محمد الطاهرالعيسـابـي: من يذكُر أمثال هؤﻻء ؟!
ترجل أحد الرؤوساء الغربيين من سيارته ليصافح عامل نظافة في الشارع العام فشدّ على يده قائلاً : انتم من ينسب إليكم النجاح والانجاز في جعل مدينتنا بهذا الجمال ! العم عبدالله واحداً من هؤﻻء الاخيار الذين نسوهم الناس ، عمل سائقا لقرابة النصف قرن ،ﻻكثر من 30 وزيراً تعاقبوا عليه بوزارة الصناعة السودانية ولعدة عقود ، يجلس عم عبدالله على كرسي خشبي متواضع ومتهالك أمام منزله بضاحية الصحافة بالعاصمة السودانية الخرطوم بعد أن تقاعد للمعاش ، يلقاك هاشا باشا بوجه طلق ، شاب شعر رأسه الذي يتسلل من تحت طاقيته ليكسوه وقار ، وأنا أهم بإنزال صغيرتي كل صباح برياض أطفال على مقربة من منزله أجده حريصاً على التحية والسلام وكأنه يعرفك منذ زمان ، عم عبدالله لو جاد عليك الوقت بوقفة عنده ﻻتمل حديث الذكريات ، طاف معظم مدن وقرى وفيافي السودان ، يعتز بخدمته في حكومة السودان ويذكر مواقف وأحداث ، يمازحك بخفة الشباب ، من كثرة ترددي على المكان توثقت صلتي به ، فهو رجل سمح أصيل يدخل حياتك بلا استئذان ، له كلمة يمازحك بها ما أن يراك مرسل ومرسل بضم الميم وفتح الراء لها ما وراءها لهذا الجيل فقد كانوا يضحكون ويمازحون على من تقوم زوجته بإرساله للمشاوير وبالنسبة لهم من الخطوط الحمراء في زمان بساطة الحياة و التحلي بالحياء ، فهو دائماً مايردد هذا المصطلح وتعلوه ابتسامة عميقة تكسو ملامحه الوضيئة ، وﻻيعلم عم عبدالله ان جميع رجال اليوم أصبحوا مراسلات أمثال هؤﻻء يحتاجون لتكريم واهتمام تقديراً لجهدهم الكبير وبصماتهم الخفية في كل إنجاز ، سنوات عديدة قضوها في خدمة الأوطان كانوا مثابرين ومجدين ومخلصين في عملهم ، سهروا الليال الطوال ، طويت سيرتهم ولزموا بيوتهم وتواروا في صمتٍ وغابوا عن ميادين كانوا يصولون ويجولون فيها بهمةٍ ونشاط ، على الافراد والمؤسسات ومنظمات المجتمع المدني أن تبادر ولاتنتظر ايقاع الدولة البطيء ، لتكريم أمثال هؤلاء البسطاء الكادحين من أصحاب المهن الحرفيّة والمعلمين والسائقين وحتى الخفراء الذين واصلوا الليل بالنهار لخدمة المواطنين وحماية الممتلكات ، قليل دعم ، وعبارة شكر لهما وقعهما الكبير في قلوبهم يمسح عنهم غبار السنوات ويشعرهم بتقدير واحترام الناس .
أمثال العم عبدالله الذين يستحقون منّا كل إهتمام كثر بالسودان ، فأتمنى من قادة الدولة أن تخصص برنامجاً في شهر الصيام لأمثال هؤلاء البسطاء الذين خدموا الوطن لعقود من السنوات والحرفيين الذين ابدعوا واخلصوا في عملهم فكبرت سنّهم وأعيّاهم المرض وأصاب جسدهم الوهن وتقاعدوا دون أن يشعر بهم أحد ، أرجو أن لاينصب تركيزنا في هذا الشهر الكريم على النجوم والمشاهير ، وننسى الذين نُنصر ونُرزق بهم كما قال رسولنا الحبيب : ( إنما تُنصرونَ وتُرزقونَ بضعفائكم ).
وقد رأينا تعامله صلى الله عليه وسلم مع الضعفاء والمساكين فقد كان له في ذلك شأن خاص وعظيم ، يعيش معاناتهم ، ويقضي حوائجهم ، ويزور مرضاهم ، ويشهد جنائزهم ، ويواسي فقيرهم ، ويرحم ضعيفهم ولا يأنف أن يمشي مع الأرملة والمسكين فيقضي له حاجته . فهل بالإمكان أن نفعل ذلك في شهر الصيّام ؟
إلى لقاء
بقلم : محمدالطاهرالعيسـابـي
صحيفة السوداني
جزاك الله خيرا وكثيرا من امثال عمك عبدالله من اعياهم التعب واقعدهم المرض والكبر وبل احسن عمك عبدالله فهناك من يتحرك بكرسي متحرك اقعده المرض واوهن عظمه الاياء والكبر ولا احد يحس به ويتألم لألمه وقد خدم شبابه في خدمة وطنه وحمايته كعسكري او في خدمته المدنية من عمال وسائقين ومنهم من غادر هذه الدنيا الى رحاب الاخرة ليس منها حسن السيرة وطيب المعشر اللهم فتقبل من غادر منهم وبفضل هذا الشهر الكريم قبولا حسنا وانزله منازل الصديقين والشهداء والصالحين واشف اللهم مريضهم واعن محتاجهم وفقيرهم برحمتك يا ارحم الراحمين .