مقالات متنوعة
أيُّ كشط أو شطب يلغي هذه الشهادة
في فترة الحكم الثنائي ظهرت اختام كثيرة في القطاعين العام والخاص الا ان اول ختم استخدمته الدولة كان يحمل : «ديوان حكمدار السودان» . بخصوص الزخارف والنقش المستخدم في زينة المنازل والمنشآت سوف أركز على البيت النوبي نسبة لأن المواد غزيرة جداً في هذا الصدد والبداية من الشمال يبدو أنها عادلة لأن بلاد النوبة كانت هي بوابة السودان الكبرى التي دخلت منها معظم الحضارات وخرجت منها غالبية الصادرات شايف كيف .
أفضل من كتب في ذلك هو ج.ن ساندرسن مدير شعبة الدراسات السودانية زمااانك ، ثم صار منزله داخلية للطالبات على ايامنا – هسع ما عارف عملوهو شنو؟ ترجم كتاب ساندرسون المرحوم بروفيسور أحمد الحاكم .
يقول المؤلف إن الغرض من الزخارف على البيت النوبي هو صرف نظر الحاسد كيلا لا يصيب أصحاب المنزل تلف في الأنفس أو في الثمرات ولخص هذه الزخارف في:
1/ الصليب الذي على بيوت المسلمين وهو كافٍ بأن يشغل الناظر لدواعي وضعه على بيت مسلم وبذلك ينسى ان يسحر.
2/ كتابة آيات قرآنية على واجهة الباب مثل لا إله إلا الله ، ادخلوها بسلام آمنين ، أو يا داخل هذا الدار صلي على النبي المختار وطبعاً هذه ليست آية .
3/ أشكال هندسية معمولة من الحصى المغروز في جسم البنيان أو وضع مراية متوسطة الحجم .
4/ لوحات أثرية معلقة على الباب او ميداليات من حرب الطليان وقد وجد الباحث على أحد مداخل البيوت لوحة منزوعة من سفينة مصرية مكتوب عليها «صنعت في مصر سنة 1882م» أما شنو التي صنعت في مصر الله أعلم الباخرة ، اللوحة ، الحيطة ؟ ما عارفين.
5/ استغلال عنصر التخويف والشد برسم أشكال مثيرة للذعر مثل أسد فاغر فاه أو تمساح في وضع استعداد إضافة إلى قرون بعض الحيوانات أعلى الباب كمواد مبطلة للسحر.
هنالك أيضاً أشياء لها دلالات ووظائف مثل وظائف الأختام وهي العلامات التجارية والتي لها قوانين صارمة تحميها ولها لوائح دولية تحت رقابة الأمم المتحدة التي تضم 179 دولة منها السودان مثل علامة المارسيدس وL.G وفيلبس وعسل الأسد وحنة العريس . كل هذه العلامات لها علاقة بالراحلة أو الدابة أو المادة المقرونة معها، أما ما يثير ما تبقى لي من حصة في الدهشة هو بعض العلامات التجارية او الرسومات على بعض المصنوعات التي يستحيل أن يكون لها علاقة بالمصنوع مثل كبريت الأرنب، زيت الجمل، وذات يوم وجدت لافتة على مغلق مكتوب عليها: «لمبات الظلمات القوية» وهنا قبل القدح في هذه العبارة يجرفني تيار من الاستفهامات في هل القوية صفة للمبات ام الظلمات؟
يا ربي ما في رقابة لحماية الذوق العام في البلد دي؟ تذكرت الآن اللافتة المكتوبة على خلفية المركبات العامة التي تقول: «تحزير» وقوف متكرر- عيب يا ايها الناس وبما ان إزالة المنكر صدقة وحسنة فأرجو ازالة هذه الديباجات وبلاش فضائح ..
اما أجمل ديباجة رأيتها فهي موضوعة على كشك مطل على فندق ينزل فيه العرسان من كافة الولايات وصاحبه ماهر جداً في عمل العصاير والخلطات المستجادة مثل حلبة بالدخن ، آبري بالدوم ، مايونيز بالعجور، منقة بالفراولة ، وكل هذه المشروبات مفيدة ومستساغة في بلد يشهد فيه اليوم الواحد ستة أنواع من المناخات ، اما اللافتة التي كتبها الرجل على الكشك فهي تقول «ربي ما تحرم بيت من الاطفال» واضح جداً ما يرمي اليه هذا الرجل الذكي الا انه بمفازة من أي عقوبات لأنه لم يخدش الحياء العام وهو يخاطب فئة من الجنسين تسير على المحجة البيضاء التي لا يزيغ عنها الا هالك – يبقى المشكلة شنو؟
حكمة قديمة :
قال أحد الفلاسفة : الذي يُعّلم الخير للناس ولا يفعله بمنزلة الأعمى الذي في يده سراج ، غيره يستضئ به وهو خالٍ من منفعته منه .
الكاتب : فتح العليم عبد الله
صحيفة الرأي العام