تحقيقات وتقارير

الشعبية بجنوب كردفان صراع القادة…وطموحات التنمية

بيان صحفي مختصر حمل توقيع الناطق باسم مجلس التحرير الولائي للحركة الشعبية بولاية جنوب كردفان عمر النقرة، منتصف الشهر الماضي، بتشكيل ثلاث لجان تحضيرية للمؤتمر الذي حدد له التاسع عشر من مارس الماضي بمدينة كادوقلي، كان يخبئ من وراءه اخبارا غير ساره لرئيس الحركة الشعبية بجنوب كردفان اللواء دانيال كودى، بعد أن مضى البيان الى استعداد مجلس التحرير لتعيين رئيس للحركة الشعبيه بجنوب كردفان.
وهو البيان الذي حمل للسطح خلافات قيادات الشعبية بجنوب كردفان الى واجهة الاحداث مجدداً، بعد أن أدت الى إقالة دانيال كودى من رئاسة الحركة الشعبية بالولاية، الذي أعقبه اعتراف من الفريق سلفاكير ميارديت رئيس الحركة الشعبية، بوجود بعض الصعوبات في عمل الحركة الشعبية بجنوب كردفان تحتاج لتنظيم من قبل قيادة الحركة الشعبيه، وقال ان الحركة الشعبية تعانى في جنوب كردفان من ضعف سياسي يحتاج لعمل منظم، جاء ذلكم عقب لقائه قيادة جبال النوبه بالشعبية في جوبا طرفي الصراع «دانيال كودى وتلفون كوكو» بعد الاطاحة بالأول من سدة كابينة الشعبية بجنوب كردفان.
ولكن سلفاكير جمع الطرفين مؤخراً في عاصمة الجنوب جوبا لطى خلافاتهما، التى بحسب متابعين انها تتمحور حول رؤيتين يحملها قادة النوبه في الحركة الشعبية، فالقيادي تلفون كوكو يمثل تيار ينادى بضرورة الاهتمام بقضايا المنطقة المحلية واحداث التنمية المطلوبة وهو التيار الذي يقود خط التصعيد مع الشريك المؤتمر الوطنى ويحظى هذا التيار بدعم معظم القادة العسكريين، فيما يقود التيار الثانى كودى وخميس جلاب والذي يمضي في تنفيذ رؤيته في الولاية على ضوء التوجيهات المركزية لخط الحركة الشعبية، لذا يتهم من قبل التيار الآخر بمهادنة المؤتمر الوطنى في الولاية على حساب مصالح النوبه. وكانت الصحف قد اوردت ان القيادى تلفون كوكو قد طلب ضمانات من حكومة الجنوب قبل تلبية دعوة الفريق سلفاكير رئيس حكومة الجنوب لزيارة جوبا وذلك خوفا من ان يواجه التصفيه أو السجن بعد قيادته خطاً مناوئاً لقيادة الحركة التى اتهمها بالظلم لمنطقة جبال النوبه، وكان سلفاكير قد طلب تلفون كوكو للتباحث معه حول اوضاع الحركة الشعبية في جنوب كردفان بعد اقالة مجلس تحريرها الثورى لرئيسها دانيال كودى، وهو طلب يوضح مدى حجم الصراعات بين قيادات الحركة الشعبية في جبال النوبه الذي ربما تكون قيادات في جوبا ليست بعيده عنه.
وكان تقرير لمجموعة الأزمات الدولية رقم «145» الصادر في اكتوبر 2008م بعنوان «هل تنذر مشكلة كردفان الجنوبيّة في السودان بدارفور جديد» قد أشار الى ان النوبه من أبرز ضحايا الحرب بين الشمال والجنوب، ويشعر قادتها بأنّ الحركة الشعبيّة تسخّرهم أداةً في المساومة، وينتاب قادة جبال النوبة شعورٌ بالغربة يُعزى إلى الانفصال بين قيادة الحركة الشعبيّة القائمة في الجنوب، ونظرائها النوبة في كادقلي وكاودا، وأحبط هذا الانفصال الجهود المبذولة لحمل حزب المؤتمر الوطني على إقامة حكومة فعّالة في الولاية. وبعد تغييب النوبة عن سلطة القرار في الحركة الشعبيّة لتحرير السودان، نشب نزاع بين ممثلي الحركة في كادقلي وجوبا، واتهم الفريق الأوّل الثاني بأن لا مصلحة له في مأساته، وقام قادة النوبة الميدانيّون المنتشرون في مناطق الحركة الشعبيّة لتحرير السودان التي يسيطر عليها النوبة مثل كاودا باتهام الحركة الشعبيّة في كادقلي بالفساد ومحدوديّة التفكير. واشار التقرير الى انه بدلاً من التركيز على الأهداف التي عبّرت عنها الحركة الشعبية، مثل التنمية الريفيّة والمصالحة وتحقيق الأمن، ركّزت قيادة الحركة الشعبيّة بعد اتفاقيّة السلام على مجابهة سياسات حزب المؤتمر الوطني الانشقاقيّة عبر تدعيم قاعدتها المصدعة في وجه انشقاقات الماضي، مما زادت التوتر بين المجتمع المحلّي وأوجدت انشقاقاً في داخل قيادة الحركة الشعبيّة لتحرير السودان بما في ذلك بين ممثلي كاودا وكادقلي».
