تحقيقات وتقارير

دور المغترب السودانى فى تعزيز الصورة الايجابية للوطن

عرف السودانيون الهجرة منذ زمن ليس ببعيد وساحوا في أرض الله الواسعة طلباً للعبادة والرزق وسعياً للعمل وتحسين الظروف الإقتصادية ، وبعضهم أخرجتهم أحوال السياسة وتقلباتها وكادوا أن يغطوا كل العالم بتفاوت له أسبابه الموضوعية وظروفه الحاكمة ،

وفي سبعينات القرن الماضي توسعت هجرتهم الي السعودية ودول الخليج بعد ظهور النفط واستغلاله في تلك البلاد فتدافعوا نحوها بالمناكب وشكل وجودهم ظاهرة جديدة في الحياة السودانية وكونوا مجتمع (المغتربين) وبذلك يتسع النظر وتتعدد الأطر والمفاهيم حينما يأتي الحديث عن دور المغتربين السودانين في تعزيز الصورة الإيجابية عن وطنهم السودان ،

وهم عبر تاريخهم الطويل في الإغتراب قد سجلوا علي صحائف من ذهب رصيداً من السيرة الحسنة والسمعة الطيبة التي فاقت الآفاق ، بالإضافة الي انجازات علمية ، ادارية ، تقانية ، مهنية وإجتماعية تتجاوز الحصر شخوصاً ومكاناً ومواقع في شتي بقاع الدنيا ” ويبقي رصيدهم الأكبر وإرثهم الأعظم وإسمهم الأشهر في منطقة الخليج العربي والتي ما يزال قادتها وشعوبها يحفظون لهم هذا الجميل ويكنون لهم كل التقدير.

ويمثل تعزيز الصورة الإيجابية للسودان بالخارج من قبل أبنائه المغتربين الهدف المحوري الذي تصوب نحو بلوغه ،ومن خلال الوصول الى هذا الهدف يمكن أن تبلغ أهداف أخرى تصب جميعها في خانة الصورة الايجابية للوطن والتي تتمثل في حشد طاقات أبناء السودان العاملين بالخارج تجاه القضايا الوطنية الكبرى على الأصعدة الاجتماعية ، الاقتصادية ، الثقافية ، الرياضية وكافة الأصعدة القومية

وتشكيل رأي عام وطني إيجابي لدى السودانيين العاملين بالخارج يتجاوز بهم حالات التشرذم والاستقطاب التي تبعض القضايا وتنشغل بالنوافل عن الفرائض القومية و إكتساب مزيد من التقدير من قبل حكومات ومواطني الدول المضيفة وحفزها لتقديم الدعم والمساندة المعنوية والمادية لقضايا السودان الكبرى في المحافل المختلفة

في زمن كثرت فيه المحاور والأجندة والمنظمات والتكتلات وتوفير دعومات اقتصادية ، فنية ، وإستثمارية تسهم بقدر كبير في تخفيف وطأة ضعف وعدم القدرة صمود العملة المحلية أمام العملات الأجنبية خاصةً التي تتحكم في اقتصاديات المنطقة والإقليم والعالم أجمع مع تحقيق مساندة علمية ومعرفية واسعة يحتاجها السودان في مجالات العلوم والبحوث وأدوات ووسائل الثورة التقنية التي ملأت الآفاق وايضاً توفير معينات أساسية ومتطورة في مجالات العمل الاعلامي والثقافي والشبابي النسوي والرياضي تفتقر إليها البلاد بصورة تقلل من كفاءة أداء ومخرجات برامج التدريب وبناء القدرات في تلك المجالات وغيرها .

وتفيد ( سونا ) من خلال تعاملها مع الإحصائيات الرسمية الواردة في مشروع إحصاء المغتربين الذي تقوم به إدارة الحاسوب بجهاز المغتربين فقد وجدت أنه من حيث الكثافة أو نوعية التخصص فأن منطقة الخليج العربي تستأثر بنسبة 63% من جملة المغتربين السودانيين 48% منهم حاصلون علي شهادات أولية ، 32.5% يحملون مؤهلات جامعية ، 22.5% عمال وفنيين مهرة ، ويمثل الوجود النسوي داخل هذه النسبة 37.3% ،

كما نجد أن باقي توزيعهم علي قارات أوروبا وأمريكا وآسيا يمثل فيه أصحاب الشهادات العليا والجامعية نسبة كبيرة تتجاوز 50% من جملة المغتربين أما في قارة إفريقيا فإن عوامل التداخل القبلي في دول الجوارشرقاً وغرباً وجنوباً وتداخل الحدود الجغرافية وسهولة الحركة داخلها جعلت الوجود السوداني في تلك الدول الإفريقية عصي علي الحصر ، كما أن هناك تواجداً للسودانيين في بعض الأقطار الإفريقية غير المجاورة للسودان مباشرة ، نيجيريا ، جنوب أفريقيا ، المغرب العربي .

