منى سلمان
زربتك بالنبي..!!
من الطف ما سمعت من صيغ التحليف التي كنت أكثر من استخدامها حتى صارت لازمة من لوازمي، وما ذلك إلا لانبهاري بالمعنى الذي ترمز اليها وهي صيغة:
(زربتك بالنبي)!!
ولطفها يأتي من جمال الصورة التي ترمز اليها كلمة (زربتك) .. فالزريبة والزرب تعني الاحاطة بسياج من الحطب والقش ومعنى المصطلح أو صيغة الحليفة هي:
انني احيطك بمعزة النبي عليه الصلاة والسلام فلا تستطيع الفكاك منها أو رفض ما اطلبه منك.
وتستعمل الحليفة للدلالة على المعزة والاهتمام فعندما تقيم احداهن دعوة على طعام فعليها الاكثار من الخصيم والعزومة على المدعوات للأكل و(عليك الله كان ما اكلتي .. والنبي ضوقي ده) من الضرورات الحتمية في الدعوات والعزايم، لان البعض من أمهاتنا وحبوباتنا لا يمكن أن يمدددن ايديهن للاكل بدون حليفة، وغالبا ما يقمن (بتشنيف) صاحبة الدعوة قائلات:
بري يا يمه .. رمت لينا الاكل هي ساكته وخشوما عندها … لا عليكم الله ..ولا النبي فيكم …التقول خايفانا ناكل الاكل كلو!!
اما اذا اعتذرت في احدى الدعوات عن التحلية أو عجلت بالخروج، فلابد للمضيفة ان تطاردك حتى الباب بـ:
هي يايمة القطاعة ..اكان ما ضقتي الحلو!!
جمعتني ترتيبات الجلوس للغداء مع صاحبة الدعوة على نفس الصينية بالصدفة، فكانت تقوم بادخال يدها داخل صحن الملاح لاخراج قطع اللحم وتوزيعها على الموجودات حول الصينية وهي تقول لكل واحدة منا:
خصمتك بالنبي كان ما ضقتي اللحمة .. لحمة المفروكة طاعمة والله.
وقبل ان تمتد الأيدي للضواقه تكون يد ابنتها الجالسة معنا على نفس الصينية، قد اسرعت بخطف قطع اللحم الموزعة واعادتها الى صحن الملاح مرة أخرى وتزجر امها قائلة:
عليك الله يمه… بطلي حركات التخلف بتاعتك دي.. العاوز ليهو لحمة ما يشيله براهو!!
ومن ناحية اخرى فهناك تهديد بالويل والثبور لمن لا تعز الحليفة وتستجيب لها، فتحكي النسوة عن من اصابها العمى أو الشلل (اتكسرت عشان ما عزت الحليفة) كما يتداولون قصة الحاجة التي نوت السفر للحج بالباخرة، ولكن الباخرة توقفت في منتصف البحر ورفضت العبور حتى ميناء جدة وبسؤال احد الصالحين من ركاب السفينة، افتى بان السبب هو وجود امرأة على السفينة لا يرغب الرسول (ص) في رؤيتها لانها لا تعزه في الحلف ولا تستجيب للحليفة !!
ولذلك نجد ان اشد صيغ التحليف سرعتا في الاستجابةاً هي:
عزي النبي..أو عزي الرسول يافلانة..
فلا يمكن التخارج من الحليفة إلا بالتحايل على الحلف ورده بالقول:
النبي عزيز وبلدو بعيد.
أو كما كنا نقول في الطفولة:
الله يعزو والكافر في النار بلزو
أو باستعمال تكتيك خير وسيلة للدفاع الهجوم فتبادر الواحدة بالقول،
عليك النبي كان تحلفيني .. اعفي لي عليك الله..
اما الحلف في عالم الرجال فينحصر في مصطلحات محدودة غالباً ما يكون المهدد فيها النساء و(علي بالطلاق …حرم…وعلي القسم.. وعلى اليمين) من اشهر صيغ الحلف التي يتبرع بها الرجال دون مراعاة لما قد يترتب على تلك الحلايف من تبعات، ففي السوق وفي العزايم وحتى في الكوتشينة والضمنة يكون الفيصل في الخلاف طلاقات وحرامات (ماتديك الدرب).
0 كان حاج الماحي يجلس امام باب البيت ويضع امامه صينية الشاي عندما مر من امامه جاره حاج الطيب ود اب شوره، وبعد السلام عزم حاج الماحي على حاج الطيب على كباية شاي وهو يقول:
اتفضل اشرب معاي الشاي يا حاج.
اجابه الحاج: والله مابقدر..قبل شوية شارب لي كباية!!
صب حاج الماحي الكباية وهو يقول:
حرم ما بتسوي ليك شيء… علي الطلاق كان تشربا!
ولكن حاج الطيب اصر على الاعتذار وهو يقول:
والله ما بتنفعني ياحاج انت ماعارف المصران بيتعبني!!
عفا عنه الحاج وودعه ولكن في داخل الحوش حيث كانت حاجة الرضية زوجة حاج الماحي تسمع الحوار، اسرعت بلبس ثوبها وخرجت للحاج قائلة:
اجي ياحاج .. داير تطلقني في كباية شاي؟!! اديني الكباية دي جاي!!
ثم انطلقت بها لبيت جارتها زوجة حاج الطيب وقالت لها:
شوفي ياحاجة…انا الكلام الاعوج مابنفع معاي..دحين خلي حاج الطيب اليشرب الكباية دي… ما بتسوي ليهو حاجة ولا كمان دايرني آخر زماني يطلقوني فوق كباية شاي .. والله ياهو!!
لطائف – صحيفة حكايات
munasalman2@yahoo.com[/ALIGN][/frame]