رأي ومقالات

صلاح أحمد عبدالله : ساندويتش .. شاورما.. لحم حمير..؟!!

[JUSTIFY]بعد أن قرأت خبر بيع لحوم الحمير.. في منطقة سوبا.. وأن السلطات وضعت يدها على كميات منها.. أصابني (قلق) عظيم.. فأنا من آكلي اللحوم خاصة إذا كانت العزومة (ملح).. ولذلك تجدني أحياناً حريصاً على تلبية دعوات الأعراس (فقط).. حتى أمتع نفسي وشراهتها.. رغم (القاوت).. خاصة إذا توفرت صواني (الضلع) والذي لا أتردد على طلب المزيد منه.. عند (ولائم) الأهل والأقارب.. والأصدقاء..

* حملت (قلقي) وذهبت الى المنزل.. في المساء تناولت مع (الشباب) وجبة البوش المعتادة.. مع كميات من الدكوة والبصل الأحمر.. والشطة والليمون.. واستلقيت على العنقريب الهبابي بعد نظرة سريعة الى السماء والقمر والنجوم ودعوة صامتة وحارة تعجل بالفرج لهذا الشعب الطيب.. وتعجل (بالرحيل) للذين هم دائماً على البال والخاطر..؟!!

* فجأة.. شاهدت (نفسي) في كافتيريا (الحدوة) جنوب العاصمة أتناول ساندويتشاً ضخماً به كميات من اللحوم المشوية بعناية مع قطع بصل وشطة (قبانيت) لاذعة وحارقة.. رائحة الشواء تزكم الأنف برائحة لذيذة وشهية.. التهمته سريعاً.. مع كوب عصير (برسيم) بطعم النعناع.. لفوائده الصحية.. استغربت عند دفع الثمن لرخص أسعار المحل الذي كان مزدحماً بالزبائن من الجنسين..؟!
* خرجت الى الشارع منتشياً.. بعد أن شعرت بأكلان.. وحكة خفيفة عند منطقة الأذنين.. وبرغبة شديدة جداً في الغناء.. حاولت أن أدندن بأغنية (بتتعلم من الأيام) للفنان محمد الأمين.. لأنني أحبها.. فجأة خرج صوتي الذي صار به (بحة) هي أشبه لبدايات (نهيق).. كتمت الصوت خائفاً وأنا أتلفت خشية أن يسمعني أحد.. وقررت مغادرة المنطقة برمتها عائداً الى المنزل..!!
* غريبة جداً.. شعرت بنشاط وقررت ألا أركب المواصلات.. وفجأة بدأت أجري.. وأنطط بحركات رياضية أقرب للرفس الخلفي.. وصلت الى المنزل أتصبب عرقاً.. ما زلت أشعر ببقية نشاط..!!

* وجدت شباب الحي.. يردمون بالتراب بعض بقايا برك الخريف الخضراء.. ووسط دهشة الجميع بما فيهم أبنائي انتزعت من أحدهم طورية (وقفة) متوسطة.. وصرت أجمع التراب بداخلها وأردم ما تبقى من هذه البركة النتنة.. وسط تصفيقهم وإشادتهم.. بينما كانت زوجتي وبعض نساء الحي ينظرن اليَّ نظرات ذات مغزى.. فيها كثير من معاني.. (عمك جنتر).. وقليل من التعاطف.. والعرق يتساقط .. وصل عم (حسين) العربجي يقود الكارو بواسطة حمارته (أتانه) الأنيقة.. التي وقفت فجأة رغم أنه ألهب ظهرها ببضعة سياط.. من خرطوشه الأسود.. وكأنه أحد رجال مكافحة الشغب.. إلا أنها لم تتحرك من مكانها.. وصارت تنظر تجاهي بإعجاب.. مع ظهور نصف ابتسامة من فمها.. الذي بدا لي جميلاً جداً..؟!

* فعلاً شعرت بطاقة في جسدي تدعوني للمزيد من العمل.. وسط الشباب.. ويبدو أنه قد أصابتني قوة تحمل رهيبة من هذا الساندويتش مع كوب عصير البرسيم.. وقد تبقى (الصبر) الذي سرعان ما أتى عندما نادت (المدام) أحد الأبناء لينادي أباه.. الذي هو (أنا).. ذهبت اليها وأنا أجفف عرقي.. بينما سبقتني الى داخل المنزل.. أغلقت الباب.. صارت مهتاجة.. راجل كبير زيك.. تقعد تشتغل مع الأولاد وبنشاط كمان.. يا أخي أردم الحوش الملان طين ده.. ولا شيل الأكياس دي وديها الكوشة.. يا زول أنت يوم واحد ما مشيت السوق.. ولا جيت شايل علبة صلصة.. و.. و.. كلام كتير.. الغريبة لم أثأر أبداً بهذا الهيجان الفجائي.. ترى هل هذا هو (الصبر) الذي يتكلمون عنه.. والذي تجيده طائفة (الحمير) أكثر من البني آدمين..؟!

* أم إنه الصبر على (المكاره) الذي تجيده الشعوب المغلوبة على أمرها.. عندما تدلهم بها الخطوب.. والمحن والسيول والفيضانات.. وقذارة المدن.. وقذارة النفوس القادمة من العدم.. (وصبرها) اللامحدود على فشل نخبها السياسية التي أوردت بلداً طيباً موارد الهلاك.. والتشظي والانقسام.. و… و.. الخ..؟!

* صحيت من النوم مذعوراً.. أتحسس أذناي خوفاً من أن يطولا.. ونظرت خلفي ولم أرَ ذيلاً يتمدد.. وبرغبة شديدة لم أستطع مقاومتها.. في (التبول)..!!

* ذهبت الى الحمام.. وأنا أهتف.. تحيا دنيا (الحمير) الجميلة..؟!!

صحيفة الجريدة
ت.إ[/JUSTIFY]