عادل الباز

ضخ الدولار.. لمصلحة مَن؟


ضخ الدولار.. لمصلحة مَن؟
(1)

نتفاجأ هذه الأيام كل صباح بإعلانات من البنك المركزي يعلن فيها ضخ مزيد من الدولارت حتى احترنا في مصدر تلك الدولارات النازلة (زي المطر) في الصرافات والمصارف حتى تساءل كثيرون من أين لك هذا يا محمد خير!!

(2)

لنقل إنّ مصدر تلك الدولارات الوديعة المليارية القطرية التي لا أعرف إذا ما كانت ملياراً أم مليارين، والتي لا أعرف أيضاً إذا ما كان مسموحاً باستخدامها مُباشرةً أم لا. أضف لتلك الوديعة الموارد التي وفّرتها عائدات رسوم بترول الجنوب للخزينة العامة، مضافاً إليهما عائدات الذهب والصادرات الأخرى على ضآلتها. تلك هي مصادر الدولارت التي ضخت وتضخ في الأسواق هذه الأيام. وهي بلا شك أسهمت بشكل مباشر في هبوط سعر الدولار في السوق المُوازي الذي وصل حتى الأمس (7.50) بعد أن وصل إلى (8.50) جنيهات.

(3)

السؤال الذي سيطرح نفسه هو: لمصلحة مَن تُضخ تلك الدولارات؟ يقول البنك المركزي: لصالح الشركات الكبرى المستوردة ولصالح صغار التجار ولصالح البنوك للإيفاء بالتزاماتها السابقة. حسناً ولكن فاتورة الاستيراد تبلغ ثمانية مليارات في العام بمعنى إننا في الربع الأخير من السنة بحاجة لثلاثة مليارات تقريباً، فكيف يا ترى سيستمر البنك المركزي في هذا الضخ للبنوك بعد أن تنضب الموارد ومن أين له موارد جديدة؟.

(4)

ليس من الحكمة التصرف في الودائع القطرية إذا كان ذلك مسموحاً أصلاً والموارد الأخرى بهذه الطريقة مهما كانت الحاجة لمعالجة سريعة لسعر الصرف في السوق المُوازي. معلومٌ أنّ الشركات الكبرى التي تستورد مدخلات إنتاجها غالباً ما تشتري الدولار من الخارج لأنّ سوق الدولار نفسه انتقل بنسبة كبيرة لخارج السودان. هم على كل حال يسعرون بضائعهم بأسعار الدولار في السوق المُوازي، فما معنى أن يدفع بنك السودان دولاراته التي لا تكاد تكفي لتغطية الفواتير المؤكدة من قمح وسكر ومدخلات إنتاج زراعية.

(5)

إذا كانت تلك الشركات تضع أسعار منتجاتها بناءً على أسعار السوق المُوازي، فلماذا تتلقى دعماً من الحكومة لتستورد احتياجاتها بدولارات الحكومة؟ كيف ترفع الحكومة الدعم من قطاعات واسعة من الشعب لتدعم الشركات الكبرى؟. حتى التجار الصغار الذين يستوردون في حدود أقل من مائة ألف دولار باستطاعتهم توفير المبلغ من الأسواق بعيداً عن دولارات الحكومة خاصةً وهي لا تستطيع التحكم في أسعار بضائعهم.

(6)

ما هي أولويات البنوك التي تُموِّل زبائنها بتلك الدولارات؟ إذا كان من حق البنوك أن توفر دولاراً لعملائها من أصحاب الشركات بسعر البنك بغض النظر عن أولوية ما يستوردون، فما هو دور بنك السودان في تحديد أولويات الاستيراد بدولاراته؟ علماً بأنّ أغلب صغار التجار يعملون في قطاعات ليست ذات أولوية في الاقتصاد. فضخ الدولارات دون أولويات محددة لن يحقق فائدة للاقتصاد وسيتسبب في إهدار مزيد من العُملات الصعبة، بل المستحيلة في هذا البلد.

(7)

أليس من الأوفق أن يُركِّز بنك السودان في هذه المرحلة وهذه المرحلة بالذات على إنفاق كل موارده من العُملات الحرة لدعم القطاعات الإنتاجية.؟ نحتاج الآن لاستيراد أسمدة للحاق بالموسم الشتوي لمبلغ في حدود (300) مليون دولار، نحتاج لزراعة مشاريع ذات عائد اقتصادي لما يقارب مائة مليون دولار (عباد الشمس مثلاً)، أضف إلى ذلك الجازولين والمدخلات الأخرى، وقد يصل إجمالي ما نحتاجه الى مليار جنيه حتى نهاية الموسم إذا أضفنا احتياجات الشركات العاملة في القطاع الخاص. أولوية أخرى بانتظارنا وهي تغطية استيراد فاتورة القمح التي تبلغ (800) مليون دولار مما يعني إننا في الربع الأخير بحاجة لمائتي مليون دولار تقريباً.

(8)

أصحاب الشركات الكبرى وصغار التجار هُم وحدهم المُستفيدون من توافر عُملات حرة لا الاقتصاد ولا القطاعات المنتجة ولا المواطنون. نحتاج أن نفهم لماذا يتصرّف البنك المركزي بهذه الطريقة؟ هل هناك موارد منتظرة من الخارج ستتدفق على خزائن البنك، أم أنّ هناك مؤشرات لا نعلمها ستزيد من عائدات الصادرات السودانية بنسبة عالية توفر مليارات من الدولارت تسمح للبنك التصرف بحرية وكرم في ما لديه من عُملات حرة.

أتوقّع أن نسمع من أستاذنا محمد خير الزبير وصديقنا بدر الدين ما يطمئننا بأنّ الموارد الشحيحة تستخدم في أوجهها الصحيحة.

الكاتب : عادل الباز
صحيفة الرأي العام
[EMAIL]elbaaz40@gmail.com[/EMAIL]


تعليق واحد

  1. لن تسمع لن تسمع ولن تسمع ومشروع الجزيرة والمناقل والمشاريع الزراعية الأخرى في حاجةماسة للتمويل الزراعي وكما العلامة دكتور قنيف إن مشروع الجزيرة لابد أن يتم تمويله من الحكومة مباشرة وليس من بنك المزارع أو البنك الزراعي أو مؤسسة الأقطان التي راحت وراحت معها أموال المزراعين سوف تذهب الدولارات لتجار السلع الاستهلاكية والهامشية التي لايستفيد منها الزول الفقير ورحمة الله على بلادنا

    النيل العوض الحليو
    ولاية الجزيرة ـ قرية السوريبة

  2. [SIZE=4]ياأخى الحكاية واضحة زى الشمش . الجماعة شعروا إنو عمر الحكومة بقى قصيييير ودايرين يهربوا أموالهم بره البلد ولكن مافى دولار فى السوق . يعنى الحكاية ضخ شوية الدولارات الفى البنك المركزى عشان يشتروها ولاد الكبار ويهربوا بيها .. فهمت واللا تركب فهامة !!!؟[/SIZE]

  3. الدولارات البيضخوها دى .. لو اترتها بتلاقيها .. هى نفس الدولارات بتاعت السوق الاسود .. الصراحة انا ماعارف الرابط شنو ..

    لكن لو سئلت خبير مملكة الشياطين ( د. م ابليس الخسيس ) حاينورك عن الموضوع ده .. لانو اكيد فكرة واحد من اخوانهم ..