وأشارت ذات الإحصائيات أن هناك وجود سوداني في مصر يتجاوز الثلاثة مليون لكنهم غير مدرجين في الإحصائيات الرسمية للجهاز لإرتباطهم بمصر وإقامتهم الدائمة بها في شكل جالية تكاد تكون قد ذابت في المجتمع المصري والذي تجمعه أواصر ومشتركات عديدة ، كما برز في العشرين سنة الأخيرة أو يزيد وجود سوداني في أوروبا وكندا وأمريكا وبأعداد مقدرة وتخصصات رفيعة وجد أن في بريطانيا (لندن ، ايرلندا) أكثر من ألفي طبيب بينهم استشاريون واختصاصيون ومبعوثو دراسات عليا .

هذا الوجود السوداني بانتشاره وتنوعه يمثل رصيداً وطنياً ضخماً وفاعلاً في تقديم صورة السودان بشكل المهاجر ولابد من تبادل في الرساله الإعلامية وتقيمها بالصورة التي توفر قدراً من المعلومات والأخبار التي تزيد من ولاء هذه الفئة المغتربة لوطنه وزيادة حماسها القطري والموضوعي لعكس الصورة الإيجابية بين المجتمعات التي يعيشون فيها ويتفاعلون معها .

ولتحقيق الأهداف وبلوغ تلك الغايات فى تعزيز الصورة الايجابية للوطن يقول المراقبون لابد من توفير الوسائل والمعينات التي يتوجب على الدولة تقديمها والقيام بها تجاه أبناء السودان العاملين بالخارج حتى يؤدوا رسالتهم ويعززوا الصورة الإيجابية لوطنهم ويتمثل ذلك في معالجة القضايا التي ظلت تطرح باستمرار من قبل روابط وتنظيمات السودانيين العاملين بالخارج بين الفينة والأخرى حتى أصبحت من الثوابت في كل اللقاءات والمؤتمرات والمناشط بإعتبارها حلول جذرية وعملية وتتمثل في الضرائب المفروضة على المغتربين والرسوم المختلفة في الحصول على تأشيرة الخروج و معالجة اشكالات تعليم أبناء المغتربين خاصةً فيما يلي تقييم الشهادات وفرص القبول بالجامعات السودانية و طرح مشروعات استثمارية فردية وجماعية توظف من خلالها مدخرات المغتربين وتهيئهم للعودة النهائية عبر ضمانات توفر لهم الحاجات الأساسية من فرص عمل وسكن ووسيلة نقل وغيرها من ضروريات الاستقرار النهائي بالوطن والذي يمثل حلماً ما يزال عصياً على التحقيق لمعظم غالب أبناء الوطن المغتربين

وتتضمن تلك الحلول أيضا توفير المعلومات الأساسية في مجالات الخدمات المقدمة للمغتربين عبر الوسائل الاعلامية الخاصة بجهاز المغتربين والوسائل القومية من صحف إذاعات ، قنوات فضائية ، مواقع تواصل اجتماعي ، برامج ومناشط جاليات وتمليكهم كافة المعلومات والحقائق في مختلف القضايا حتى لا يصبحوا أسرى لوسائل اعلامية أكثر قدرة على الانتشار وسهولة الخطاب وسرعته وتقديم الأشكال والقوالب الفنية الجاذبة .

اما فيما يختص بالأهداف والوسائل المرجوة والواجب تقديمها للسودانيين العاملين بالخارج حتى يكونوا على قلب رجل واحد تجاه قضايا وطنهم الكبرى وهم قادرون على تعزيز الرسالة الوطنية من خلال مقدراتهم وأوضاعهم الشخصية والخاصة وعلاقاتهم بقيادات ومراكز اتخاذ القرار بالدول التي يقيمون بها ” خاصةً تلك الدول ذات التأثير الواسع في مجريات الأحداث الإقليمية والدولية في عالم تجاوز القرية الكونية الى الغرفة الإلكترونية التي تستوعب كل إشارة وحركة بل وحتى همسة ربما تخطر على البال وتتفاعل داخل خويصة النفس .

ويرى المراقبون أنه يمكن أن تلعب تنظيمات المغتربين المختلفة من وروابط وجمعيات وجاليات مهنية ومناطقية وذوات ارتباط بمؤسسات وكيانات داخلية دوراً أساسياً وفاعلاً في تعزيز صورة السودان الايجابية الخارجية عبر برامجها ومناشطها المتعددة والتي تحتاج الى تنسيق ورعاية ودعم من الأجهزة والجهات الداخلية ذات الصلة أو عبر السفارات ، القنصليات الملحقيات الثقافية ، الاعلامية ، الاقتصادية ، العسكرية

وحتى يتحقق الهدف المحوري لذلك لابد من التنسيق بين الجهات المختلفة التي تتواصل وتتعامل مع المغتربين السودانيين والتي يمثل الجهاز المخصص لخدمتهم رأس الرمح في ذلك كله وإعلاء الأجندة الوطنية في القضايا الكلية والكبرى على أي أجندة أخرى حزبية ، فئوية ، جهادية أو إقليمية كانت مع الإحتفاظ بحق الرأي الآخر والمعارضة الإيجابية وتوحيد الخطاب الاعلامي الرسمي الموجه للخارج وحسن تقديمه عبر وسائل وتقنيات حديثة أصبحت في متناول الأفراد دعك من دولة بحالها .

تقرير: على محمد احمد