وبالرغم من أن لقاء جوبا التصالحى قد خرج ببيان مشترك لـ «كودى وتلفون» أكدا فيه على ان العلاقة بينهما على المستوى الشخصي هى علاقة مناضلين يحملون قضية اهلهم وبلدهم لعشرات السنين، ونفيا وجود اى قطيعة او خلافات شخصية بينهما، واشارا الى عدم وجود اى خلاف حول قضية جبال النوبه او حول البروتوكول الخاص بها. وكان اللواء دانيال كودى برفقه خميس جلاب قد بحثا مع سلفاكير قضايا الشعبية بجنوب كردفان قبل ان يلحق بهما تلفون كوكو لتقريب وجهات النظر بينهما. وبرغم تلك الجهود إلا ان الشعبية في ولاية جنوب كردفان تعانى جملة من المشاكل والصعوبات التنظيمية متمثلة في صراعات قادتها، ثم خلافاتها مع المؤتمر الوطنى في ادارة شئون الولاية التى أدت لتعطيل دولاب العمل والتنمية في الولاية لوقت طويل نتيجة لتلك الصراعات، كما تواجه الشعبية ماذق أخر في الولاية نتيجة لحالة الاستقطاب الاثني الذي تعترك فيه مع المؤتمر الوطنى، وكان أستاذ التاريخ بالجامعات الأمريكية د.اسماعيل عبد الله، قد لفت في حديث لـصحيفة «الشرق الأوسط» قبل شهرين الى النظر لعوامل أخري ستؤدي لإنفجار المنطقه اذا لم يتم تداركها، منها أن هناك جيل جديد إنفتح على ما يجري في العالم ويطمح لتنمية والخدمات، في ظل وجود إستقطاب إثني حاد بين النوبه ومجموعات المسيريه والحوازمة في المنطقة، متطابقاً مع ما ذهب اليه تقرير مجموعة الأزمات الدولية حول جنوب كردفان التى أشارت فيه لحالة الاستقطاب التى يقودها شريكا نيفاشا المؤتمر الوطنى والحركة الشعبيه بالمنطقه.
وكانت تنقلات فى وزارة مالية جنوب كردفان أصدرها والي جنوب كردفان عمر سليمان، أثارت شكوك القيادات في الحركة الشعبية، التى إتهمت نائب الوالى ورئيسها بمهادنة المؤتمر الوطنى في سياساته بالولاية، وكان قرار تنقلات بالرقم (20) نقل بموجبه الوالى عدداً من القيادات بوزارة المالية، اعتبرتها الحركة الشعبية بالولاية انها جاءت خصما على حساب اعضاء الحركة الشعبية في وزارة المالية بالولاية، مشيرة الى إن تنقلات العاملين بوزارة المالية من صميم عمل الوزير وليس الوالي، وأن حركة الإحلال والإبدال استهدفت كوادر الحركة الشعبية وبقية القوى السياسية، وأنّ الذين تمّ أدخالهم للمالية معظمهم من عضوية المؤتمر الوطني. ليتطور الأمر بعد ذلك الى إقالة مجلس التحرير الثورى للحركة الشعبية لدانيال كودي من منصبه كرئيس للحركة الشعبية بالولاية، وارجعت قيادات الحركة الشعبية دواعى اقاله كودى لمخالفته لدستور الحركة بالولاية وفشله فى ادارة اعمال الحركة وعدم مقدرته على ادارة ملف خلافات الشريكين بالولاية. وكان الناطق الرسمي بإسم الحركة الشعبيه بجنوب كردفان محمدين ابراهيم قد قال في تصريحات صحافيه، «ان مجلس التحرير الثوري فى اجتماعه دعا قيادة الحركة لعقد مؤتمر عام استثنائي للحركة لاختيار رئيس جديد واقالة كودي من منصبه كنائب للوالي، وقال «هناك اشياء كثيرة ادت لاقالة كودي من رئاسة الحركة، اهمها تعاطفه مع المؤتمر الوطني ضد اطروحات حزبه بالولاية، وضعف موقفه وفشله فى ارجاع وزير المالية التابع للحركة الشعبية الذى اقاله والي الولاية».
وشغل اللواء دانيال كودى أبرز قادة الحركة الشعبية بجبال النوبه منصب وزير دولة بوزارة الثروة الحيوانية، قبل تكليفه الحركة الشعبية بشغل منصب نائب والى ولاية جنوب كردفان وفقا لاتفاق السلام الشامل وبروتوكول جبال النوبة الذى ينص على التناوب فى منصب الوالى فى الفترة ما قبل الانتخابات. وسبق لدانيال كودى قد تعرض لحادثة اغتيال عندما كان يشغل منصب وزير الدولة بوزارة الثروة الحيوانية في أواخر اغسطس 2007م، فاثناء إلقائه لخطاب جماهيري تم تفجير قرنيت على المقصورة التى يتحدث بها كودى، لينفجر القرنيت قبل وصوله الى المنصه. وكانت مصادر بجنوب كردفان قد أشارت الى ترشيح القيادي عبد العزيز آدم الحلو لمنصب رئيس الحركة الشعبية بجنوب كردفان قبل اقالة دانيال كودى نهاية الشهر الماضي، وقال الناطق باسم مجلس التحرير الولائي للحركة الشعبية بولاية جنوب كردفان عمر النقرة في تصريح صحفي «إنّ المؤتمر سينتخب رئيساً جديداً للحركة الشعبية بالولاية، وأضاف قائلاً مازال عبد العزيز الحلو هو المرشح الوحيد حتى الآن».
خالد البلوله ازيرق :الصحافة