رأي ومقالات

صديق البادي : ثم ماذا بعد تصعيد مريم نائبة لأبيها ؟!

[JUSTIFY]قبل أشهر قليلة تم اختيار الدكتورة سارة نقد الله أمينة عامة لحزب الأمة القومي، وفي الأيام التي كان فيها رئيس الحزب في محبسه بسجن كوبر شاركت د. سارة في تسيير المواكب والوقفات الاحتجاجية وقيادة الهتافات. وحملت الأنباء أنها أصدرت بياناً مشتركاً مع الجبهة الثورية. وبعد خروج الإمام من المعتقل كانت في طليعة مستقبليه وخصها بتحية حارة وقبلها علي رأسها مما يدل على تقديره لها ورضاه عنها. وأن تعيينها كأول امرأة في الحزب تعتلي هذا الموقع القيادي الرفيع، قد كسر الحاجز ومهد الطريق وجعل الدرب سالكاً عند تعيين الدكتورة مريم الصادق نائبة لرئيس الحزب، مع وجود ثلاثة نواب اَخرين غيرها، ولكن المؤكد أنها ستكون ذات وضع مميز خاص. وإن للمرأة دورا كبيرا تؤديه في الحياة وتجاه أسرتها وهي الأم والأخت والزوجة وقد كرمها ديننا الإسلامي الحنيف وإن منهن كثير من الصالحات العابدات القانتات وتأتي على رأسهن زوجات حبيبنا المصطفى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلـم أمهات المؤمنين رضي الله عنهن جميعاً. وقد كتب الأستاذ خالد محمد خالد كتابه القيم رجال حول الرسول وكتبت د. عائشة عبد الرحمن بنت الشاطئ كتابها القيم عن نساء النبي. وتاريخنا الإسلامي حافل بذكر نساء كثيرات فضليات حافظات للقرآن الكريم وفقيهات عالمات. وكثير من النساء عملن في مهن كثيرة علي رأسها مهنة التعليم وولجن مهناً مختلفة نجحن فيها نجاحاً باهراً وحصلن على أرفع الدرجات العلمية والنماذج كثيرة والقائمة طويلة. ومن النساء البسيطات الطيبات المغمورات مجاهدات أذكر منهن على سبيل المثال السيدة رابحة الكنانية التي جرت مسافات طويلة وقطعت أميالاً كثيرة لتصل للإمام المهدي وتبلغه معلومات هامة ودقيقة عن هكس وجيشه وبناءً على معلوماتها وضعت خطة المقاومة؛ ومن بينها تجفيف الآبار في الطريق الذي يمر به الأعداء والمؤدي لشيكان حيث قتل هكس وهزم جيشه. وعلى مستوى الحكم فقد حكمت في سالف التاريخ شجرة الدر وفي التاريخ المعاصر اعتلت عدة نساء سدت رئاسة الجمهورية أو رئاسة الوزراء في بلدانهن وأذكر منهن بندرنايكا في سيلان، وأنديرا غاندي في الهند، وبناظير بوتو في باكستان والمرأة الحديدية مارغريت تاتشر في بريطانيا وميقاوتي سوكارنو في اندونيسيا، والمستشارة التي تحكم ألمانيا حالياً، ومن الملكات أذكر الملكة إليزابيث في المملكة المتحدة، أما الوزيرات فإن عددهن كبير في كل أنحاء العالم وتولت عدد منهن مقاعد وزارية في السودان. وخلال العقدين الماضيين تعاقبت عدة نساء في الولايات المتحدة الأمريكية على تولي مقعد وزارة الخارجية وهن مادلين أولبرايت، وكونداليزا رايس، وهيلاري كلنتون، أما المبدعات من النساء في مجال الآداب وضروب الثقافة المختلفة فإن أعداهن كبيرة. وإن الكثيرين أخذوا يرددون إن تعيين د. مريم في موقعها الجديد هو تمهيد لتوريثها لتحل محل والدها عاجلاً أو آجلاً، وهذا الموضوع سابق لأوانه ولكن إذا انسقنا مع هذا الزعم وجاريناه فإنها يمكن أن ترشح لرئاسة الحزب مهما تكن النتيجة بالموافقة أو التحفظ، ولكن الجانب المتعلق بإمامة الأنصار فإنه يقتضي مواصفات معينة ترتبط بأداء الشعائر في المسجد وقطعاً لن تؤم الأنصار امرأة في مسجد الهجرة، أو في مسجد القبة، أو في غيرهما من المساجد ولن تعقد القران في الزيجات امرأة أو تقوم ببعض المهام الأخرى التي يتطلبها الموقع، وهذا يعني أن تكون هناك ثنائية في شغل إمامة الأنصار، ورئاسة الحزب وهذا يتطلب اختيار وريث ثاني تعقد له البيعة ليتولي إمامة الأنصار.
