عثمان ميرغني

(Now or never)التوقيت السليم


[JUSTIFY]
(Now or never)التوقيت السليم

الـ(70) يوماً المتبقية من هذا العام حاسمة.. سترسم ملامح مستقبل السودان في المرحلة القادمة.. إما نجتاز المضيق الخانق بمنتهى الجسارة والبصيرة.. وإما لا قدر الله- تمضي الأيام في الطريق المحتوم.. طريق الهاوية.
الحيثيات طويلة قد لا تتحملها مساحة هذا العمود.. لكن سأضع بين أيديكم الخطوط العريضة..
المظاهرات التي شهدها الأسبوع الأخير من شهر سبتمبر الماضي انحسرت الآن.. لكن أعمى من يظن أنها (ذهبت مع الريح).. بكل يقين سودان ما بعد 23 سبتمبر 2013 لن يرجع إلى سودان ما قبله.. الفاصل المداري الذي رسمته الدماء التي سالت سيجعل أمام حزب المؤتمر طريقين.. طريق (النعام).. وطريق (المستقبل)..
طريق النعام.. يهتدي بحكمة (النعامة) التي تدفن رأسها حتى لا ترى الخطر.. تظن أن مجرد كتم الحقيقة.. ومنع المعلومة.. وإغماض العين.. يدفع الخطر..
أما طريق (المستقبل).. فهو حصيلة البصيرة التي ترى من ثقوب الواقع نُذر وبشائر المستقبل.. فتتجنب النذر.. وتستثمر البشائر لصناعة مستقبل مشرق.
الحقيقة التي كشفتها المظاهرات.. أن ما يظنه حزب المؤتمر الوطني من (شعبية وجماهيرية) هو نفس السراب (بقيعة يحسبه الظمآن ماءً) الذي نام عليه الاتحاد الاشتراكي في أيام الرئيس الأسبق المشير جعفر النميري.. وفي يوم الزينة عندما حُشر الناس ضحى.. ألقى (الشعب) عصاه فإذا هي تأكل ما يأفكون.
حزب المؤتمر الوطني في حاجة ماسة لقراءة المشهد السياسي بدقة.. هناك مشكلة بل أزمة بل كارثة.. يمكن تجنبها بالوعي الحصيف.. الذي يستدرك الخطأ ويعالجه ويضع الحل الناجع.. أما إذا صم حزب المؤتمر الوطني أذنيه.. وقال (إنما أُوتيته على علم عندي).. فلن يدفع حزب المؤتمر الوطني الثمن وحده.. بل السودان كله.. فالنعمة تخص والنقمة تعم.
حتى هذه اللحظة هناك ألف طريق سهل لحل رشيد.. لكن الحكمة تفرض (Now or never) إما أن يبادر المؤتمر الوطني بطرق باب (الحل الرشيد) الآن.. أو لن يجد باباً ليطرقه إذا فقد التوقيت الصحيح.. فالقرار السياسي السليم دائماً هو هبة التوقيت السليم..
الحل سهل.. الحوار مع الشعب.. ليس (حواراً) كمثل ما يسميه المؤتمر الوطني (حوار الأحزاب).. الذي يجري خلف الغرف المغلقة.. بل حوار مفتوح في الهواء الطلق مع كل الشعب.. فتح أبواب ونوافذ الحريات السياسية وحرية التعبير.. (حتى هذا العمود هو ضرب من الحوار الوطني) والحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق الناس بها.. ولن يؤذي الهواء الطلق إلا الصدور المعتلة..
ترك الشعب يحاور نفسه.. بلا قيود أو شروط.. فيُذِهب عن النفوس الغبن والاحتقان والضغائن المتراكمة.. الحوار المفتوح يمنح البصر مزيداً من البصيرة.. فنصف رأيك عند أخيك.
على كل حال.. رغم الإحباط الكبير.. والإحساس بأننا نمارس الأذان في مالطا.. إلا أن الضمير يفرض علينا أن نظل نقرع الأجراس حتى تسمعنا العقول (وليس الأذان)..

[/JUSTIFY]

حديث المدينة – صحيفة اليوم التالي