مهن عراقية جديدة.. الاتجار بمنشطات جنسية أمريكية وحواسم صدام
ويقول قاضي الأحوال الشخصية خليل العبيدي لـ”العربية.نت”: “لم أعتد أن أرى رجل الدين بما يمثله من منزلة اجتماعية وكونه قدوة في السلوك والنزاهة يتبع الأساليب ذاتها التي يتبعها من كنا نسميهم الطبقة الجشعة من الناس, فأصبحنا نراه يتقدم الكل ليحصل على مقاولة بناء أو تجهيز مواد، وصرنا نراه وهو يتعلق بشاحنات النقل بلباسه التقليدي الوقور.. أو أنه يختار مهنة التوسط بين الأفراد والحكومة لفض مشاكل الآخرين مقابل عمولة”.
تجارة مواد أمريكية
مختار المحلة .. مهنة اختفت من حياة العراقيين الجديدة
ويتحدث نعمة، البالغ من العمر 28 عاماً والبائع في سوق الباب الشرقي بمركز مدينة بغداد: “أشتري المواد التي يبيعها العاملون مع الأمريكان في القواعد العسكرية وفي المنطقة الخضراء وأقوم بإعادة بيعها داخل هذه السوق”.
ويضيف “هي مواد تبدأ بمعجون وفرش الأسنان والنواظير البعيدة والقريبة والنظارات الشمسية والمواد الغذائية المجففة والملابس العسكرية والخوذ الأمريكية والكفوف بأنواعها كالتي توضع على كامل الكف أو على الأصابع فقط وتمتد إلى معجون الحلاقة والأحذية ذات الطراز الأمريكي العسكري وأنواع المنشطات الجنسية والرياضية”.
ويقول الحاج علي عبدالخالق من منطقة الكرادة: “اختفت مهنة المختار التي اعتدنا أن نتعامل معها في حياتنا اليومية البغدادية، وهي مهنة تسند عادة للصفوة من الناس المعروفين بطيب الخلق في محال بغداد منذ العهد العثماني. هذه المهنة اختفت من الوجود في قاموس أهل بغداد والعراق حالياً وحل محلها المجلس البلدي الذي يتألف من عدة موظفين، واختفت من مدننا أيضاً مهنة الاسكافي التي كانت تعنى بإصلاح الأحذية وصبغها”.
اختفاء الريافة والعتاكة
محلات شوي السمك المسكوف انتقلت إلى داخل المدينة
وانتقلت محال بيع السمك من ضفاف شارع أبونواس الذي عرف باحتكار هذا النوع المطاعم لتتوزع في أنحاء المدينة. كما هجر المعلمون القدامى مهنهم في سوق الصفافير المتخصص بنقش الرسوم على النحاس، واختفت من خارطة المهن مهنة الريافة التي كان الناس يلجأون إليها لإصلاح ثوب ثمين مهترئ او بدلة أنيقة تتعرض للتمزق، وحلت محلها أخرى جاءت بها الحروب.
ويقول الدكتور حسن سلمان أستاذ علم النفس في الجامعة المستنصرية لـ”العربية.نت: “هناك تسميات جديدة لمهن جديدة مثل “العتاكة” وتطلق على من يقومون بجمع علب المشروبات الغازية وهم فرق متعددة يبدأون العمل منذ الساعات الأولى من الفجر، حيث تبدأ المجموعات الأولى بفرز العلب ووضعها على شكل أكوام جنباً إلى جنب مع أكوام القمامة، وقبل أن تشرق الشمس تقوم مجموعات أخرى بجمع هذه الأكوام ونقلها إلى سيارات خاصة ثم بيعها، وبعد ذلك عندما تتحول إلى تلال من الصفيح لنمط جديد من الأثرياء الذين يتاجرون بهذا النوع من المهن، وتعني أصحاب المليارات من الدنانير حيث تبلغ الغرفة الواحدة مليار دينار (نحو 900 ألف دولار).
ويضيف الدكتور سلمان: “هناك مصطلح مهني جديد هو الحواسم، وتطلق هذه التسمية على من قاموا بسرقات وأعمال نهب مختلفة خلال الساعات التي تزامنت مع دخول القوات الأمريكية لبغداد يوم 9-4-2003 وتحولوا إلى أثرياء أو امتلكوا شيئاً لم يكونوا قادرين على امتلاكه قبل سقوط النظام السابق، وأصل تسمية الحواسم تعود لكون صدام حسين أطلق اسم الحواسم على آخر معاركه مع الأمريكان التي انتهت بسقوطه. ولذا فقد صار من يسرق مالاً حكومياً أو من يسكن بيوتاً وعمارات تابعة للدولة يطلق عليه اسم “حواسم”.
ويفسر أستاذ علم النفس ميول الناس لاستقطاب مهن جديدة والتخلي عن مهن قديمة بأنه “نزوع طبيعي للتغيير والخروج من داخل وعاء الضغط الهائل الذي كان النظام السابق يضعه فوق جماجم الناس، وهناك ضغط شديد مارسه النظام السابق وانفلات شديد رافق عملية سقوط النظام، وبين هذا وذاك تغيرت أولويات الناس وتغيرت الرغبات والمطالب، وتبعاً لهذا اندرست مهن وظهرت مهن أخرى لم تكن بالحسبان وتتلاءم مع الوضع الجديد”.
العربية نت [/ALIGN]