عثمان ميرغني

الكارت الاصفر!


[JUSTIFY]
الكارت الاصفر!

أخيراً صدر قرار لجنة المحاسبة التي شكلها حزب المؤتمر الوطني.. اللجنة التي ترأسها الأستاذ أحمد إبراهيم الطاهر بقرار من رئيس الحزب المشير عمر البشير كانت تستقصي في الأسباب التي دعت (31) من قيادات الحزب إلى صياغة مذكرة موجهة إلى رئيس الجمهورية تحتج على بعض القرارات والأوضاع وتتقدم بمطالب محددة.. وكان أخطر ما في المذكرة السطور الأخيرة التي رهنت (شرعية) النظام بالاستجابة لما أثارته المذكرة.
قررت لجنة المحاسبة تجميد (النشاط التنظيمي) لجميع الموقعين على المذكرة.. وهم ثلة قيادات على رأسهم الدكتور غازي صلاح الدين..
والتجميد هنا أخف وطأة من الفصل.. لكنه بالتأكيد (الكارت الأصفر) الذي يتحول تلقائياً إلى اللون الأحمر في حال تكرار الفعل.
طبعاً الكرة الآن في ملعب أصحاب المذكرة.. إذا اعتبروا التجميد مجرد عبارة دبلوماسية مقصود منها (الباب يفوت جمل) فسيرتكبون (غلطة العمر) لأنهم بذلك وفروا عنت وحرج طردهم من الحزب.. وستكون البداية من الصفر عملا شاقا ثقيل التكلفة.. وربما يطوي النسيان المذكرة وأصحابها..
لكن في المقابل.. لو تفتحت بصيرة أصحاب المذكرة.. ونظروا جيداً لاتجاه الرياح.. فسيدركون أن (الرياح) و(الزمن) يلعبان لصالحهم.. فالمذكرة ألقت حجراً ثقيلاً في البركة الساكنة.. و(الإصلاح) لم يعد مجرد مذكرة تقمع بلجان المحاسبة والتجميد.. بل هو حتمية يفرضها (الزمن) والواقع ومقاومتها أقرب إلى صرخة ابن سيدنا نوح.. حينما ناداه أبوه أن اركب معنا في السفينة.. فقال سآوي إلى جبل يعصمني من الماء.. فلا عاصم اليوم من أمر الله..
من الحكمة أن لا يفكر أحد في الخروج من أسوار الحزب.. فالحزب – أي حزب- هو منبر للعمل العام غير مملوك لفرد أو جماعة أو فئة أو حتى لقيادة الحزب.. وهكذا ينص قانون الأحزاب.. فالحزب شخصية اعتبارية مملوكة على الشيوع للشعب السوداني.. ينطبق ذلك على المؤتمر الوطني.. والحزب الشيوعي بلا تمييز.. ومهما تناكرت الأصوات داخل الحزب الواحد فالأجدر أن تظل (مدارس) متنوعة تحت سقف الحزب الواحد.. فما أضعف العمل الحزبي في السودان إلا نزوة الانشقاقات والانسلاخات.. كلما تخاصم اثنان.. ذهب كل بحزبه..
على كل حال معركة الإصلاحيين في المؤتمر الوطني.. دخلت جولتها الأكثر إثارة..
والكرة الآن في ملعبهم.. فلننظر بم يرجع المرسلون..

[/JUSTIFY]

حديث المدينة – صحيفة اليوم التالي