سنغاليات يحترفن إصلاح السيارات..دوي المحركات بلغة النساء
مريم، 22 عاما، تدير مستودعا ملك شركة “فام أوتو” (المراة للسيارات) المتخصصة في إصلاح السيارات وتشرف على فريق يتألف من 15 شخصا معظمهم من الرجال.
حلم مريم في ولوج هذا العالم بدأ عام 2010 حين كان تلمح في طريق الذهاب إلى المعهد فتاة تمتهن ميكانيكا السيارات، وتقول عن ذلك في حديث للأناضول: “كنت شديدة الإعجاب بها، ولطالما حلمت بأن أصير مثلها في يوم من الأيام”.
“أمينة”، “مامي”، “آنا” و “كادي”، جميعهن نساء سنغاليات بحلم استثنائي، حذون حذو “مريم” واخترن مهنة تطوع فيها أناملهن الرقيقة قسوة الميكانيكا..
انطلقت “مريم”، كمتدربة في “فام أوتو” قبل أن تتسلق السلم المهني وتصير رئيسة مسؤولة عن التنسيق وقبول السيارات االمعطبة.
“كادي” بدورها تمتلك شهادة “تقنية في ميكانيك السيارات” ولكنها رغم ذلك، وقع تكليفها بالأمور الإدارية كمساعدة تقنية ومراقبة.
تعلق “كادي” على ذلك قائلة للأناضول في حماس: “أشتاق إلى الميكانيكا، إنها شغفي”.
هو ذات الشغف الذي دفع بهذه السنغاليات لاقتحام مجال لطالما اعتبر حكرا على الرجال.
أمينة تتحدث عن البدايات للاناضول قائلة: ” أمي كانت تمتلك متجرا قرب مستودع ميكانيكا للسيارات، كنت أزوره أحيانا ومن ذلك تعلمت كل شيء على عين المكان.
“مامي” بدورها تروي كيف أن “فيروس” الميكانيك أصابها حين كانت شابة في منطقة “بارسيل” في ضواحي العاصمة داكار.
الأمر يتعدى الشغف بالنسبة لهذه النسوة، هو إرادة الحياة وملاذ لهن كون جميعهن توقفن عن الدراسة، وهو رفع للتحدي ولـ “إبراز أنه بإمكانهن القيام بما يقوم به الرجال بل والتفوق عليهم”، على حد تعبيرهن.
“أمينة” تصف عالم الميكانيك بأنه “صعب” ولكنها تستدرك قائلة: “أشعر بالإصرار وأبذل كل ما في وسعي لأكون على نفس المستوى من زملائي الرجال”.
“مامي” التي أصيبت بإعاقة في ساقها اليسرى منذ الأشهر الأولى التي تلت ولادتها رفعت الرهان بشق طريقها في الميكانيك وتجنب “مد اليد للتسول” كما يفعل أغلب الذين يعانون من إعاقة في داكار.
وعلى الصعيد ذاته، سلكت كل من “فاتو سيلا” و “فاتو كامارا”، نفس الطريق عبر إطلاق مستودع “فاتو-فاتو مرسيديس” لإصلاح السيارات منذ 2005، وتقولان “كامارا” بشأن ذلك: “حينما كنا في فترة التدريب، لم يكن رئيسنا بالعمل يثق بنجاحنا، كان الرجال يقولون إن شغف النساء بالميكانيك أمر وقتي وأن العالمين لا يلتقيان واننا سننسى الموضوع بعد فترة ولكننا تزودنا بالشجاعة وبالمثابرة، وأكملنا الطريق”
عالم الميكانيك الرجالي بامتياز لا يخلو بالطبع ممن يرمقون الحضور النسائي بشيء من الامتعاض وربما الاستنقاص من قدرات المرأة على التكفل بعمل بهذه الطبيعة. وهذا شأن “باباكار”، أحد الميكانيكيين العاملين في “فام أوتو” الذي يقول للأناضول: “أعترف أنه من الأسهل بالنسبة لي العمل مع رجل ، حين تشتغل مع امرأة، عليك أن تكون صبورا وتوافقيا ومتفهما…”. باباكار يقر في الوقت نفسه بكفاءة “النساء المكيانيكيات” وبرضا الزبائن الرجال عن أدائهن المتعلق بإصلاح السيارات.
وتمضي “مريم” في هذا الاتجاه قائلة: “يجد الرجال صعوبة في العمل مع النساء أو تحت إمرتهن ولكني أقوم بعملي من أجل مصلحة الشركة، لا أفرّق بين رجل وإمرأة”.
رئيستها في العمل تؤكد قدرة “مريم” على السيطرة على الأوضاع حين يستلزم الأمر ذلك قائلة: “نعم قامتها قصيرة ولكنها لا تتردد في إظهار الحزم أمام الرجال، في صالح العمل، أخشى عليها في بعض الأحيان…”.
الصعوبات التي تلقاها “مريم” مع بعض زملائها في العمل تمتد إلى الزبائن، فالبعض منهم “حين يرى أن من يدير الأمور هنا امرأة، يعتقد أنه سيكون من السهل محاولة خداعي، ولكنه يفاجأ بوضع مختلف تماما…”، كما تقول مريم مطلقة ابتسامة الظفر.
في داكار، النساء العاملات بمجال الميكانيك نادرات، وبتشغيلها لـ 4 ميكانيكيات، من المحتمل أن تكون لشركة “فام أوتو” أكبر فريق نسائي في هذا المجال.
مالكة الشركة “نديي كومبا مبوب مبينغي” تعلق على ذلك قائلة للأناضول: “هدفي من خلال إنشاء هذه الشركة كان توفير مواطن شغل لأكبر عدد ممكن من الشابات اللاتي لم يجدن مكانا في مقرات عمل أخرى حيث كان الجميع ينتظر منهن أن تكن أقل صلابة…”.
وأضافت: “على الرغم من ذلك، يتفوق عدد الرجال على عدد النساء في في فام أوتو، هم 18 من أصل 25، العدد الإجمالي لمن يعملون هنا. في البداية كان العدد متناصفا ولكن أغلب الفتيات تزوجن وأنجبن أطفالا وكان عليهن التخلي عن الميكانيك”.
في “فاتو فاتو مرسيدس”، محل آخر لإصلاح السيارات، لا تختلف الأمور كثيرا فباستثناء مالكتي المحل، يتكون الفريق حصريا من الرجال: “لم نقم بعد بتكوين فتيات ولكن ذلك مسألة وقت، كوننا نرغب في أن تتكفل النساء بتسلم مهمة إصلاح السيارات”، تقول “كامارا” مالكة المحل.
[/JUSTIFY]
م.ت
[/FONT]