التجربة الحزبية .. كيف الحال؟

الحراك السياسي المحموم يشير بجلاء لحقيقة مهمة وهي أن الإنتخابات تطرق الأبواب، ويحتاج الإستعداد للإستحقاق الإنتخابي القادم للوقوف مع الذات من خلال قراءات نقدية متأنية, وهو ما فعله مجلس الوزراء بإقامة منتدى عن التجربة الحزبية السودانية ما عليه الحال وماينبغي أن يكون،
—–
بحضور د. غازي صلاح الدين مستشار رئيس الجمهورية، وكمال عبد اللطيف وزير الدولة برئاسة مجلس الوزراء وفي وجود إبراهيم محمود حامد وزير الداخلية.
لا بد من إخضاع التجربة الحزبية للتقييم والتقويم من أجل ترسيخ الديمقراطية ودولة المؤسسات هكذا أبتدر المهندس إبراهيم محمود حامد وزير الداخلية حديثه وأستطرد: أن الأحزاب تعد أهم لبنة في بناء النظام الديمقراطي ودعا لتوفير الأجواء المناسبة لنمو وإزدهار النظام الديمقراطي والتي حصرها في: قيام تنمية إقتصادية يتم خلالها توفير الإحتياجات الأساسية، نشر الوعي الديمقراطي عبر وسائل التعليم، إقامة مؤسسات مجتمع مدني وسيطة بين الدولة والشعب، إضافة لقيادة فاعلة لإدارة امور الدولة.
ومن ثم اشار إبراهيم حامد لسنة التعدد كناموس كوني قال إنه لا بد من إظهاره في مؤسسات الدولة كافة بتبني النظم التعددية وأكد ضرورة تطوير نظام ديمقراطي يتماشى وتقاليد وأعراف البلاد.
ووصف وزير الداخلية تعامل الأحزاب السياسية تجاه قبول وإدارة الخلاف بـ(العقبة الكؤود) التي تعترض مسيرة التحول الديمقراطي وقال إنه لا بد من جعل ثقافة الإعتدال ثقافة للشعب بوضع قواسم مشتركة وطنية للخروج من نفق اللون والجنس والطبقة, وبإنشاء نظام تعددي يعبر عن حركة الزمان والمكان.
وفي إستعراضه لورقة التجربة الحزبية في السودان أكد د. سالم أحمد سالم الباحث والخبير القانوني أنهم ليسوا بصدد محاكمة الأحزاب السياسية التي وصف تجربتها بالثرة والعميقة ضاربة الجذور وقال إنهم يحفظون للرواد الأوائل تحقيقهم الإستقلال وطهارة يدهم غير أنه أشار إلى ان مساعيهم تأتي في إطار محاولة الإصلاح الحزبي.
وقسّم سالم الأحزاب الى تاريخية (الإتحادي، الأمة، الشعب الديمقراطي)، عقائدية (الاحزاب الأسلامية، الشيوعي، والقومية العربية)، واحزاب إقليمية (نهضة دارفور، مؤتمر البجا)
وفي تقييمه للتجربة الحزبية قال سالم إن الأحزاب السياسية وبعد إنجاز الإستقلال والسيادة الوطنية عانت من أدواء عديدة: الصراعات والمكايدات وإغفال الجوانب الحياتية للمواطن، إتسام الأداء الحزبي بغياب المؤسسية، القداسة السياسية لقادة بعض الأحزاب، الإنقلابات العسكرية التي عطلت النمو الطبيعي للتجربة الديمقراطية، تبني النظام البرلماني في بيئة محلية غارقة في التخلف وإتخاذه أي النظام البرلماني- وسيلة لإقصاء الآخرين (دكتاتورية مدنية) وقال سالم بأن النظام الرئاسي هو الترياق لمشاكل التعدد والإختلاف، إقتصار إطروحات الأحزاب على الوصول للسلطة وخلو وعطب برامجها بالإضافة لإرتفاع الصوت الجهوي والقبلي.
ومن ثم قدم مولانا محمد بشارة دوسة مسجل شؤون الأحزاب ورقته التي تناولت السمات الأساسية لقانون الأحزاب لسنة (2007) وفيما شدد دوسة على أن حق التنظيم السياسي حق مكفول للجميع عاد وقال إنه من الضروري تقنين هذا الحق بوضع قانون ينظمه.
وقال دوسة إن أول محاولة لتقنين العمل السياسي كانت بإقتراح الإتحادي إقامة قانون ينظم الممارسة السياسية وقد جاء قانون التوالي السياسي كأول خطوة حقيقية في هذا الدرب ومن ثم توالت المسيرة بقانون سنة (2001) وصولاً لقانون (2007).
وأوضح مولانا دوسة أنه وبعكس ما كان يرشح في وسائل الإعلام فإن إحتجاج الأحزاب التاريخية على القانون كان من باب أنه ساوى بين الأحزاب القديمة والجديدة وهو الأمر الذي تمت معالجته بجعل التأسيس فقرة والتسجيل فقرة أخرى.
وعدد دوسة شروط تأسيس الأحزاب في: أن يكون الحزب مفتوحاً لكل السودانيين، إعمال الديمقراطية والشفافية في كل الأنشطة، أن يكون تمويل الحزب بصورة مشروعة يقرها القانون، قيام مؤتمر تأسيسي بحضور (500) شخص كحد ادنى وإتفاقهم على دستور وبرامج عمل، النأي عن التشكيلات العسكرية، عدم إثارة النعرات القبلية والجهوية، إتخاذ إسم وشعار للحزب لا يسبب اللبس للناخب، حفظ الأوراق والمستندات وإتاحتها للجميع بإعتبارها حقاً عاماً.
وفيما أكد دوسة ان قرارات المجلس ملزمة للأحزاب عاد وأوضح ان القانون ذاته- كفل للأحزاب حق التظلم للجهات الأعلى كما أشار الى أن القانون حفظ لدور الأحزاب حقها في الحصانة ومن ثم شدد دوسة على ضرورة أن تنال الأحزاب السياسية فرصاً متساوية في وسائل الإعلام.
اللقاء إنتهى بقطع وعد بمعاودة النقاشات في فرصة قريبة وبدعوة من وزير الداخلية لوضع ميثاق شرف حزبي يتضمن الثوابت والحقوق التي تعلى الشأن الوطني ولو على حساب الحزب.
مقداد خالد :الراي العام