د. فتح الرحمن الجعلي

اعتراف خطير


[JUSTIFY]
اعتراف خطير

بعض ملامح أسرتنا الكريمة أن غالب أفرادها ينتهزون الفرصة للتعليق الظريف _ بغض النظر عن درجة لذعه أو مرارته_ ويستمتعون جدا بهذه الطريقة، ولذلك فكثيرا ما يروون قصصا عن تعليقات جدنا ود الجعلي ووالدنا وعمنا وغيرهم.
ابن العم الأستاذ أحمد الجعلي، له تعليقات مثل أسلافه، زادتها روعة دراسته فوق الجامعية المتعمقة في الأدب الانجليزي وتأثره بسخرية الكتاب الانجليز، سألته ذات مرة عن أحد الناس الذين يهم كلينا أمره واستفسرته عن كيف أتعامل مع آرائه؟ رد عليّ _ضاحكا_ :اسمع رأيه واعمل ضده، فهذا الرجل موفق جدا في اختيار الموقف الخطأ!
القصة أرويها بين يدي نصيحة لك _ عزيزي القارئ_ بأن تقرأ مقالاتي لتعلم موقف(ناسي) الذي سيكون بعدها، فهو_ بلا شك_ ضد ما نكتبه تماما، فأنا واحد من الكتاب الذين يجتهدون في الدفع بالمواقف التي يحسبونها صحيحة، فيجدون أنهم يراهنون على الحصان الخاسر وينفخون (القربة المقدودة)، ولذا فعليك معرفة رأينا لتعلم الموقف المتوقع من إخواننا و(ناسنا)، فأنا موفق جدا في اختيار الموقف غير المطلوب !
مشكلة_ (حاءاتنا) الثلاث ، الحزب والحكومة والحركة_ أنها تتحرك في دوائر متشابكة تتكرر فيها الأسماء والأفكار، ولذا أضحت هذه الدوائر تتحرك بمحدودية المساحة ومحدودية الفكرة، متخذة أسلوب (ما أريكم إلا ما أري)، وأصبح التفويض الطوعي الممنوح لها من الجماهير، أقرب ما يكون للتفويض الالهي، فمن يخالفه لا يعجز عن الوصول إلى نهايات ناجحة فقط، بل قد ينتهي به المقام إلى نهايات خاسرة!
صحيح نحن _معشر من يدعون الإصلاح_ لسنا ملائكة وليس فينا تميز نبز به إخواننا في حقل العبقرية، لكننا أيضا لسنا أغبياء ولا يمكن أن نتهم بشيء مما يسيء للإنسان أو الإنسانية، ولو كان فينا عيب _وهو عند إخواننا محمدة_ فإننا نتمتع بدرجة عالية من روح القطيع ولنا قابلية الانسياق خلف الجماعة مهما كانت الأخطاء، وهذا العيب أمر مشهور في وسط الجماعات الشرقية _مسلمة وغير مسلمة_ فالتنظيم الاجتماعي عندنا يبنى على اتباع الجماعة حتى ولو انحرفت عن المسار !
تجربتي المتواضعة مع العمل الجماعي، تجعلني أقول: إن الجماعات لا تمثل سوى درع حامٍ لآراء الأفراد والقرارات فيها لا تسلك السبل النظرية المظنونة فيها، وفكرة الشورى لدينا_جميعا_ فكرة غير ناضجة ولا يمكن أن تحقق الغايات العليا المتوقعة منها، وسيلةً من وسائل ممارسة الإنسان إنسانيته وعبادةً يتقرب بها العبد إلى ربه!
أما الديمقراطية، فحدث ولا حرج، فهي التحايل والتزوير والغش والخداع والكذب والتدليس، وقد عمدنا _نحن معشر الإسلاميين_ إلى إثبات أنها أسوأ وسيلة سياسية ولا يؤمن بها إلا عبدة الأصنام السياسية في الغرب!
يا صديقي: الأمانة تقتضي أن أقول لك: إذا أردت أن تراهن على الحصان الخاسر فعليك بالتمسك بما نكتب فإنه لا يساوي _عند إخواننا_ ثمن الحبر الذي كتب به، فحالنا مثل الشاعر الذي وصل حد الألم من قومه فقال:
الآن الحرب والآلام والشاعر يغني الحب. الناس لا يحترمونه ولكن إذا انتهت الحرب فسيشيدون له تمثالا!
[/JUSTIFY]

حلو مر – د. فتح الرحمن الجعلي
صحيفة السوداني


تعليق واحد

  1. رغم ذلك لا تيأس اخي الجعلي لعل الله يحدث بعد ذلك امرا، فيرجع اخوتنا الى الحق وتنطلق القاطرة الى غايتها الموفقة بإذن الله.

  2. غيركم مافى السودان رجال انتو الحكومة وانتو المعارضه وانتو اهل الدين والمفسدين وكلو

  3. اخيرا الجعلي يعترف .فهمت الدرس ياخي
    صالح ارباب ابن دفعتك
    تحياتي لك