احمد عبد الله ادم : زيارة البشير لأرض الشناقيط وأثرها
2014/06/13
[JUSTIFY]زيارة اليومين لأرض شنقيط موريتانيا كانت من الزيارات فوق العادة، فقد استقبلت نواكشوط العاصمة الموريتانية المشير عمر البشير بالحفاوة والترحاب بشكل يندر أن يحدث على زماننا هذا، فقد تراصت الجماهير من المطار وامتلأت الشوارع بالمواطنين الموريتانيين نساءً ورجالاً وشباباً حاملين صور الرئيس البشير وابن محمد فال، وهي صور تعيدنا إلى أيام الحشود التي كانت تستقبل الزعماء والسياسيين السودانيين والزائرين في الماضي البعيد، حيث جاءت زيارة البشير لموريتانيا الشعب الصديق والشقيق كفتح جديد لعلاقات السودان العربية الافريقية، فأهل موريتانيا يشبهون اهل السودان ويكنون كل الحب ويحتفظون بالكثير من علامات وأدلة حبهم للسودان وأهله من خلال الكتب والشعر والذكريات التي كتبها اجدادهم وهم يذكرون هجرتهم إلى السودان وعبره إلى الحج وبقاء بعضهم هناك وترحال مشايخهم ومذاهبهم إلى السودان دعوة إلى الله، وهم يعرفون اننا نعمل بالمذهب المالكي الذي يعملون بموجبه، ويعرفون رواية حفص وورش للقرآن الكريم، بل ويذهبون لأبعد من ذلك في تشريع اواصر العلاقة بين السودان وموريتانيا، وخلال زيارة الأربع وعشرين ساعة جرت المفاوضات الرسمية التي بدورها حددت بعض الموضوعات المهمة عربياً وافريقياً واقليمياً، وتطابقت وجهات النظر حولها جميعاً، وكان اللقاء قد حدد طبيعة العلاقة وما يراد لها ان تكون، فتحدث البشير امام اللقاء المشترك حول تطورات الأوضاع في السودان ومجريات تنفيذ اتفاقيتي نيروبي وابوجا ومسار عملية التحول الديمقراطي والاستعدادات الجارية في هذا السبيل. واشاد البشير يومها بالتجربة الديمقراطية الجارية في موريتانيا، وفي البيان المشترك طالب الرئيسان بضرورة إحياء مسيرة السلام في الشرق الاوسط وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، والتأكيد على وحدة العراق أرضاً وشعباً، ومناشدة الفرقاء في لبنان بتوحيد صفهم، وكذلك الاستقرار والوحدة للصومال الشقيق، وأدان البيان المشترك الإرهاب بكل صوره واشكاله، كما طالب بشرق اوسط خالٍ من اسلحة الدمار الشامل، وقد وقع الجانبان السوداني والموريتاني على اتفاقيتين تختص الاولى بتشجيع وحماية الاستثمار والثانية بتشكيل لجنة وزارية مشتركة على أن تعقد اولى اجتماعاتها في الخرطوم، وجدد البيان اهمية دور القطاع الخاص في كلا البلدين في رفع مستوى التبادل التجاري بين البلدين، وقد تعاقدت الشركة السودانية للاتصالات سوداتل مع الحكومة الموريتانية بإقامة نظام اتصال للهاتف السيار هناك تحت اسم «شنقيتل»، وبدأت في تركيب الاجهزة وتشغيلها، وكذلك تنافست شركة هاي تيل السودانية مع العديد من الشركات العالمية، وفازت بالتنقيب عن البترول والذهب ووقعت اربع اتفاقيات مع الحكومة الموريتانية، وقد فازت الشركة بخمسة حقول للتنقيب عن البترول والغاز وذلك ضمن حقول الحوض الشرقي، وهناك أربع شركات عالمية تعمل في ذات المجال هي الشركة الوطنية الصينية للبترول والشركة الاسترالية للبترول وشركة توتال. ويقول المهندس طلال محمد حامد وهو المدير الذي تم تكليفه للقيام بهذه المهمة، انه تم التوقيع على هذه الاتفاقية في نوفمبر عام 2006م، وبدأت الشركة العمل بتكملة اجراءات التسجيل ثم العمل في الحقل في المسوحات الزلزالية ابتداءً من فبراير 2007م وفق الخطة الموضوعة للعمل، وفي الطائرة التقى المشير البشير بالوفد الإعلامي المرافق وتحدث إليهم حول العلاقات السودانية الموريتانية، وانها انقطعت منذ زمان بعيد ولم يكن هناك تبادل للتمثيل الدبلوماسي برغم وجود علاقات شعبية ودينية وثقافية قديمة بين البلدين، وقال: اليوم نحن نعيد العلاقات التقليدية بين البلدين. وتحدث البشير عن احداث قمة الخرطوم الافريقية وقمة اديس ابابا، فقال ان قمة الخرطوم كانت استثنائية ولم نشأ في ظل الضغوط الأمريكية على قادة القارة أن نحدث انقساماً، لأن رئاسة القمم كانت محتكرة للدول التي كانت تستضيفها، وكذلك فعلنا نفس الشيء وتنازلنا عن الرئاسة لذات الأسباب، وتناول بالحديث كذلك العلاقات السودانية التشادية، وقال اننا قدمنا الكثير من الدعم لتشاد، ولكن الحكومة التشادية تواجه ضغوطاً كبيرة من حتى اقرباء الرئيس وقبيلته، ولذا نجدها مضطرة لاتخاذ مواقف عدائية ضدنا، لأن الذين يحملون السلاح في دارفور هم ذات القبيلة التي ينتمي إليها حاكم تشاد. وحول العلاقات السودانية الصينية وما اذا كانت الصين ستقوم بالتوسط لحل قضية دارفور قال البشير إن المقترح الامريكي الذي قدمته أمريكا للصين كان مقترحاً خبيثاً يهدف للزج بالصين في العمل السياسي في افريقيا، وهذا يتعارض مع السياسة الخارجية الصينية، ولذا فإنها لم تتدخل، خاصة وقد كان السودان مدخلاً للصين في إفريقيا، واتضح ذلك في الملتقى الاقتصادي الصيني الإفريقي الذي ضم أكثر من ثمانين من القيادات الافريقية، لأن الصين إذا منحت قرضاً قيمته مائة مليون دولار فإن الدولة المقترضة تحصل على المبلغ كاملاً.. هذه زيارة البشير لموريتانيا وأثرها.