بمناسبة ذكرى ضرب مصنع الشفاء..التغطية الوحيدة للحدث قيمتها مكافأة من (BBC) ومشروع علقة في الخرطوم
> كنت الوحيد الذي قمت بتغطية الحدث بكل تفاصيله لإذاعة لندن التي كنت أراسلها منذ عام 1994م، والصدفة وحدها هي التي جعلت مني بطلاً ومبادراً بالتغطية لاذاعة (BBC) وكانت وحدها التي تنقل الخبر من السودان من موقع الحدث، فيما كان التلفزيون وقتها يبث مسلسل «زينب والعرش» وكانت الإذاعة تقدم برنامج «عيادة على الهواء»، وكان هذا تعليق الصحف ومداولات مناقشات المجلس الوطني في تلك الأيام، وكان امراً طبيعياً الا ينقل التلفزيون والاذاعة الحدث، الا بعد ان تأتيهم الاوامر والبيانات الرسمية.
> بالصدفة كنت في طريقي لنادي المريخ لحضور ندوة ثقافية، وعند مروري بكوبري شمبات من بحري لأم درمان سمعت ما يشبه صوت طائرتين في الاتجاه المعاكس من ام درمان لبحري، وفكرت قليلاً وقلت ربما هما طائرتان عسكريتان من قاعدة وادي سيدنا، وكان ذلك في حوالي الساعة السابعة و «35» دقيقة. وعند وصولي لموقف الشهداء تقريباً تلقيت اتصالاً من مدير القسم العربي بـ (BBC) الاستاذ حسن معوض يسألني عن موقعي وامكانية ان اكون في الخرطوم بحري بسرعة، وتابع قائلاً لأن الجنرال كولن باول قائد الجيش الامريكي أعلن اللحظة أنهم ضربوا موقعين للإرهاب في السودان وأفغانستان. وحدد موقع السودان في الخرطوم بحري لإنتاج الأسلحة الكيميائية.. ومملوك لأسامة بن لادن.. وانتهت معلومة حسن معوض.
> وعدت لكوبري شمبات، وبعد هبوطي وبالتحديد بمقر ما يسمي «البيت السوري» وجدت جمعاً من الناس ينظرون للسماء، فتوقفت ونظرت معهم لألسنة اللهب وقالوا بل اجمعوا ان مصنع التصنيع الحربي بكافوري قد تم ضربه.. فواصلت سيري وهنا بدأت اتصالات (BBC) معي بواسطة المذيع الكبير الاستاذ ماجد سرحان (يرحمه الله) وكان يسأل وأنا (أشيل وأجاوب) حول مصنع التصنيع الحربي، وسألني يقولون انه مملوك لاسامة بن لادن فنفيت بسرعة لا.. لا.. أسامة بن لادن مين ده مملوك لدولة.. ولجهاز الأمن ولم اكن اعرف ان هذه الاجابة ستكون مشروع علقة ساخنة في اليوم التالي.
> واصلت في حواري او ما يسمونه في (BBC) (two ways) مع المراسلين، ولكن بعد أن عبرت من اسفل كوبري كوبر ــ بري.. وتقدمت في الشارع لكافوري ظاناً انني في طريقي لمصنع التصنيع الحربي، كانت المفاجأة ان المصنع بموقعه برئ من الضرب والنيران التي تأتي من الشمال، فقلت في نفسي.. امانة ما وقع راجل.. ولكني واصلت عملي ووصلت موقع مصنع الشفاء المعتدى عليه والنيران تتسارع، واحياناً بعض المفرقعات. ولم يصل قبلي سوى الدكتور مجذوب الخليفة والي الخرطوم يرحمه الله، والدكتور نافع علي نافع وزير الزراعة وأحد الاسعافات، وساهمت في نقل مصاب كان عبارة عن أشلاء للإسعاف، وعلمت فيما بعد أنه خفير مصنع الطحنية المجاور، وبعد ذلك بدأت تصل المظاهرات، ووصل الإخوة جمال الوالي وعبد الكريم ادريس والدكتور المرحوم ادريس بابكر مدير المصنع، والاستاذة كوثر النعيم وابنها أحمد صلاح ادريس، وكان كل همي هو التغطية وتصحيح مصيبة مصنع التصنيع العسكري، وفتحنا إذاعات لندن كلها بأكثر من لغة للتغطية، وتحدث المرحوم مجذوب الخليفة والدكتور نافع، وكانت هناك أصوات المظاهرات، ولكن كل هذا لم يمنع فئة منفلتة من إحدى مظاهرات مساجد الجمعة في اليوم التالي من محاولة الاعتداء على شخصي لأنني قلت إن مصنع الشفاء تابع لجهاز الأمن، ولكن خلصني منهم ابن عمي اللواء الدكتور عبد الكريم عبد الله نائب رئيس جهاز الأمن يومها.
> ظللت اتلقى سنوياً طلباً من كليات الإعلام وأكاديمية التدريب الإعلامي لأحكي عن تجربة تغطية ضرب مصنع الشفاء بالموبايل، وكان هذا يسعدني، كما أسعدني خطاب التقدير من المدير العام بهيئة الإذاعة البريطانية السير قيمون ماكلبين والمكافأة المالية.. وكل عام وأنتم بخير.
صحيفة الانتباهة
كمال حامد
ت.إ[/JUSTIFY]