مقالات متنوعة

هاشم كرار : عفوا.. فنان يكتب عني!


أستميح القارئ- هذه المرة- وأنا أفسح هذه المرة، للكاتب الصديق والتشكيلي الفنان، صاحب الجنسية الانجلو سودانية- ابراهيم علي ابراهيم، وهو يكتب عني من «الدنيا الجديدة».

لا أطيل.. ندخل علي ابراهيم، وهو يكتب تحت عنوان: «المرأة في كتابات هاشم كرار»:

تحت تعريشتها، في زمان ما، في مدينة الحصاحيصا في السودان، تجلس بت الجعيلي، بين طواجنها وآنية القهوة تلقى مكانها دائما عامرا، وحكاويها لاتنقطع، ويومها لا ينتهي حتى يبدأ من جديد.. نارها لا تنطفئ، وزوارها لاينقطعون، إنهم أبناء الاهل والحي والاصدقاء- أصحاب هاشم- يأتون إليها فرادى وجماعات.

إنها إحدى الرموز الوضاءة من جيل أمهاتنا اللواتي بدأن في الانسراب من بين أيدينا..

بت الجعيلي وأخواتها هن الاصل وهن البيت والحنية والمحنة والكسرة..، ولذا حق لصديقنا الصحفي الفنان هاشم كرار أن يقول: «حين تموت الأم – أي أم في الدنيا – تموت بعض الرحمة..،

لم يكن من فراغ أن يولي الكاتب والصحفي الكبير هاشم كرار اهتمامه بقضايا المرأة..، لتجدها ماثلة بين ثنايا صفحات كتابه الشيق: «طق.. طق.. توقف الزمبرك»، وهو عبارة عن مجموعة أعمدة كتبها في صحيفة الوطن القطرية.

توزعت جل موضوعاته بين رموز نسائية على امتداد المعمورة، فهو ينعي آنا بوليتكوفسكايا التي اغتيلت في موسكو على خلفية تقاريرها الجسورة في الشيشان. يقول: إن أربع رصاصات اخترقت جسدها في الوقت الذي كانت منظمة مراسلون بلا حدود الفرنسية تدشن أول نصب تذكاري لشهداء الصحافة الذين بلغ تعدادهم ألفي صحفي، حيث يسقط كل عام مالايقل عن 60 صحفيا.

ويمضي إلى أم السودانيين فاطمة أحمد ابراهيم رئيسة الاتحاد النسائي السوداني، وينقل صورة ناصعة عن عظمة هذه المرأة التي امتلكت طاقات في العطاء الوطني والإنساني قل أن نجد لها نظيرا. حينما أعدم زوجها الشهيد الشفيع أحمد الشيخ.. زغردت..، استحال البيت إلى تظاهرة.. كان لزاما تدخل الشرطة. بخوذاتها وسياطها.. وبالرصاص في الهواء.. اندفع جيب عسكري ترجل منه ضابط شاب.. حين أبصر فاطمة وسط الحشود.. باعد بين خطواته الثابتة ليقف أمامها ويحييها التحية العسكرية: تعظيم سلام..!.. وترك لنا هاشم كرار معرفة مصير ذلك الضابط الفارس الشهم الهمام.

الحرية عند هاشم كرار أنثى وللحرية طعم، وطعم الحرية في ميانمار بطعم امرأة اسمها – سان سوكي– وسان تساوي دبابة!.

وفي دعواه لمحاربة سرطان الثدي يرسم هاشم لوحة جميلة حين يعلن: لست امرأة، غير أني، مثلي ومثل أي رجل آخر في هذه الدنيا خرج من بطن امرأة يعنيني سرطان الثدي.. أول تعارف لأي إنسان في هذا الوجود لا يبدأ إلا بالثدي أجمل وأطهر مصنع للغذا في التاريخ.. ويسترسل في رسم الصورة:.. لعامين قبل الفصال تظل العلاقة: حميمية جدا ودافئة وغريبة ومدهشة ومصيرية لحد كبير بين أي منا وثدي الأم…

في حديثه عن تسونامي الذي شغل العالم يقول بأسي إنه لم ينتقص من إنسانيته ومروءته إلا خبر اغتصاب النساء اللواتي رمي بهم الإعصار في المعسكرات. يلتقط هاشم الخبر بحس صحفي فنان ماهر لينسج من حوله غلالة من الحزن والشجن ليعلن أن الاغتصاب أكثر قبحا وإيلاما وتدميرا من تسونامي الإعصار..

وعن فيديو جلد الفتاة في الخرطوم.. يقول إن هذا الشريط أخرجه من جلده: «شو.. نزل السوط كضربة برق على الجسد الانثوي.. نزل كالصاعقة التي تشق الشجرة نصفين، نزل على الظهر الذي تقوس راكعا، نزل على البطن، الصدر، الثديين.. نزل على الوجه، أسفل الحجاب الحاجز..»…

وفي أخرى يصرخ هاشم مستعيرا هذه المرة صوت المواطنة الاميركية تيري شافو تلك التي انتزعوا منها أجهزة التغذية في أحد مستشفيات فلوريدا لتفارق الحياة.

ويلقي بالأسئلة القائلة:.. إن كانت الحياة مقدسة.. أم لا؟ ويثير شكوكا في الضمير الطبي..، ضمير أولئك الذين ارتبطت بهم صفة الرحمة.

الصديق الكاتب هاشم كرار قاص مبدع، وحكّاي من الطراز الاول، يجيد التفاعل مع لغة الكلام..، ينمق حروفه وينتقي الجمل، ولولا الصحافة التي تمتص كل طاقاته وجهده الابداعي لكان له شأن آخر في القصة والرواية..

هاشم كرار تحية واحتراما،،،

بقلم : هاشم كرار