مقالات متنوعة

آخر أسراري


آخر أسراري
مدخل:
“أيها الغائبُ عني، كيف أمسيتَ؟
وهل فكّرتَ بي هذا المساء؟
هل تنهّدتَ قليلاً.. رقرقت عينكَ بالدمع وأجهشتَ بكاء؟
أيُّ طعمٍ لحياةٍ لستَ فيها..أيُّ معنىً لطعامٍ، لكلامٍ، لهواء؟
وأنا في ركني القاصي من الدنيا ضياع وهباء”
غادة السمان
(1)
في ذات اللحظة التي سمعت فيها صوتك، كنت أدرك أنها أنت، لكن رفضت ذلك وسدرت في غيي، كل ما كنتِ تقولينه لم يكن يعرفه أحد سواك.. أنا أعرف ذلك، ولكن في بعض الأحيان تبدو الحقيقة فوق طاقتنا، فنتوهمها لتخفيف حدة الصدمة.
(2)
حسناً دعيني أخبرك بآخر أسراري، نعم بعد كل هذا الوقت؟، وهل سيجدي ذلك؟!، انفضي كل تلك علامات الاستفاهم وراء ظهرك، أعلم أن ذلك لن يجدي، ولكن سأقول آخر أسرارك عندي، عسى أن أتخلص منك تماماً، بعد أن أسلَمْتُكِ آخر ما تبقى لك عندي.
(3)
أتذكرين حديثنا الفلسفي السابق عن (عالم المثل).. وأن هناك صورا لأرواحنا تتلاقى فتأتلف وتختلف.. لا عليك إن نسيتيه، كان ذلك الحديث يدور حول غموض علاقتنا بالناس الذين لا نعرفهم، فبعضهم تحبه من الوهلة الأولى، وآخرون لن تحبهم ما حييت، ثمة (ذبذبات) نستشعرها منذ النظرة الأولى، قبل حتى أن تنبجس الشفاه بأي كلمة، دعيني أعترف لك الآن أني عندما رأيتك ظننت أنك لي وإلى الأبد.
(4)
حين أنظر الآن لتلك اللحظة الفاصلة من حياتي، أدرك كما كنت مخطئاً، وأن ظنوني لم تكن في محلها، أشعر بتوتر شديد تجاه تلك اللحظة، هل ألعنها أم أشكرها؟، هل تصدقين أن الأمريْن يستويان عندي، ليس هناك من هو أكثر بؤساً من المرء الذي أصبح اللا قرار هو عادته الوحيدة، ألوذ بالصمت، فكما تعلمين أن (أحلامنا) تقول: “في بعض الأوقات يحدث الصمت فيك أثراً لن يستطيع أن يحدثه الكلام”.
(5)
أتذكرين (أحلامنا) التي أمرتني بألا أغفر، وأمرتك بالنسيان؟!.. إنها ذاتها التي ترقص الآن على تناقضاتنا، أو أن هناك تفسيرا آخر، أمم.. حسنا دعيني أفكر قليلاً، أعتقد أن النصوص تبدو دوما أذكى من كاتبيها!.
(6)
قالوا كترنا في السياسة البتجيب (هوى)، قلنا خلاص نجيب سيرة (الهوى)!!.

نفس مختلف – محمد عبد العزيز
صحيفة السوداني