صلاح أحمد عبدالله : الثعلب.. The fox
* في صغره.. كان يحب السيطرة على الرفقاء الصغار.. وأن ينصب نفسه أميراً عليهم.. كرة الشراب كان يصنعها.. ويختار من يلعب معه.. ويحرم من يريد.. في مرحلة الشباب كان يختار ملابسه بعناية.. البنطلون الشارلستون.. وقمصان ماركة (تحرمني منك).. والخُلال والخنفسة.. والفنلة الشبكة.. والجزمة الرومانية (البوز).. وعطر (٤٤٤) المميز..!!
* كان (يقدل) في شوارع القرية.. ثم (الحي) العاصمي إبان انتقالهم هناك.. (قدلة) من يرى أن كل (فتاة) لابد أن تقع صريعة هواه.. أكمل دراسته الجامعية ولم يجد من ترضي غروره.. كان منفوشاً (كديك).. مزهواً دائماً كطاووس..؟!
* عبر البحر.. وسافر إلى بلاد بعيدة.. في حمى سنوات الاغتراب تلك.. بعد عدة سنوات (عاد).. شكله تغير.. الكرش برزت قليلاً.. نبتت شعيرات سوداء لامعة تحت ذقنه العريض.. كان شديد العناية بها.. (الجبهة) العريضة أيضاً كانت تتوسطها بقعة سوداء.. تسمى (زبيبة).. وهي دلالة عند بعضهم على شدة الورع والتقوى.. الملابس في منتهى الأناقة ودائماً بها رائحة عطر وبخور مسك.. بيده اليمنى (مسبحة) صغيرة (تكر) حباتها بحركة رتيبة دائمة..!!
* المنزل.. في ذلك الحي الشعبي البسيط.. تحول الى فيلا واسعة ذات طوابق متعددة.. تقف أمام بوابته الرئيسية دائماً ثلاث سيارات فارهة من أحدث موديلات السنة.. دائماً نظيفة.. لامعة.. وهي بعدد (الزوجات) الصغيرات اللائي يقبعن بالداخل.. قليلات المشاهدة من قبل الجيران ومعظم السكان.. سوى في الليالي (المقمرة) حيث تنبعث رائحة (دخان) عطري من أحد الطوابق تنتشر في شارع الحي الرئيس.. حيث يتضاحك السكان بخبث ويحددون الهدف..!
* علاقاته الاجتماعية بالسكان.. محدودة.. في مناسبات محدودة حيث يتعمد أن يحضر متأخراً ليكون محطاً للأنظار.. ويضع في (يد) صاحب المناسبة ظرفاً متخماً بأوراق (نقد) جديدة.. تجعل صاحب المناسبة.. واسع الابتسام حتى لو كانت المناسبة حزينة.. ثم ينصرف تلحقه نظرات إعجاب من البعض.. واستفهام من بعض آخر وسخرية من الذين لا يعجبهم العجب.. ولا الصيام في بلاد مثل (عجبستان)..!!
* لم يعرف له أحد (وظيفة).. أو مقراً دائماً لشركة أو تجارة.. سوى بضعة عربات فاخرة.. وفارهة تقف أمام منزله كل فترة وأخرى.. ودائماً في الأمسيات ينزل منها (رجال) وسيمين على شاكلة بنفس الشعيرات الأنيقة اللاعمعة أسفل الذقن.. وتلك الزبيبة السوداء التي تتوسط (الجباه).. يدخلون.. ويخرجون بعد عدة ساعات يحملون حقائب سوداء صغيرة.. (عبده) الميكانيكي يحلف أنها حقائب أموال مثل التي كان يشاهدها في أفلام جيمس (بوند)..!!
* وتمر السنوات.. ويعود إلى الحي القديم (بخيت) ود حاجة سكينة الدلالية.. لقد كان هناك في بلاد الاغتراب عبر البحر.. في نفس المدينة.. وعلى نفس الساحل الطويل.. الذي أمامه الجبال.. وخلفه الرمال.. ويتهامس مع أصدقائه أن (الثعلب).. من أشهر (رجال) التهريب هناك.. دوخ شرطة تلك البلاد وأمنها.. كان يهرب بضائع.. دون جمارك أو رسوم.. سلاح.. مخدرات.. بشر.. دخولاً إلى هناك.. وخروجاً إلى دول أخرى..!!.. وتفرغ مؤخراً كما يقول (بخيت) ود حاجة سكينة إلى تجارة السلاح.. الذي أشعل بعض دول المنطقة.. يساعده في ذلك كما يقسم (بخيت) بإيمان مغلطة.. يساعده بعض الكبار في عجبستان..!!
* وتمر سنوات أُخر.. وتنتشر المباني والعمارات.. وناطحات السحاب بتلك الأبراج المميزة.. في أماكن مميزة.. ذات أثمان غالية.. ويصبح (الثعلب) من كبار (أثرياء) عجبستان.. والكواكب المجاورة.. يساعده (فريق) من كبار المتعاونين..
* ويدور همس سياسي.. بأنه مرشح لمنصب سياسي هام.. ويقولون إنه سيقبل بالمنصب.. إذا وافقوا له على (فريق) المعاونين أن يكون معه..
* وكان.. يا ما كان.. في بلاد عجبستان.. وتوتة توتة.. خلصت الحدوتة..!!!
صحيفة الجريدة
ت.إ[/JUSTIFY]