مقالات متنوعة

معركة تشكيل مخيلة الإنسان إعلامياً


معركة تشكيل مخيلة الإنسان إعلامياً
انتهى الزعم الأجوف عن حيادية وسائل الإعلام منذ أيام الحرب الباردة بعد أن روج لذلك ملاك وسائله في العالم الغربي حتى نقتنع بقولهم في عالمنا الثالث لنصبح أسيرين لما تريده وسائل إعلامهم توجيهنا نحوه ونحن ننقاد إليها مذعنين تأخذ بنا من رقابنا تساعدها في ذلك تعمية أجهزة إعلامنا الرسمية التي تمارس الصمت نحو قضاياها الداخلية أو تنشغل عنها ببرامج إنصرافية ،بينما نجدها أولاً بأول في الفضائيات والإذاعات الغربية ،فتستلبنا وتفقدنا الثقة في إعلامنا الذي يحارب الإمبريالية والاستلاب الغربي في برامجها في حين يرمي بنا في مصادر الأخبار في أحضان الآخر ،وأصبحت مواقع التواصل الإجتماعي على الإنترنت مجهولة مصادر الأخبار وكثيرة الشائعات مصدراً مهماً،فأصبحت الموضوعية هي البديل للحيادية ،تلك الموضوعية التي تجعل إفتراض وجود سباق بين الرئيسين الأمريكي والسوفيتي فقط أيام الحرب الباردة ،كانت نتيجته فوز الرئيس الأمريكي ،وطلب من الصحافة الموضوعية في الدولتين توضيح كيف ستورد الخبر ،فقالت الصحافة الأمريكية (جرى سباق بين عدد من رؤساء الدول فحل فيه الرئيس الأمريكي في المرتبة الأولى متفوقاً عليهم جميعاً ) ،بينما قالت الصحافة السوفيتية ( جرى سباق بين عدد من رؤساء الدول ،حيث جاء الرئيس السوفيتي في المرتبة الثانية ،بينما حل الرئيس الأمريكي في المركز قبل الأخير)،إذن هذا هو الإطار الذي يتحرك فيه الإعلام لخدمة أجندة الدول ومجموعات الضغط ،ولقد احتكرت وسائل الإعلام الغربية المسيطر عليها أو المؤثر عليها من قبل المجموعات اليهودية على سوق الإعلام لأكثر من قرنين ،ولقد شاهدنا حرب الخليج الثانية بأعين كاميرات الإعلام الغربي المرافق لقوات التحالف فقط ،والذي لم يكن أكثر مهنية من الإعلام المصري المصاحب للجيش والشرطة في فض اعتصام رابعة ،لكن تلك كانت نهاية الاحتكار ،وجاءت الجزيرة فنقلت لنا من زاوية مختلفة غزو الأمريكان لأفغانستان الذي كانت تسميه الـ BBCو الـ CNN(الحرب على الإرهاب) وشاهدنا بعدها ملاحقة تيسير علوني ،وكذلك تابعناها في نقل احتلال العراق بواسطة القوات الأمريكية البريطانية والمقاومة التي وجدها الاحتلال، بينما كانت الـCNN تسميها بالتمرد ،وهو نفس واقع تعامل تلك الوسائط مع حركات المقاومة الفلسطينية حيث تميل إلى تسميتها بالحركات الإرهابية وتستبعد كلمات الاحتلال والمقاومة من تغطيتها للصراع العربي الإسرائيلي ،الثابت في وسائل الإعلام الغربية أنها تفصل بين رسالتيها العالمية والمحلية خاصة البريطانية والأمريكية والفرنسية لها قنوات محلية معنية بالشأن الداخلي يتابعها مواطنوها ،لكنهم في المقابل يجهلون كل شيء عن السياسة الخارجية ،ويتقبلون ما تود تشكيل رأيهم به عندما تريد إتخاذ قرار معين بشأن سياستها الخارجية ،وسرعانما يستجيبون لهذا التنميط.
حاشية:
تتسابق القنوات الفضائية الرسمية في الغرب في إيصال بثها إلى الشرق الأوسط بلغاته تسابقاً في تشكيل مخيلتنا ، ،وتسابق بعض الإسرائيليين والأمريكيين يخوضون حرباً ضد الجزيرة،عنها سنحدثكم.

الكاتب : مرتضى شطة
صحيفة الرأي العام