عثمان ميرغني

وقفة احتجاجية!!


[JUSTIFY]
وقفة احتجاجية!!

أمس نشرت الصحف خبراً عن صراع جديد بين قبيلتي المسيرية والسلامات.. أرقام جديدة لقتلى جدد.. دائماً بالعشرات وأحياناً بالمئات.. وربما الآلاف..

وقبل هذا الخبر دارت طاحونة الحرب في شرق دارفور بين الرزيقات والمعاليا.. والمحصلة مئات القتلى.. وقبلهم في شمال دارفور حول جبل من الذهب.. عدة آلاف على دفعتين.. كم يبلغ حصاد القتل في دارفور خلال هذا العام وحده؟ عشرات الآلاف.

هذه الأرقام لا علاقة لها بالحرب الدائرة في دارفور.. تلك أرقام أخرى.. تضاف إلى جملة حصائد الموت المجاني في مساحة تكاد تعادل نصف مساحة (ما تبقى) من السودان.

مسؤولية من هذه الأرواح البريئة التي تزهق كل يوم في دارفور.. إسرائيل.. أمريكا.. الماسونية.. أم (أكلهم الدودو)والأشباح.. مسؤولية من؟؟

لدينا مجلس وطني (برلمان).. ومجلس ولايات.. دفعنا في عملية انتخابه مئات الملايين من الدولارات.. لنأتي بنواب يتقاضون رواتب وامتيازات وينعمون برطوبة الحال في الخرطوم.. ألا يرهق ضميرهم أرقام الأرواح التي تلوكها طاحونة الحرب الأهلية القبلية هناك؟

مسوؤلية من الدماء التي تنزف في دارفور.. أم أنها مجرد أرقام لا تجرح خاطر أحد.. ولا يبكيها إلا الأقربون حملة الجينات المتشابهة..

القضية الكبرى هنا في الخرطوم.. التي تشغل بال الإعلام الرسمي والخاص.. الصحف والفضائيات.. (رفع) الدعم و(ارتفاع) الأسعار!! لا أحد يهتم بـ(رفع) الغبن و(ارتفاع) الأرواح لبارئها كل يوم في فيافي دارفور.

صدقوني هذه الدماء في رقابنا جميعاً.. لأننا نصمت.. ونفترض أنها معلقة في رقبة الآخر.. دون تحديد لهوية هذا الآخر.. وربما يكون في خاطرنا أنها مسؤولية الاتحاد الأفريقي أو الأمم المتحدة.. لتحميهم بقوات مثل (اليوناميد).. تحميهم هنا في بلدهم وبين أحضان وطنهم.. من بني وطنهم..

ليتني أسمع بـ(منظمة مجتمع مدني).. أو حزب سياسي.. أو حتى مجموعة مستنيرة.. تعلن عن وقفة احتجاجية أمام البرلمان أو أي مكان آخر.. للفت النظر وجذب الانتباه لطاحونة القتل المجاني اليومي في دارفور.

أضعف الإيمان أن تصمت الخرطوم وتصوم عن أخبارها المملة ولو ليوم واحد.. تتوقف كل الصحف السودانية على يوم تفرده من الصفحة الأولى إلى الأخيرة لقرع الأجراس ولفت النظر لما يجري في دارفور.. هذا واجب الصحافة المستنيرة.. فالصحافة لسان حال الشعب.. لا ينحصر دورها في تدبيج المقالات وبث الأخبار.. لديها رسالة أكبر تجاه المجتمع أن تمارس التحريض الإيجابي.. نريد أن نصرخ بصوت واحد قوي.. حرموا الدماء في دارفور.. أنقذوا دارفور من الانتحار الجماعي الذي يدور على رؤوس الأشهاد.. إن لم تفعل هذا صحافتنا فهي مجرد أوراق تسلية.. أقرب إلى ورق (الكوتشينة)..

دعوة عامة لكل صحفي سوداني.. لوقفة (صحفية).. بالأقلام وليس بالأقدام.. في يوم واحد.. لنقول (لا).. للدماء.. (لا) للتغافل عن ما يدور في دارفور..

[/JUSTIFY]

حديث المدينة – صحيفة اليوم التالي