تحقيقات وتقارير

الكوارث والدروس المستفادة

[JUSTIFY]يجابه السودان العديد من الأزمات، فما أن تنتهي أزمة حتى تظهر أزمة أخرى، حيث أن الأزمات التي لا تحل تتطور وتصبح كارثة، وإذا كانت الدنيا دار ابتلاء وتمحيص كان لزاماً أن نقيم ونحلل كل أزمة تمر بنا حتى لا تتكرر وتصبح كارثة.

ولقد اجتمعت حكومة السودان ممثلة في مجلس وزرائنا الموقر اجتماعاً خاصاً بكارثة السيول والامطار وفي انتظار ازمة الفيضان، واسمحوا لي باستخدام لفظ كارثة حتى تعطي المعنى المطلوب، وجاءت توصيات او مخرجات اجتماع مجلس الوزراء حول السيول والأمطار، وجاءت بأن يتم ترحيل القاطنين في مجاري السيول والخيران، كذلك رفع درجة الاستعداد للحالة القصوى استعداداً للفيضان غير المتوقع هذا العام، وكذلك الزام الولايات بتوفير مخزون استراتيجي يكفي لألفي اسرة من معدات الايواء للمتأثرين بالسيول والأمطار والفيضان.

وبدءاً يعاني السودانيون من مشكلة كبيرة في الأراضي السكنية، حيث نجد على سبيل المثال أن اراضي ولاية الخرطوم السكنية من اغلى الاراضي في العالم، على الرغم من ان السودان ايضا من افقر دول العالم، وحالياً لا توجد خطة اسكانية بولاية الخرطوم، والموجود سكن شعبي او اقتصادي او مخططات استثمارية، واذا كان هذا هو الحال في الولاية ذات العدد الأكبر من السكان، فلماذا يُلام الناس على سكنهم في مجاري السيول والخيران، ونرجو أن يتم توسيع حدود ولاية الخرطوم مع الولايات الاخرى المجاورة، اذ تستوعب ولاية الخرطوم كل أو أغلب المهاجرين من ولايات السودان، واذا توسعت ولاية الخرطوم يمكنها ان تستوعب سكانها المتزايدين وتمنعهم بذلك من السكن او الاستقرار في اماكن خطيرة كأماكن مجاري السيول والخيران.

والمشكلة الثانية أن السيل كما يقال لا يترك مجراه (ولو بعد مية سنة)، وهنا تكمن المشكلة في معرفة مجاري السيول التي لم تكمل مائة عام بعد، وهنا يجب إخضاع الأمر للدراسة مبكراً حتى لا نفاجأ بأن السيل هجم على الصالحة مثلا دون سابق انذار، حيث يوجد بالسودان مركز متخصص في البحوث بمختلف أنواعها يتبع لوزارة العلوم والاتصالات.

ايضاً من دروس كارثة السيول والامطار انها فاجأت الجميع، كيف لا وسكان ولاية نهر النيل منازلهم مبنية على عدم تصريف المياه (أي لا توجد سبلوقة في كثير من المنازل أو ميلان)، وكذلك صرح والي كسلا ان نهر القاش مجنون في فيضانه وتصعب السيطرة عليه، ولنتخيل ان خريطة السودان ثاني دولة من حيث كبر مساحة في افريقيا بعد الجزائر تغطيها اكبر سحابة في العالم، وكل هذا يعني أن ولاياتنا المختلفة لم تع الدرس العام الماضي في السيول والامطار والفيضان، وعلى هذا كانت استعدادات الخريف تقليدية بنظافة المجاري وبنائها، وحتى المخزون الاستراتيجي من معدات الإيواء لم يكن في المستوى المطلوب مما استدعى تلقي المعونات الخارجية والتدخل المركزي لتقليل اثر الكارثة على المواطنين، وحتى الآن تظل المعالجات لترحيل المتأثرين بكارثة السيول والأمطار ناقصة، وقد شكا المواطنون من عدم توفر بقية الخدمات الاخرى من كهرباء (أو انارة مناسبة) ومصلى وغيره، وفهمنا قاصر في مسألة المخزون الاستراتيجي الذي يجب أن يصل به الفهم إلى مخزون استراتيجي يفي ببناء حي جديد في مكان آمن يوفر العيش الكريم لمواطن فقد معظم (إن لم يكن كل) ما يملك؟ايضاً من الدروس المستفادة من الكارثة انه لا بد من إعداد مواصفة قياسية للطرق في السودان، وهذه ايضا يجب أن تخضع للدراسة من هيئة المواصفات والمقاييس ثم تنفذ بكل صرامة، لأن معظم الطرق خلال امطار هذا العام أصبحت خيرانا للمياه، وتتحمل هيئات الطرق والجسور جزءاً كبيراً من المسؤولية في استلام طرق لا تفي بابسط المواصفات العالمية.

ومن الدروس المستفادة انه لا بد من الاستفادة من تجارب الدول المتقدمة في أبحاث الأرصاد الجوي وتقلبات المناخ ودراسة الرياح والأمطار وتضاريس الأرض، وهذه العلوم تتطلب اتفاقيات تعاون مشترك مع مراكز عالمية، ويمكن للسودان أن يستفيد من إمكانات الصين وروسيا وكوريا في هذا المجال، ولا نظن ان العقوبات الأمريكية تمنعنا من الاستفادة من هذا المجال الذي اصبح يستلزم الإحاطة به حتى لا نفاجأ كل عام بأمطار فاقت التوقعات أو سيل جديد في منطقة مكتظة بالسكان او نهر جامح (مجنون) تصعب السيطرة على فيضانه؟؟
وكل عام والسودانيون أقل معاناة
محمد حسن اليأس
وزارة الشباب والرياضة الاتحادية

صحيفة الانتباهة
ت.إ[/JUSTIFY]