المذكرات النسائية.. وحدود الكلام !

ان فن السيرة الذاتية النسائية في الأدب العربي بصدد التكون أو يوشك أن يتأسس كجنس أدبي له قواعده ومعاييره الجوهرية التي تميزه بخصوصية نوعية.. «نجوع» تناولت موضوع كتابة المذكرات النسائية كضرب ابداعي مقدمة نماذج لكاتبات سودانيات قمن بكتابة مذكرات، الا ان بعض النقاد يرون أنها لا تخرج من إطار العمومية بسبب مجتمعاتنا بعاداتها وتقاليدها المختلفة التي تحتم على المرأة الصمت وعدم البوح بتفاصيل حياتها الدقيقة.
مذكرات هدى شعراوي
تتيح لنا هذه المذكرات التعرف على جزء يسير من حياة شخصية متميزة في التاريخ المصري الحديث، عن ظروف نشأتها، عن عائلتها، وعن مجتمع الصفوة الذي انتمت إليه وأثر في مجرى حياتها، بالإضافة إلى ذلك، تضيء لنا مذكرات هدى شعراوي وقائع مهمة للغاية في تاريخ الوطن من تحالفات ومواقف سياسية، فتشاركنا هدى مواقفها ورؤيتها عن فترات فاصلة في حركة التحرر الوطني والصراع ضد الاستعمار الأجنبي، كتبت فيه الكاتبة حياتها مع اسرتها وتشدد والدها وتفضيل أخيها ومرضه
وطريقة تلقيها للتعليم، كذلك كانت ساهمت في منع الفتاة المصرية من العمل لدى الانجليز واستغلالها، وطلب اخذ رأي الفتاة عند الزواج واجراء فحص طبي قبل الزواج.
وربما أدركت السيدة هدى شعراوي مدى عمق تجربتها في الحياة، فقررت أن تكشف لنا عن فصول حياتها، وما كان فيها من أفراح وأحزان، فتسرد لنا يومياتها وذكرياتها.
دكتور إبراهيم إسحق قال لـ «نجوع»: لا استطيع تذكُر حالات مشهودة لكتابة نساء مسلمات او عربيات لتفاصيل حياتهن وتقديمها مطبوعة للجمهور. ويعرف الناس ان هؤلاء النسوة اللاتي يرغبن في تقديم هذا الجانب من حياتهن كثيراً ما يلجأن لقوالب الخيال السردي مثلما في كتب بعض الشاميات والمغربيات، ونظرياً اعتقد انه من الممكن كتابة سيرة ذاتية نسائية بأسماء مستعارة. والمعلوم ان السيرة الذاتية المتضمنة لوقائع الخروج عن المألوف اكثر ما توجد عند الرجال، ولكن حتى عندهم لا نجد سقطاً في الاعتراف بما هو مُجاوز للأخلاق المعتبرة، واحسب ان السيرة التي تتحدث عن المعتاد من النشاط الاجتماعي او السياسي يمكن ان يكتبها الرجال والنساء على السواء.
تفتقد للبوح الشفيف
الدكتور مصطفى الصاوي وهو احد الذين تطرقوا لهذا الجنس الابداعي من الكتابة من خلال كتابه الذي صدر أخيراً عن كتابة المذكرات، استطلعته «نجوع» فقال إن النساء اللائي كتبن سيرة ذاتية قليلات، منهن الأستاذة نفيسة كامل التي كتبت عن تجربتها في العمل النسوي والسياسي، واشارت الى القليل في دخيلة ذاتها، ويمكن الاشارة في هذا الصدد الى بدور عبد اللطيف ونفيسة الشرقاوي، الا ان الاستاذة فاطمة احمد ابراهيم كتبت اقتداراً عن تجربتها في الحياة، وكتبت ايضاً الناشطة السياسية رجاء حسن خليفة سيرتها الذاتية التي صدرت أخيراً.
ويذهب الصاوي الى ان اغلب هذه الكتابات النسوية افتقدت الى البوح الشفيف والتعبير الحر عن الحياة، لأن الرجل والمرأة في السودان لا يتمتعان بحريات، ويوجد قمع تاريخي وفترات طويلة من الانظمة الشمولية، بالاضافة الى عدم القدرة على الثقة العالية بالنفس، ايضاً هنالك محددات للمنع اتت عبر الثقافة وهذا يؤدي الى اضعاف المادة المقدمة باستثناء مذكرات الشيخ بابكر بدري.
للمرأة السودانية حدود
الاستاذة الناقدة زينب بليل قالت لـ «نجوع» إنها تعتقد ان المرأة بامكانها ان تكتب للتاريخ لأجيال قادمة طالما ترى ان في سيرتها الذاتية ما يفيد، الا ان المرأة السودانية عموماً لا تميل الى كتابة المذكرات، وذلك لأن المجتمع السوداني يضع للمرأة حدوداً، وختمت حديثها بأنها لا ترغب في كتابة سيرتها الذاتية اطلاقاً بحجة انها لا ترى فيها ما يفيد غيرها.
صحيفة الإنتباهة
هادية قاسم المهدي
ع.ش