الدكاترة يا ولادة الهناء..هل ضاعت هذه العباره؟
ولكن يبدو أن الحقل الطبي قد أصابه الهرم ففي الوقت الذي تطور الطب من حولنا ونهض إلى الأمام ترنح الطب السوداني وتراجع الى الخلف كثيرا على المستويين الداخلي والخارجي مما أثار التساءل حول ما هو السبب الذي أدى الى ذلك التراجع رغم ازدياد الكليات التي تخرج الآلاف المؤلفة من الأطباء؟
أخطاء طبية
كثرت في الآونة الأخيرة الأخطاء الطبية ومشاكل الأطباء والإهمال الذي يتسبب في أخطاء جسيمة يكون ضررها خطيراً على المريض يصل لحد الموت وتكون تلك الأخطاء نتيجة لضعف قدرات الطبيب أو استهتاره بعمله، وتحدث تلك الأخطاء حتى في أكبر المستشفيات الخاصة والمستوصفات الحديثة، فوصلت بعض تلك القضايا الى ساحات المحاكم وأغلقت بعضها ليفقد المواطن ثقته في تلك المستشفيات الخاصة التي كان يظن أنها بها كوادر مؤهلة من الأطباء وخدمات ممتازة ورغم المبالغ الكبيرة التي يدفعونها بحثا عن الاستشفاء بعد أن فقدوا ثقتهم في المستشفيات الحكومية منذ زمن طويل بعد أن أصبحت خالية من الكوادر التي تبث الثقة في نفوس المرضى وهكذا كانت معاناة الشام القاسم التي حدث لها خطأ طبي في أحد المستشفيات الخاصة المختصة للعيون قالت ظهرت لي بعض الأعراض في عيني وذهبت للمستشفى فقالوا لي بأن في إحدى عيني كيس دهني وحددوا لي عملية فقمت بإجرائها وبعد فترة لاحظت عدم نزول دموع من عيني فرجعت وبعد الفحوصات اتضح أنهم أزالوا الغدة المختصة بالدموع وحتى يومنا هذا استخدم قطرة تمنع جفاف العين وهي غالية الثمن.
فواتير باهظة
تعتبر العيادات والمراكز الخاصة بالعقم والصحة الإنجابية الأعلى أجرا من حيث الكشف والفحوصات والعمليات وحتى الأدوية فكل شيء يخص ذلك المجال يكون باهظ الثمن، ويرى البعض ذلك استغلالا من قبل الأطباء للعادات والتقاليد الاجتماعية السائدة في المجتمع والتي تجعل أصابع الاتهام تتجه نحو أي زوجين تأخرا قليلا في الإنجاب بأنهما يعانيان من مشكلة ويجب عليهما مراجعة الطبيب وبالرغم من التكاليف العالية والمبالغ الكبيرة التي تصرف للعلاج يتجه الكثيرون للخارج بعد أن يئسوا من العلاج في الداخل وفقدوا الأمل في الأطباء والمراكز بعد أن وجدوا أنفسهم في دوامة من المصاريف والتباين بين الأطباء حول نوع العلة التي يعانون منها فكثرت عليهم الأدوية والمصاريف فبعضهم اتجه للخارج وآخرون استسلموا لقدرهم وبعضهم دخل في مشاكل أدت للطلاق كما حدث لصديق الذي فقد زوجته بعد تشخيص خاطئ جعل العلة فيه ولكن بعد مدة ذهب لطبيب آخر وجد نفسه سليما وليس لديه أي مشكلة تحول دون الإنجاب وتأكد من ذلك بذهابه لآخر ولكن لم يمنع ذلك طلاقه من زوجته. وأيضا معتز الذي تعرضت زوجته لصدمة كبيرة عندما أخبروها بعدم مقدرتها على الإنجاب ولكن بعد ذهابها لإحدى الدول أنجبت. غير الكثير من الهزات التي يتعرض لها الأزواج عند لجوئهم لمراكز الإخصاب وأطفال الأنابيب التي تفشل في الغالب ويتحمل المواطن البسيط عملياتها الباهظة كاملة.
تضارب في التشخيص
التشخيص الخاطئ للأمراض واحد من الأسباب التي جعلت الناس يفقدون الثقة في الأطباء، فهي من المشاكل التي تؤرق مضاجع المرضى والأطباء أنفسهم لان التشخيص الخاطئ ينتج عنه أعطاء دواء للمريض يكون خاطئا وبسبب ذلك تحدث الأخطاء الطبية غير المقصودة يمكن أن تؤدي الى وفاة المريض. وعزا الأطباء ذلك الى غياب الرقابة والتفتيش بصورة مستمرة على المعامل ومراكز التحليل وعدم وجود أجهزة حديثة فيها، كما تعتمد الكثير من تلك المعامل على فنيي المختبرات وليس الأطباء المختصين، غير أن صفة الاستثمار أصبحت هي العنوان البارز لها فكل شخص يملك مالاً يمكن أن يقيم معملاً للمختبرات مستغلا أحد الأطباء في ذات المجال وينال ذلك الطبيب مبلغا نظير استغلال اسمه وهو ما يجعل التنافس شديدا بين تلك المعامل، فلو ذهب أي مريض لمعملين مختلفين يجد تضاربا واضحا في النتائج فكل معمل يحاول تفنيد نتائج المعمل الآخر فيدخل المريض في دوامة من الشكوك حول حالته الصحية ما أصاب حاجة زبيدة التي ملت من كثرة تضارب التشخيص فكلما تذهب لمركز يخرج لها بعلة جديدة مما دفع أولادها بتسفيرها للشقيقة مصر التي وجدت فيها العلاج المناسب.
تدهور أكاديمي وتردٍ في الخدمات
عزا الكثير من المختصين مشاكل الحقل الطبي لسببين رئيسين هما تدهور السلم التعليمي وتردي الخدمات في المرافق الحكومية، فبعد التعريب في الكليات الطبية وضعف المقررات الدراسية إضافة الى نقص سنوات الدراسة ودخول الاستثمار في مجالي التعليم والصحة ظهرت الكليات الطبية الخاصة والقبول الخاص لطلاب هم أقل قامة من اقتحام المجال الطبي، وكذلك المستشفيات الخاصة والمرافق العلاجية الفخمة التي أثرت على الحكومية من جميع النواحي الخدمية، فأصبح الطب مجرد استثمار من أجل المال فقط.
صحيفة الإنتباهة
ع.ش