تحقيقات وتقارير

قضية معاشيي البنوك الحكومية.. أزمة معقدة

[JUSTIFY]لا يزال مسلسل مشكلة متقاعدي البنوك الحكومية مستمرا على الرغم من صدور القرار من المحكمة الدستورية بصرف استحقاقاتهم التي امتدت قضيتهم لأكثر من اثني عشر عاماً، ولكن الدولة لم تلتزم بتنفيذ الاتفاقيات الجماعية المبرمة بينهم وبين الحكومة منذ العام «1974م»، وبحسب رواية رئيس الاتحاد للصحيفة فإن الاتفاقية تقول إن الموظف الذي يتقاعد ويكمل «20» سنة خدمة يستحق مكافأة ترك الخدمة وهي مكونة من جزءين، جزء يُصرف نقداً حسب تصديقات معينة، وجزء يُصرف كمزايا معاشية طوال حياة المتقاعد واستمر العمل به إلى سنة «2000م».

ولكن حدثت الإشكالات عندما جاءت الخصخصة التي فصلت آلاف الموظفين، وعليه وجّه محافظ بنك السودان الأسبق صابر محمد الحسن بعمل توجيه لمجلس الوزراء لإلغاء حقوق المتقاعدين المعاشية، عندها رفع الاتحاد قضية أمام محكمة الطعون الإدارية ضد هذا القرار وحكمت المحكمة بأن هذه حقوق مكتسبة وتُصرف للمتقاعدين، وتم تأييده في محكمة الاستئناف والمحكمة العليا والدستورية. وحسب رواية رئيس الاتحاد فإن محافظ بنك السودان الأسبق رفض تنفيذ الحكم بحجة أن هذه المبالغ كبيرة ستؤثر على البنوك وستنهار، علماً بأن المبلغ «4» مليارات جنيه! وصدرت فتاوى من وزير العدل محمد بشارة دوسة بأن هذه حقوق مكتسبة وأن البنوك الأخرى ملزمة ببدء سدادها ولكن لم ينفَّذ بنك السودان القرار مما حدا بالمعاشيين الدخول في إضراب وإيصال قضيتهم لردهات القصر الجمهوري ووعدتهم رئاسة الجمهورية بتنفيذ القرار عبر تكوين لجنة برئاسة وزير شؤون الرئاسة صلاح ونسي وعضوية وزارة المالية ووزير العدل ومحافظ بنك السودان منذ شهر مايو المنصرم، ولكن القضية ما زالت مستمرة ولم ينفذ القرار إلى يومنا هذا ولكن ظل الاتحاد في إضراب مستمر ولكن بعد مضايقات من الأجهزة الأمنية تم فك الاعتصام وكونت لجنة أخرى برئاسة د. عبد المنعم محمد عثمان وآخرين من مستشاري بنك السودان، وتم عقد اجتماعين، خرج بإيجاد تسوية أو الدفع بالأقساط أو حتى التنازل عن الحقوق مما أثارت جدلاً قانونياً وسخط المعاشيين، فعلى الرغم من أن القضية من الناحية القانونية تعد سليمة بحسب إفادات المحامي مولانا شيخ الدين شدو في حديثه لـ «الإنتباهة» لكنها تعد من القضايا المعقدة رغم سلامة الحكم الصادر، مشيراً لتماطل الجهات الحكومية في تنفيذ القرار، مضيفاً أنها تهز من هيبة القضاء باعتبارها فوق الجميع، وعاب على الجهات المختصة التماطل في تأييد الحكم لمعاشي البنوك بالبلاد، وتساءل ما هي الجهات التي أدت لتعطيل الحكم ولمصلحة من؟ وأوضح مدير الإعلام بالاتحاد سر الختم السنوسي لـ «الإنتباهة» أن عمل اللجنة استمر لخمسين يوماً ولم تخرج بقرار نهائي، وطالب أن تتوصل للقرار النهائي بأسرع وقت ومراعاة ظروف المعاشيين الذين طال انتظارهم وتساءل: ماذا بعد قرارت المحكمة الدستورية وتوجيهات وزارة العدل ومنظمة حقوق الإنسان؟ ويقول الخبير الاقتصادي حسين القوني إن القضية من ناحية فهي حقوق قانونية حسب شروط الخدمة وملزمة للمخدم وأي تنازع بين الطرفين يجب أن يحسم عبر القضاء، مشيراً إلى أن تماطل بعض الأجهزة بالدولة يعد ظلماً للمعاشيين، وأشار لضرورة الاتجاه لوضع حلول آنية لمعالجة المشكلة كالاتجاه لجدولة حقوق المعاشيين في حال عدم تكمن الدولة من صرف الحقوق كاملة، ويرى المراقبون أن قضية معاشيي البنوك تعد من القضايا التي استمرت لفترة من الزمن رغم قرار المحكمة الدستورية المؤيد لها، ويشير البعض لخطورة الموقف في حال عدم تنفيذ قرار المحكمة من قبل الجهات الحكومية وصرف استحقاقات المعاشيين خاصة وأن بعض الجهات الخارجية تتربص بالسودان باسم حقوق الإنسان، مما يتطلب من الجهات المعنية خاصة بنك السودان بضرورة معالجة المشكلة ودفع استحقاقات المعاشيين باعتبار أن المسألة قضية إنسانية في المقام الأول ظلت لأكثر من أربعة عشر عاماً أكدها قانون معاشات الخدمة العامة لسنة 1992م.

صحيفة الإنتباهة
إنصاف أحمد
ع.ش[/JUSTIFY]