وأن د. مريم الصادق طبيبة مارست مهنتها لسنوات قليلة وجمدت العمل بها بعد أن انصرفت للعمل السياسي المعارض، ومؤخراً حصلت على بكالريوس في القانون وهي تجيد الحديث باللغتين العربية والإنجليزية التي تحدثت بها مرات في الـ (MBC) وغيرها. ولا ينكر أحد أنها صاحبة مؤهلات وقدرات وجهتها بحماس للمعارضة، وكانت من أعمدة تحالف الأحزاب المعارضة عند إنشائه ومثلت هي والأستاذ فاروق أبـوعيسي، وعرمان ثلاثياً منسجماً وكانت رؤاهم وتصريحاتهم متطابقة في ذلك الوقت. وللدكتورة علاقات بالحركات المسلحة ولم تتهم بأنها كانت تحرضهم، ولم تتهم بأية عمالة ولكن أعلن عدة مرات أنها ذهبت للتفارض معهم ودعوتهم لمائدة المفاوضات والسلام. ونأمل أن تواصل نفس الدور في دعوتهم لمائدة المفاوضات لإرساء دعائم السلام. والاآن قد مج الشعب كثرة الكلام من كل السياسيين حاكمين أو معارضين، وأن المشاركة في بناء فصل بود نوباوي، أو في حفر بئر، أو إقامة مئذنة بمسجد بأمبدة، أو ترميم عنبر بمستشفى في الديوم، خير من إطلاق الكلمات النارية في منابر الثرثرة ومعاركها الهوائية التي ما قتلت ذبابة. والبلاد على أعتاب دورة جديدة تبدأ في شهر أبريل من عام 2015م القادم فإن كل المؤشرات وقرائن الأحوال تؤكد أن النظام الحاكم سيمضي في إجراء الانتخابات في موعدها حتى إعلان نتائجها، ويطمح أن تبدأ الدورة القادمة في زفة قومية، وأن ما يدور من حديث عن حوار وطني يفهمه أي طرف بالطريقة التي تروق له هو أحد مقدمات ومقومات الزفة الإنقاذية القومية المشار إليها. وإن أي حديث عن الزهد في السلطة هو حديث للتمويه لا أساس له من الصحة؛ وما يصدر من تصريحات في هذا الصدد هو مجرد جس نبض وأنبوب اختبار لمعرفة ردود الفعل الشعبية. وقد تحدث بعض المتغيرات في التحالفات أو بالأحرى في المشاركات وعلى سبيل المثال: يمكن أن يستغني النظام الحاكم عن مشاركة عدد من الأحزاب التي استنفذت أغراضها وتحمل اسم حزب الأمة ويتخلى عنها دون أن يطرف له جفن إذا ضمن مشاركة حزب الأمة القومي، ولكن الصخرة الصلدة والعقبة الكأداء التي تتحطم عندها مساعي المشاركة تتعلق بموضوع الرئاسة وقطعاً إن النظام الحاكم لن يتخلى عن الرئاسة وكابينة القيادة لغيره ولو انطبقت السماء والأرض، وإذا لم يتم تجاوز هذه العقبة ستظل المفاوضات تراوح مكانها ولو استمرت لربع قرن آخر، وستصبح كصخرة سيزيف ترتفع حتى تكاد تبلغ القمة ثم تنحدر للسفح. وإزاء ذلك فإن على حزب الأمة القومي أن يحدد خياراته بوضوح في المرحلة القادمة فإما أن يكون في المعارضة بوضعها الراهن، ويكون في حالة شد وجذب مع بعض مكوناتها الأخرى، وإما أن يكون مستقلاً بنفسه في معارضته مع التحالف مع من يتوافقون معه في الرؤية، وعليه في هذه الحالة أن يسأل نفسه إلى أين تقودنا هذه المعارضة وهل هي لتزجية الوقت وملء الفراغ أم للوصول لنتائج وأهداف محددة. والحسابات الواقعية تؤكد أنه لن يقوم بانقلاب عسكري يطيح بالنظام الذي يعارضه. أما بالنسبة للانتفاضة الشعبية فإن تجربة ربع القرن الماضي تكفي وقد بلغت الأزمات قمتها في بعض الأحيان ولم تستطع المعارضة أن تفعل شيئاً، ولعل الجميع يذكرون العبارة الشهيرة التي خطها المرحوم نقد في ميدان أبي جنزير «حضرنا ولم نجدكم !» ولكن لو حدث في المستقبل أي انفجار شعبي تلقائي فلا يدعي أولئك المعارضون أن لهم فيه يداً. والخيار الآخر لحزب الأمة في المرحلة القادمة هو الاستمرار في عقد الندوات والإدلاء بالتصريحات والقيام بزيارات للقواعد يتم استقبالهم فيها استقبالاً حاراً حاشداً ولكن النظام الحاكم قد تصله تقارير عن هذه اللقاءات وقد تنقل له نقلاً حياً مباشراً ولكنها لا تهزه ولا تحرك فيه شعره وهي بالنسبة له ككلام الليل يمحوه النهار. وأن من الخيارات التي يمكن أن تطرح التفاوض حول المشاركة في السلطة من أجل رفعة الوطن شريطة أن تكون المشاركة فعلية في كل مؤسسات الدولة السيادية والتشريعية والتنفيذية وفي كل الهيئات ومجالس الإدارات والمجالس التشريعية عل مستوياتها الولائية والمحلية، وقطعاً إن مشاركة المئات بل الآلاف من كوادر حزب الأمة في السلطة ستضيف إليها ولا تخصم منها وتجعل الأمور تدار في شفافية بلا غموض أو إبهام مع تجاوز موضوع الرئاسة بوضع زعامي وليس بالضرورة أن ترتبط الزعامة بالمواقع والمراسيم الرسمية. وعلى حزب الأمة أن يحسم أموره، فإما أن يشارك بإخلاص وإما أن يعارض بوضوح «إما أن تكون أخي بحق فأعرف منك غثي من سميني وإما فاتخذني عدواً أتقيك وتتقيني». وإن «حزب الأمة والأنصار قطعاً لا يرضي لنفسه أن يكون حائط مبكى للآخرين ليحولوه لركن نقاش أشبه بأركان النقاش في الجامعات، وهذا دور لا يناسب وزنه وثقله الجماهيري».

صحيفة الإنتباهة
ع.ش[/JUSTIFY]