منوعات
مصطفى سيد أحمد والحوتْ.. يخلق من الشبه «مبدعين»

بعدها سنحتْ له الفرصة ليقف أول مرة على خشبة المسرح ليغني أمام الجمهور. كان ذلك في احتفال «المجلس الريفي» سابقا معتمدية بحري حالياً وكان يغني بآلة الرق يصاحبه كورس لفت الأنظار إليه وحظي بجائزة السيد المحافظ التي كانت عبارة عن مجموعة من الدفاتر المدرسية والأقلام والزي المدرسي، بجانب مبلغ مالي.
أما مصطفى سيد احمد فقد بدأ الغناء على استحياء في مناطق الجزيرة حتى جاء الخرطوم وشارك في مهرجان الثقافة 1980 مسابقة الغناء ومثّل هذا المهرجان بالنسبة لمصطفى نقطة الإنطلاقة والشهرة. فيما كانت أغنية (تحرمني منك) نصاً لحنياً وقميصاً يرتدي وبدأت جماهير الغناء تعرف عن هذا المبدع الجديد بشعره الكثيف وطوله الفارع وجسده النحيل ونظاراته السميكة بعود يرسل الألحان من أودية العبقرية.
كاريزما
وما لبث أن فارق مصطفى سيد احمد محطة بداياته الأولى التي ظلّ يُردد فيها أغنيات تقليدية على شاكلة: «السمحة قالوا مرحّلة»، «غدّار دموعك»، وغيرها من الأغنيات ذاتْ الرمزية العالية والمحمولات السياسية والإيدلوجية، التي استقطبت له نخبة وصفوة المجتمع أرسلت إشارات عن شيوعية الرجل أو يساريته.
أما الحوت فقد كانت بدايته أكثر تقليدية، فقد بدأ بأغنياتْ الحقيبة ثم تحوّل لاحقاً إلى إنتاجه الخاص وأكثر الأغنيات التي اصطلح على تسميتها بالشبابية استقطبت له ارتالاً من شباب الجامعات وطلاب المدارس ومتابعي الموضات الجديدة وظهرت تسريحة محمود عبد العزيز وتحيته وتدخلاته في الألحان القديمة والجديدة ومجموعات الشباب التي ناصرت محمود جرت عليه الأطماع من بعض المؤسسات الحزبية التي أرادت الاستفادة من جماهيرته وإلحاقه بها وكانت تجربته مع الحركة الشعبية قطاع الشمال ثم جاءت تجربته مع مؤسسة الكوثر وبعض البيوتات الصوفية.
تقنيات حديثة
استفاد محمود إلى حد كبير من الطفرة الإعلامية الحديثة من فضائيات وموبايل وانترنت وهي تقنيات مرتبطة بالشباب. ولا ننسى اكتساحه سوق الكاسيت في نهضته الأخيرة في التسعينات عبر إلبوم «سيب عنادك»، التي ظهر عبره بقميص أخذ الإسم فيما بعد. هذا فضلاً عن البومات: «سكت الرباب»، «في بالي»، وغيرها. فيما كان مصطفى سيد أحمد يعوّل انتشاره الأول على الراديو والمسجلات العتيقة وبعض الألبومات التي كان أشهرها (الحزن النبيل) الذي سجل أكثر الألبومات مبيعاً في فترته ولكن تظل جماهيرية مصطفى ذات اهتمامات سياسية لكنها كبيرة بسبب تركيز العمل السياسي في عهد الإنقاذ داخل الجامعات التى كانت أكثر حرية من الساحة خارجها.
لا وجه شبه
الشاعر سعد الدين إبراهيم يقول بانتفاء أي وجه شبه ما بين محمود عبد العزيز ومصطفى سيد احمد فيما عدا أنهما استطاعا رفد الساحة الفنية بمجموعة كبيرة من الأغنيات في فترة قصيرة وجمعا حولهما جماهير عريضة وأردف سعد قائلاً: هناك اختلاف كبير في المنهج ما بين المشروعين فالحوت يعد ظاهرة فنية اجتماعية ومصطفى سيد احمد كان ظاهرة فنية سياسية وكان ثورياً.
أما الحوت فهو متمرّد لم يكن كادراً منظّماً على عكس مصطفى الذي كان أكثر تنطيماً. من جهته قال الموسيقار الفاتح حسين المعروف بعلاقته الحميمة بالراحلين: مصطفى سيد أحمد تجربتي معه طويلة جداً من أيام الحصاحيصا وعمله معلماً هناك ثم انتقاله إلى العاصمة. وأستطيع أنْ أقول لك بأنّ مصطفى كان يتعامل برسميات شديدة في غنائه وعمله كمعلم منحه شخصية المعلمين الرسمية الجادة على عكس محمود تماماً، فقد كان مصطفى يلحّن أغانيه بنفسه بفكر وبقضيةٍ.
أما محمود مؤدٍ لألحان آخرين كما أنه شخصية بها كثير من التناقضات فهو صوفي تجده محلقاً وسط حلقات الذكر مرتدياً جلابية الدراويش المبرقعة والطاقية الخضراء أضف إلى ذلك أن مصطفى كان موجهاً ومعروفاً عنه انتماؤه لحركة اليسار.
تقرير: هبة الله صلاح الدين: صحيفة حكايات
ي.ع[/SIZE][/JUSTIFY]







شيوعيين اراحنا الله منهم ( عليهم الرحمة )