان- تجابهها العديد من المشكلات على المستوى الإداري وعلى مستوى الوعي الاجتماعي ، وبالرغم من أن المشكلات الاقتصادية تفرض واقعاً وتفرض تغييراً مجتمعياً وعطفاً على ذلك فإن الزكاة يمكن أن يكون لها دور عظيم في نمو المجتمع وتحقيق العدالة الاجتماعية إن تم تطبيقها بالشكل الأمثل ، فالزكاة كما أسلفت تحمل معنى الطهر وتشمل جميع من يملكون النصاب لصرفها في شكل تكافل اجتماعي دقيق يشارك فيه الجميع فهي بذلك وغيره نظاماً اجتماعياً يحفظ التوازن بين طبقات المجتمع ويحقق نموه . وقد طرحت ورشة تجربة الزكاة في السودان التي نظمها معهد علوم الزكاة بالتعاون مع معهد البحوث والدراسات الانمائية بجامعة الخرطوم عدة أسئلة وموضوعات للنقاش عملت على إبراز تجربة ديوان الزكاة في ثلاثة أقسام هي تطور تحصيل الزكاة ، تجربة ديوان الزكاة في معالجة الفقر و مساهمته في الدعم الاجتماعي المباشر .
وحاولت الورقة التي قدمت في الورشة أن تجيب على الكثير منها ، وذكر د. ابوبكر ابراهيم مدير معهد البحوث الانمائية أهمية توثيق أسلمة تجربة الزكاة في السودان بمنظور الاقتصاد الكلي والجزئي كمورد حقيقي في الناتج المحلي للدولة ليكون نموذجاً لدول الجوار والعالم الاسلامي . وأكد مقدم الورقة الدكتور بلة الصادق عبدالرحمن نائب الأمين العام بديوان الزكاة بالسودان على أن حصيلة زكاة الولايات تصرف علي ذات الولاية وأن المركز تأتية أموال من جهات ومؤسسات طبيعتها مركزية وتعاد توزيعها لسد النقص في عدد من الولايات والجهات ، كما أكد أن الديوان خاضع للمراجعة العامة وأن تقاريره الدورية متاحة والتعامل فيها بشفافية ، كما ذكر أن الديوان تطور مبيناً الفارق بين الحصيلة الحالية البالغة 230 مليون $ والسابقة التي لم تتجاوز 250 ألف $ ، وأوضح أن الزكاة هي المتحمل الأول للعبء الاجتماعي في السودان حيث تعمل على ثلاثة مستويات هي : مكافحة عوامل الافقار كالجفاف والتصحر والكوارث والأوبئة كمستوى أول ، والثاني هو تلطيف حدة الفقر بتقديم الدعم النقدي والعيني المباشر وإقامة المشروعات المختلفة لصالح الفقراء والمساكين ، وعلى المستوى الثالث تعالج البطالة الاجبارية عن طريق التدريب بأنواعه ومنح المشروعات الصغيرة .
وركزت الورقة على ضرورة تفعيل بنود قانون الزكاة وخاصة المادة 49 ، كنتيجة لدراسة قام بها معهد معهد علوم الزكاة في العام 2013م في الوعاء الكلي للزكاة وقد بينت الدراسة أن حجم المال الخاضع للزكاة يبلغ 193 مليار جنيه سوداني وأن الزكاة الواجبه فيه تبلغ قيمتها 5.8 مليار جنيه ، بينما المتحصل فعلياً بلغ قيمته 1.2 مليار جنيه في العام 2013م . كما بينت الدراسة أن عوامل أخرى موازية لتفعيل المادة 49 سببت هذه الفجوة منها ضعف التنسيق بين ديوان الزكاة والأجهزة الأخرى التي يمكن أن تقدم خدمات مهمة تساعد على رفع نسبة التحصيل ، وقد ذكر مقدم الورقة أن جميع وسائل النقل لا تؤخذ منها زكاة ، إضافة للعقارات وعزى ذلك لتعذر آلية التحصيل بموقف السالب الذي تأخذه الجهات تجاه المال الذي يجب أن يزكى .
وذكرت الورقة أن العدد الكلي للفقراء هو : 2,291,789 بحسب حصر وتصنيف الفقراء الواردة في الدراسات وبيّنت تجربة ديوان الزكاة في معالجة الفقر أن توزيع موارد الزكاة للشرائح في العام 2013م كان كالتالي فقراء ومساكين 68,0 ، غارمين 5,0 ، ابن السبيل 0,5 ، مصارف دعوية للمؤلفة قلوبهم 3,5 ، في سبيل الله 2,5 ، العاملين عليها 16,0 ، والمصروفات الإدارية 4,5 ، ونجد أن الأولوية كانت لشريحة الفقراء والمساكين وقد فصلتهم الورقة لفئات اليتامى، الأرامل ، المرضى ، العجزة ، المسنين ، الطالب الجامعي من أبناء الأسر الفقيرة، مع تبني تقديم الدعم في شكل مشروعات مثل التأمين الصحي والزي المدرسي ومشروعات المياه وغير ذلك .
وذكرت الورقة أن ديوان الزكاة يسعى مستقبلاً لإعادة تنظيم الديوان إدارياً ليواكب التطورات العلمية والعملية وإدخال نظم ووسائل جديدة لصرف الزكاة تتلائم مع تطور الاحتياجات في المجتمع والسعي لبذل جهد ليكون مؤسسة مالية اجتماعية فاعلة في البناء العام للدولة ذو قدرة على التأثير الايجابي في الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية.
على الرغم من أهمية الزكاة في الاقتصاد الاسلامي الذي أثبت عبر التجارب والدراسات أنه الأمثل لقيادة الاقتصاد العالمي ، يسبق ذلك أنه من الفرائض السماوية التي أوجب الله سبحانه وتعالى على المسلمين تأديتها من أجل إشاعة التكافل بين القادرين والمعسرين لقوله تعالى «خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها» إلا أن الاشكاليات التي تواجه تحصيلها من جانب ، ومن جانب آخر مستوى الوعي لدى المواطنين المكلفين بقوانينها واجراءاتها المتبعة واعتماد الأجهزة المعنية والمختصة بتحصيل الزكاة تقعد بدورها الهام في التنمية الاجتماعية والنهوض الاقتصادي ، فهل نشهد يوماً يسعى فيه العامل بمال الزكاة فلا يجد من يحتاجه ؟ ربما يشهده غير هذا الجيل لكن لنؤسس لهذا اليوم .

أحمد عبدالعزيز أحمد الكاروري
Ahmed Abdalaziz Alkaruri
27 مايو 2014م

تعليق واحد