الصادق الرزيقي

في انتظار التعديل الوزاري!!

[JUSTIFY]
في انتظار التعديل الوزاري!!

تكثر التصريحات والتسريبات والأخبار المصنوعة، كلما أبدت قيادة الدولة والحكومة الرغبة في إجراء تعديلات وزارية وإعادة توزيع وتخصيص حقائبها، وكثير من الذي يُنشر في الصحف من أخبار وتكهنات وتخمينات ليس من اجتهادات الصحافيين واستقصاءاتهم ونتائج بحثهم المضني عن المعلومات الحقيقية، فهناك أرتال من الساسة ومن تذوقوا طعم الاستوزار ومن انتظروه بفارغ الصبر والجلد في الترقب، يقومون بتسريب المعلومات ويطلقون بالونات الاختبار ويجتهدون في تلوين الأخبار وصناعتها، بغرض وضع أسمائهم على لوحة الإعلانات السياسية والتذكير بأسمائهم، لعل مركب التعديل القادم المفرد أشرعته يشملهم ويكونون من ركاب هذا القطار السريع!!
ونظرة بسيطة لأية أخبار وتقارير تنشرها الصحف هذه الأيام، لا تبعث أي عناء في معرفة من تتطاول رقابهم وينصبون الأفخاخ ويهيئون الطريق لأنفسهم ويتسارعون للوقوف تحت مساقط الأضواء.. وقد ظهرت فنون كثيرة لدى السياسيين وبعض المسؤولين في الطريقة والكيفية التي يحدث بها ارتشاح المعلومات والأنباء حول التعديلات الغارقة في طين الكهانة والغباء.
كثير منهم إما أن يسلك مسلكاً مباشراً في جلسة عامة أو مناسبة اجتماعية أو عبر حديث جانبي مع صحافي أو راوٍ من رواة الأخبار أو عبر اتصال هاتفي، يسر لمحدثه بأخبار مهمة سمعها من مصدر رفيع أو تهامس بها مع قيادي بارز تفيد أنه سيحدث كذا وكذا.. ويشير إلى نفسه إشارات دون تصريح يفهم منها أنه هو المقصود.. وقد يلجأ لطرف ثالث وغالباً ما يكون أحد أعوانه أو العاملين معه أو أصدقائه ليتكفل بواجب التسريب الخبري ويقبع هو في الظل في انتظار نضوج الثمار.. محدقاً في رهو الرياح والسراب.
والأغرب من هذا الصنف من المترقبين، ذلك الذي يغالبه الوهم ويمتلكه الظن، فيبذل جهداً خارقاً في الاتصالات والتواصل مع كل الأطراف ومظان ومصادر الأخبار، بحثاً عن معلومة صغيرة تحتوي على دالة أو إشارة خفيفة الشعاع خفيضة الصوت تشير إليه، وربما لأن البعرة تدل على البعير، فإن البعض من هؤلاء يفسر على هواه كل معلومة تلتقطها أذنه ويخادع نفسه ويمنيها بما تهوى، فإن ذُكر اسم مفرد بأنه سيكون في التشكيل الوزاري، حسب نفسه أنه المعني، وإن حملت الأخبار جهته ومنطقته وقبيلته أطبق راحتيه على خفقان قلبه وتمرغ في جمر الانتظار أو أحرَّ منه.
أما من هم في مقاعد الوزارة ولا يريدون مغادرتها مع اقتراب التغييرات الوزارية، فإنهم بلا شك لهم طرائق قدداً في التشبث، وتنشط عندهم وتلوح خصائص البقاء، وينشطون في كل الملفات ويملأون الساحة ضجيجاً وصخباً، ويكثرون من الظهور أمام قيادة الدولة وبين ناظري صاحب القرار، ويختلقون المناسبات ويتحينون الفرص لجذب الأضواء ويقتربون من واجهة الأحداث، ويتحدثون بمناسبة وبغيرها في كل شيء وبأي شيء، ولا يفوتون مناسبة اجتماعية إلا وكانوا كالشامة في مقدمتها وجبينها.. ويتصالحون مع المغاضبين ويتواصلون مع المقاطعين والمنسيين من أرحامهم وأصدقائهم ومعارفهم، تراهم خفافاً وثقالاً في آن واحد في مواقع الفزع والطمع ..
ولذلك فإن التغييرات الوزارية مناسبة لخروج الطواويس السياسية الملونة من أوكارها ومنتجاعاتها، ونظرة بسيطة لبيوت كبار مسؤولي الدولة وزوارها هذه الأيام والاجتماعات التي تعقد في أروقة الحكم أو الأحزاب المشاركة في الحكومة بما فيها المؤتمر الوطني، تكفي لمعرفة لم التزاحم وعرض الأزياء السياسي اليومي والتداعي على قصعة الحلم الممكن المستحيل.
وسبب هذه الضجة الكبرى وتجلياتها في الصحف وأحاديث المدينة ووسائط الإعلام، أن السياسة فقدت خطام بعيرها، وانعدمت معاييرها الضابطة لحركتها والتزاماتها، فقد علم طالبو الاستوزار عن يقين راسخ، أن مقيدات الاختيار ولوازمه قد ذهبت مع الريح، فإما أن يكون الطريق إلى ذلك استمزاجاً شخصياً أو عصبية مناطقية وقبلية أو تحيزاً عاطفياً أو وفاءً لجميل ودين معلق في العنق أو مصالح مرسلة لا فكاك منها ولا مناص!! وتلك طامة السياسة الكبرى التي تجدَّر منها جلد تجاربنا في الحكم وتكدَّر فضاء العمل العام العريض.

[/JUSTIFY]

أما قبل – الصادق الرزيقي
صحيفة الإنتباهة